|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  4  / 4 / 2017                                 زكي رضا                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

واشنطن تطلق نكتة من العيار الثقيل

زكي رضا
(موقع الناس) 

أن يكون العراق في مقدمة الدول الأكثر فسادا بالعالم فأنه أمر لا يحتاج الى مؤسسات دولية لقياس الشفافية ولا إلى "روحه للقاضي" مثل ما يقول المثل البغدادي، "فالجوز معدود والجراب مسدود" كما يقول أهلنا في أمثالهم. فبمجرد إلقاء نظرة بسيطة على مداخيل العراق النفطية كوننا لا نمتلك غيرها بأعتبارنا من أكثر بلدان العالم المعتمدة على الأقتصاد الريعي خلال سنوات ما بعد الأحتلال الأمريكي لليوم، نستطيع أن نؤشر وبوضوح الى حجم الفساد والسرقة التي تقوم بها قوى المحاصصة الطائفية القومية، وذلك من خلال الكم الهائل للخراب الذي يضرب جميع القطاعات الأنتاجية وزيادة مستوى البطالة والفقر.

الّا أن واشنطن التي جلبت لنا التغيير "الديموقراطي" تأبى ونحن على أعتاب العام الرابع عشر في أن تترك هذه المناسبة دون مشاركة فاعلة منها في توجيه "ديموقراطيتنا" الى حيث مصالح شركاتها وحلفائها، لتوعز لسفيرها في بغداد "دوغلاس سيليمان" في إطلاق نكتة من العيار الثقيل بعد إحتلال العراق "كالعادة" المرتبة 166 من أصل 176 بقائمة الدول الأكثر فسادا بالعالم. والنكتة هي "أنّ واشنطن ستساعد رئيس لوزراء حيدر العبادي على محاربة الفساد في البلد"، وأنها أي واشنطن ستساعد العبادي عن طريق "وحدة الإصلاح الأقتصادي"، ومشيرا في جانب آخر من حديثه الى وسائل الأعلام الى أنّ "العراق يجب ان يحارب الفاسدين ووضع قوانين شفافة لتقليل الفساد".

لو كانت واشنطن وهي أحد أكبر الرعاة في أدارة ما تسمى بالعملية السياسية بالعراق جادّة في أرساء نظام ديموقراطي حقيقي وغير فاسد بالعراق كي يكون نموذجا يحتذى به بالمنطقة والعالم كما روّجت إبّان أحتلالها لبلدنا، لكانت قد تبنت خطة أشبه بمشروع مارشال لبناء العراق الذي فرضت عليه الحصار المدمر لما يقارب الأثنتي عشرة سنة، ودكّت مدنه ودمّرت بناه التحتية. وأقول أشبه بمشروع مارشال لأن العراق بثرواته كان قادرا على النهوض من جديد وأعادة دورته الأقتصادية دون الحاجة لمشروع ضخم كمشروع مارشال ولا الى قروض كبيرة أو سنوات طويلة من الأنتظار. فالعراق كان بحاجة بالحقيقة الى ما هو أهم بكثير من "مشروع مارشال" و "ديموقراطية الطوائف والقوميات" التي جاء لنا بها مندوبها السامي "بريمر"، هذا الأمر المهم وكما أثبتت أحداث 14 عاما من الفساد والقتل والتدمير وأنعدام الثقة بين مكونات شعبنا لم يكن سوى الدستور الأعرج.

فواشنطن لو كانت جادة كما أسلفنا في بناء تجربة ديموقراطية بالعراق لكانت بعثت رجلا كالجنرال "دوغلاس ماكارثر" الذي أشرف على كتابة الدستور الياباني بعد الحرب العالمية الثانية الى البلد بدلا عن الكارثة "بريمر". ليشرف على كتابة دستور عراقي يأخذ بنظر الأعتبار الخصوصية العراقية المتنوعة، لا أن تترك الأمر للأحزاب الدينية ومراجع الدين، الذين ساهموا في كتابة دستور يعتبر حقل ألغام لكثرة المتناقضات التي تقع بين دفّتيه.

أنّ وحدة الأصلاح التي تطرق اليها السفير الأمريكي خلال لقاءه مع وسائل الأعلام لن تقوم الا بأصلاح سياسي وبدوره فأن الأصلاح السياسي هذا لا يأتي والمحاصصة هي التي تمثل المشهد السياسي البائس وما جرّته من ويلات على شعبنا ووطننا. كما وأنّ الأصلاح السياسي لا يتم الا بأعادة النظر في العديد من القوانين والتشريعات والتي بدورها لا تأتي الا بأعادة النظر بالدستور أولا. كما وأن الفساد سيبقى مستمرا بشكل شرس كون القوى الحاكمة التي تمتلك السلطة والقانون والميليشيات لن تسنّ قوانين للحد من الفساد، كونها جزء أساس من حالة الفساد بالبلد.

ويبدو أنّ السيد العبادي هو الآخر يحب إطلاق نكت من العيار الثقيل، كما المالكي الذي حدد 100 يوم كفترة للأنتهاء من الأصلاحات بالعام 2011 ، أو الشهرستاني الذي تعهد بتصدير الكهرباء لدول الجوار، أذ قال "العبادي" في وقت سابق من العام الماضي، أنّ العام 2016 سيكون عام القضاء على الفساد وإذا به يصطدم في الثلث الأول من العام الجديد بـ "نعالات" عديلة، التي أكّدت وعلى خلاف ما جاء به العبادي من أنّ الفساد له دين ومذهب وطائفة وأحزاب وميليشيات ومراجع دينية .

 

الدنمارك
5/4/2017


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter