|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  9  / 12   / 2009                                 زكي رضا                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

قليلا من الكرامة قليلا من الحياء يا دعاة المحاصصة

زكي رضا
(موقع الناس) 

يوم اسود جديد ، يضاف الى ايام سود مضت ، وايام سود قادمة . فنحن شعب لا يعرف من الالوان الا الاسود ، منذ ان لف الحزن كلكامش على رفيقه انكيدو ، الى ان سال دم الحسين في كربلاء . ووصولا الى قادسية العار البعثية العبثية ، حيث بسببها لف السواد العراق والى يومنا هذا .

ان ما جرى امس في بغداد من انفجارات دامية ، لم يكن الاول ولن يكون الاخير . والتبريرات التي ساقها ساسة العراق الجدد سابقا ، لن تختلف بشيء عن تبريرات اليوم ، ولن تختلف قطعا عن تبريراتهم اللاحقة في يوم دموي اخر قادم لامحالة . طالما بقيت العملية السياسية ، اسيرة محاصصة طائفية لعينة ، صبغت العراق بالوان طائفية قومية قاتمة . وطالما بقيت مرجعيات القوى السياسية المتنفذة ، هي عواصم دول الجوار . في عملية شد حبل لا تنتهي ، الا بتعديل الدستور واقرار قانون انتخابي عادل . يحقق المساواة بين ابناء الوطن الواحد ، ويشيع روح المواطنة والامل بدلا عن الطائفية والقومية والمناطقية والعشائرية .

ان ما يثير العجب عند المتابع للاوضاع السياسية في العراق ، هو ان العديد من ( الساسة ) يصرحون ليس في مجالسهم الخاصة فقط ، بل في وسائل الاعلام ايضا . من ان السبب الرئيسي للعديد من المشاكل التي يعاني منها الوطن ، هي المحاصصة الطائفية القومية البغيضة . ومن خلال هذا المفهوم صرح السيد نصار الربيعي النائب عن الكتلة الصدرية ، والتي هي جزء من ائتلاف الخمسات الثلاثة المقدسة الحاكمة اليوم !!! . والائتلاف الشيعي الطائفي الجديد بزعامة عمار الحكيم لوكالة ايبا على ( ان نظام المحاصصة عامل اعاقة لبناء وتقدم الدولة العراقية مشيرا الى ان هذا النظام مغطى دستوريا ، والدستور الحالي أصبح معيق لبناء دولة عصرية ) .

ولاننا متفقون مع كل ما جاء به السيد نصار من رؤى وافكار في تصريحه هذا ، ولاننا عراقيون ويهمنا استقرار الاوضاع الامنية في البلد مثلما يهمه ( على ما يبدو ) . فهل يسمح لنا السيد نصار من ان نسأله عن السبب ، الذي جعل كتلته الصدرية وكتلة رساليون المنتمية اليهم والذين يمتلكون مجتمعين 32 مقعدا برلمانيا . من تمرير قانون الانتخابات الذي يكرس الطائفية . وهل كان السيد نصار موجودا تحت قبة البرلمان ، عندما كان السيد بهاء الاعرجي رئيس كتلته النيابية ورئيس اللجنة القانونية !! في البرلمان المحاصصاتي (هذا ما قاله السيد نصار) . يتصرف وبقية الاسلاميين وكأنهم رؤساء عصابات ، يصولون ويجولون في البرلمان العراقي وكأنه اقطاعية ورثوها عن ولي الفقيه في قم ، ام ماذا ؟ ولماذا صوّت السيد نصار ورهطه على قانون انتخابي ، يكرس الطائفية التي يشتكي منها ؟ وهل سيأتي السيد نصار بعد اربع سنوات اخرى ليقول لنا ، من ان المحاصصة الطائفية هي عامل اعاقة بناء العراق ؟

ولم يبتعد السيد محمود عثمان النائب عن التحالف الكردستاني ، في تصريح له حول الانفجارات الاخيرة عن ما قاله زميله السيد نصار . عندما حدد مسؤولية الخرق الامني بالمحاصصة السياسية في البلد ، وحمل الكتل الكبيرة كامل المسؤولية بسبب انعدام الثقة فيما بينها . وكأن المحاصصة هي وليدة اليوم ، وان السيد محمود عثمان لم يكن جزءا في بناء نظام الدولة على اساس محاصصاتي . على الرغم من ان السيد عثمان يعرف جيدا مساويء المحاصصة ونظام ( الفيفتي فيفتي ) ، الذي اضر كثيرا ولسنوات طويلة بالعملية السياسية في كردستان العراق ، ودفع من خلالها الشعب الكردي دماء الالاف من ابنائه .

ايها السادة ان برلمانكم المحاصصاتي هذا مثلما تقولون انتم ، هو الذي صوّت لهذه الحكومة التي يقودها اسلامي ، هو السيد رئيس الوزراء نوري المالكي . الذي استوزر بدوره ( او بدور المحاصصة ) ، وزراء كابينته ومنهم وزرائه الامنيون على اساس طائفي وقومي . وغدا سيقوم برلمانكم الموقر بمساءلة رئيس الوزراء ووزير داخليته ، على خلفية تفجيرات الثلاثاء الدامي . ولن تكون نتائج الاستجواب مختلفة عن نتائج استجوابات سابقة ، فالنتيجة واحدة ومعروفة سلفا . وهي اعادة التفاهمات بين الكتل البرلمانية الكبيرة ، على تحميل مجرمي البعث والارهابيين القادمين من خلف الحدود ( دون الاشارة الى هذه الحدود ) . مسؤولية ما جرى ويجري على الرغم ، من ان المحاصصة تعتبر وكما قالا السيدان هي العامل الرئيسي في عدم استقرار الاوضاع في البلد . وفي حالة زوال نظام المحاصصة ، فأن الاوضاع الامنية في البلد ستسير نحو الاستقرار . لتبدأ بعدها مرحلة الاعمار والذي يقول السيد نصار من انها لا تبدأ ، ما دام هناك نظام محاصصة .

والوقت ليس متأخرا ايها السادة ، في اثبات حسن نواياكم تجاه البلد والشعب والعملية السياسية برمتها . في ان تسمحوا للكردي في البصرة ان يمنح صوته لمن يمثله في السليمانية مثلا ، وللعربي في اربيل لمن يمثله في العمارة او الرمادي . وللعلماني والديموقراطي في الموصل ، لمن يمثله في بغداد مثلاً وهكذا مع باقي مكونات شعبنا ، وذلك في اعتبار العراق دائرة انتخابية واحدة ، وان تكفوا اياديكم عن سرقة اصوات الاخرين .

ولكي ينتقد اي مسؤول نفسه وحزبه ، ويحملهما وزر دماء العراقيين ومستقبلهم المظلم . فأنه يحتاج الى حياء وكرامة ، فهل لديكم يا ساسة العراق الجدد قليلا منهما ؟ سؤال سيعرف شعبنا اجابته بعد حين .

 

الدنمارك
9 / 12 / 2009
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter