|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  7 / 2 / 2021                                 زكي رضا                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

المشاركة في الإنتخابات تعني عدم سماع قرقعة السلاح ..!!

زكي رضا
(موقع الناس) 

أنّ وصف الجهة التي هاجمت مقر الحزب الشيوعي العراقي بالنجف من أنّها عصابة خارجة عن القانون، يُعتبر وصفا ساذجا وغير دقيقا بالمرّة. فهذه العصابة ودون عناء البحث عن أي مسمى لها كونها ومثيلاتها يمارسون الجريمة المنظمة منذ الإحتلال لليوم، ليست خارجة عن القانون رغم كونها عصابة. فالعصابات الشيعية وعلى عكس العصابات السنيّة تحمل كل الصفات القانونية وهي تمارس عمليات القتل والخطف والتهديد والإبتزاز، كونها ممثّلة بالبرلمان والحكومة ولها الكلمة العليا في القوّات المسلّحة العراقيّة. لذا فأنّ مهاجمة مقار الشيوعيين العراقيين في مختلف المحافظات وآخرها مدينة النجف، هي بالحقيقة إرهاب دولة وليس إرهاب عصابات. كون الدولة العراقية نفسها هي دولة عصابات شرعنها الإحتلال والخطاب الديني العشائري، ولا تمارس سلطتها كدولة تحترم وطنها وشعبها وفق القانون.

لقد أصدرت محليّة النجف للحزب الشيوعي العراقي بعد مهاجمة مقرّها من قبل خفافيش الظلام وفي ظلّ صمت حكومي وبرلماني "مريب" بيانا دانت فيه الهجوم وإستنكرته، كما أصدر المكتب السياسي للحزب بيانا أعتبر فيه الهجوم جريمة آثمة. وبغضّ النظر عن البيانين واللذين سنعود الى أهمّ ما جاء فيهما بعد قليل، فأنّ مهاجمة مقار الشيوعيين في هذا التوقيت تحديدا ليس بالأمر الغريب لثلاثة أسباب. أولّهما إصطفاف الحزب ولو بشكل متأخر للمنتفضين، وإنحيازه العلني عبر صحافته وبياناته ولقاءاته للجماهير المنتفضة وسعيهم للتغيير المنشود، وثانيهما هي تغريدات مقتدى الصدر وهو يهيأ عصاباته لضرب الشيوعيين والعلمانيين والديموقراطيين، بعد إتّهاماته للشيوعيين بالخيانة، ولا نعرف ما هي الخيانة التي أقدم عليها الشيوعيون في عراق حوّله الصدر وغيره من زعماء العصابات والمافيات الى مسرح للجريمة والموت والفساد!؟ وثالثهما هو إننا في شهر شباط، وعادة ما تعتبر القوى الفاشية والظلامية هذا الشهر وشهر آذار الذي يليه موسما لمهاجمة الحزب الشيوعي العراق والنَيل منه.

كمقدمّة واجبة لإجراء الإنتخابات القادمة كما جاء في بيان محليّة النجف هو مطالبتها " بضرورة حصر السلاح بيد الدولة وتفعيل قانون الأحزاب النافذ وضبط الأمن". أمّا بيان المكتب السياسي للحزب فقد ربط الهجوم الغادر والآثم على مقرّ الحزب بالنجف قائلا "ويأتي الإعتداء المستنكر الجديد عشيّة بدء التحضيرات للإنتخابات البرلمانية، التّي كنّا وما زلنا نريد أن تجري في أجواء آمنة سلميّة، بعيدا عن قرقعة السلاح والضغط والإكراه وإغراءات المال السياسي وشراء الذمم والأصوات"، على الرغم من عدم إشارة البيانيين والحزب يعدّ العدّة لمشاركتة في الإنتخابات القادمة الى القانون الإنتخابي المهزلة، ولا الى المفوضيّة غير المستقلّة للإنتخابات، ولا الى دور القوّة القضائية التي تصطف دوما مع حيتان الفساد وعصاباتها، ولا الى دور رجال الدين والعشائر في التحشيد العشائري الطائفي، وغيرها من الشروط كون صيغة البيانيين وتوقيتهما لا يتحملّان كل هذه التفاصيل.

لكنّ ما جاء في بياني محلتي النجف والمكتب السياسي للحزب الشيوعي عموما، وموقفهما من التفجير الآثم والغادر والجبان لمقر محليّة النجف وشروط إجراء إنتخابات عادلة ونزيهة تنال ثقة الشارع كتلك التي جاء ذكرها بالبيانيين، هو قراءة صحيحة ومنطقية وعقلانية لنجاح الإنتخابات في ترسيخ العملية "الديموقراطية" التي تتراجع بشكل مخيف يوم بعد آخر. وعلى الحزب أن يضع مواقفه هذه ومزاج الشارع العراقي والتشرينيين وقواعد وجماهير الحزب وهو يتهيأ لخوض الإنتخابات القادمة أمام عينيه ويدرسها بعناية. وهذا يعني أن يعيد الحزب حسابته وهو يتهيأ لخوض الإنتخابات وإنتظار ما يتحقق من مطالبه التي جاء بها البيانين على الأقل. خصوصا وأنّ الحزب إستعاد البعض من ثقة قواعده والرأي العام، بعد إعلان خروجه العلني من تحالف سائرون الكارثي، وإصطفافه الى جانب الجماهير المنتفضة، وجرأة خطابه الإعلامي لحدود معقولة وفق المناخ السياسي وهو ينتقد بشدّة الفساد والقائمين عليه ويطالب بمحاكمة قتلة المتظاهرين المعروفين للجماهير وسلطة العصابة.

أن تضبط الدولة مثلما جاء بيان محليّة الحزب بالنجف الأمن وتحصر السلاح بيدها مطلب لن يتحقّق مطلقّا ، فأمن الميليشيات والعصابات والمافيات وقوى الفساد مؤمّنة، والسلاح بيدها فعلا، كون الدولة اساسا هي دولة ميليشيات وعصابات وتمتلك السلاح بقوّة القانون.

إن كانت هناك قوى سياسية حقيقية بالعراق ويهمّها مستقبل وطننا وشعبنا، فعليها أن توقف مقتدى الصدر النرجسي والقاتل و المهووس بالسلطة من الوصول الى مبتغاه في زعامة البلاد، وجعله يفكر الف مرّة في مسعاه وهو يجرّ بلادنا الى الفوضى والدمار. فنجاح هذا العصابچي لن يشكّل خطرا على ما تسمى بالعمليّة السياسية على علاتها فقط، بل ستكون بوّابة لدمار وطننا وتخلّف شعبنا وإبتعاده عن ركب الحضارة والتمدّن لعقود طويلة..

المشاركة في الإنتخابات تعني عدم سماع قرقعة السلاح .. لكنني هنا وفي منفاي الدنماركي أسمع هذه القرقعة بوضوح .


 

 

الدنمارك
7/2/2021

 





 











 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter