|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  7  / 6  / 2009                                 زكي رضا                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

حلم عراقي مرعب في الدنمارك

زكي رضا
(موقع الناس) 

استيقظت صباح اليوم على اصوات اجراس الكنائس الخمس ,( اربع منها بروتستانتية والخامسة للكاثوليك ) في المدينة التي اعيش فيها جنوب العاصمة كوبنهاكن , وهي تقرع اجراسها بشدة , وكانت اصوات الناس في المواكب التي ملأت المدينة , تسمع بوضوح على الرغم من انني اسكن في طرف المدينة الجنوبي , وفي الاحرى اعيش على تخومها , وعلى الرغم من ان الاصوات كانت متداخلة , الا ان الاذن كانت تستطيع ان تميز بينها بوضوح , فالاصوات لم تكن نتيجة الضوضاء , وخصوصا من ان اليوم هو يوم الاحد , وجميع محال ومؤسسات المدينة عدا المهمة منها مغلقة تقريبا , بل كانت اصوات صادرة من حناجر الالاف من البشر, الذين شكلوا مواكب طويلة وهم يتوجهون الى مراكز الانتخابات , لانتخاب ممثليهم الى البرلمان الاوربي , ولما كنت من الذين يحق لهم التصويت في هذه الانتخابات , لانني لست مواطنا مع وقف التنفيذ كما انا في بلدي العراق , ولما كان ساعي البريد قد وضع قسيمة الانتخاب في صندوق بريدي قبل اكثر من اسبوع , فانني تهيأت للذهاب الى المركز الانتخابي في منطقة سكني , واثناء تناولي لفطوري وانا اتمتع بقهوة الصباح مشاهدا التلفزيون الدنماركي , لمست مدى حرص الحكومة الدنماركية على الترويج لقائمة الحزب الحاكم فيها دون القوائم الاخرى .

وما ان وصلت الى قرب المركز الانتخابي , حتى فوجئت بالمئات من الناخبين يعودون ادراجهم , وهم يشتمون اللجنة المسؤولة عن الانتخابات , وذلك لعدم وجود اسمائهم في سجلات الناخبين على الرغم من انهم يحملون البطاقة الانتخابية , وخصوصا في المراكز التي فيها اغلبية للحزب الحاكم هنا , والذي لا يملك الشعبية في مدينتي , وهذ ما جعل الفار - يركص - بعبي فترددت قليلا في الاستمرار بالسير الى المركز الانتخابي , ولكن بعد نقاش قصير مع نفسي قررت الذهاب مفوضا امري للجبار المتعال .

وما ان وصلت الى بناية المركز الانتخابي , وهو عبارة عن مدرسة ابتدائية مختلطة , فصل للتو فيها الذكور عن الاناث , حتى هالني الموقف , حيث رأيت العشرات من القساوسة وهم يخطبون في الناس , ويعضوهم ويذكرونهم بجهنم ذات السعير , وضرورة انتخاب قائمة اليسوع ابن الرب وهي قائمة الحزب الحاكم , والا فان جميع العلاقات الزوجية تعتبر غير شرعية , وانهم سيحرمون من الصلاة في القداس الاعظم خلف المسيح عند ظهوره . ولم يكن الحبر الاعظم بابا الفاتيكان بعيدا عن هذه الحملة الانتخابية , حيث وزع وكلاؤه فتاواه وهي تبارك الحزب الحاكم ورجالاته , طالبة من السائرين على دربها انتخابهم على الرغم من كل سيئاتهم , لان انتخابهم هو من مشيئة الرب . وقبل ان ادخل الى المركز الانتخابي ,,,,,,, شعرت بزوجتي توقضني من النوم لتناول الفطور والذهاب الى المركز الانتخابي بصحبة الاولاد ، خصوصا وان الاجواء اليوم مشمسة , فأنتفضت كمن لسعته افعى مقبلا اياها , اذن فالامر لا يعدو حلما ولكنه في الحقيقة كان حلما مرعبا , خصوصا وان الانتخابات كانت كما عهدتها سابقا شفافة وحيادية وهادئة .


7 /6 /2009
الدنمارك
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter