|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  31  / 1 / 2015                                 زكي رضا                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

هيومن رايتش ووتش بين البعث والاحزاب الشيعية الحاكمة

زكي رضا 

ككل عام منذ تأسيسها في العام 1978 قامت منظمة "هيومن رايتش ووتش" وترجمتها العربية هي "مراقبة حقوق الانسان" بأصدار تقريرها العالمي رقم 25 والذي ضمّ 656 صفحة غطّت مراجعتها لواقع حقوق الانسان في 90 دولة من ضمنها العراق.

ولو تابعنا التقارير الصادرة عن هذه المنظمة خلال السنوات الماضية لرأينا أنها لا تتناول فقط واقع حقوق الانسان في البلدان الدكتاتورية والمضطربة سياسيا أو أمنيا نتيجة الحروب الداخلية ، بل تجاوزتها الى طبيعة احترام هذه الحقوق والتعامل معها وفق القوانين الدولية في بلدان متقدمة ومستقرة كالولايات المتحدة الامريكية التي طالبت المنظمة إدارتها بالكف عن التعذيب غير المبرر لمعتقلي "غوانتانامو" وبعبارات شديدة كقولها (إن أنتهاكات الوكالة "سي. آي. أيه" كانت أشد وحشية ومنهجية وأوسع نطاقاً مما أظهرته تقارير سابقة، وأن العديد من أساليب الاستجواب في الوكالة تجاوزت حتى ما صرّحت به وزارة العدل). وللمنظمة تقارير واضحة وشفّافة من تلك التي تعبّر فيها عن قلقها المستمر لأضطهاد الفلسطينيين من قبل السلطات الأسرائيلية، وما تقوم به حركة حماس من تجاوزات على حد سواء.

إن تقرير المنظمة الجديد حول الواقع المأساوي لحقوق الانسان في العراق للعام 2014 لم يكتفي بحقل معين كما العديد من الدول بل أمتد ليشمل عنف السلطة وميليشياتها كعصابات عصائب أهل الحق وفيلق بدر وحزب الله وتشكيلات "الحشد الشعبي الطائفية" وعنف المنظمات الارهابية ودمويتها كعنف تنظيم "داعش الارهابي" أضافة لعنف المجموعات السنية المسلحة كالبعثيين والنقشبنديين وجيش المجاهدين والجيش الاسلامي ومجموعات مقاتلي العشائر . أضافة الى حقل قمع حرية التعبير والتجمع الدستوريتين والتضييق على الاعلام والصحافة وقتل الصحفيين وأنتهاك حقوق المرأة المستمر والعمل على أقرار القانون الجعفري الذي سيقلص حقوق المرأة في الميراث والحضانة، أضافة الى ما يعانيه النازحين من أضطهاد مبرمج من قبل السلطة الحاكمة.

أننا هنا لا نريد الوقوف على ما جاء به تقرير المنظمة حول الواقع المزري لحقوق الانسان بالعراق في ظل سلطة المحاصصة ودور الميليشيات الحكومية "شيعية" أو مثيلاتها السنّية في حملات التطهير الطائفي، بل الوقوف على موقف السلطة والاحزاب الشيعية وميليشياتها والمؤسسة الدينية من هكذا تقارير تنشرها منظمات دولية غير حكومية ومنها منظمة " هيومن رايتش ووتش" ومنظمة "العفو الدولية"، ومقارنتها بموقف نظام البعث المجرم من هذه المنظمات والتقارير التي كانت تنشرها حول العراق حينها.

لو عدنا الى سنوات حكم البعث السوداء لرأينا أن ذلك النظام الدموي وأقلامه كانوا دوما يصفون تقارير هذه المنظمات حول سوء الاوضاع بالعراق كونها جزء من دعاية غربية ، الهدف منها النيل من العراق وشعبه على حد تعبيرهم ، ونفس تلك التقارير كانت أوراقا رابحة للمعارضة العراقية حينها ، ومنها الاحزاب الشيعية الحاكمة اليوم ، لمخاطبة الرأي العام العالمي والاوربي على وجه الخصوص حول همجية البعث ودمويته وضرورة مساندة هذه الدول لقوى المعارضة من اجل الاسراع بقبر ذلك النظام الدموي وأنقاذ الشعب العراقي "ليس الشيعة لوحدهم" من براثن آلته الهمجية.

لكننا اليوم نصطدم بواقع شبيه بواقع البعث المجرم وأقلامه من هذه المنظمات ولكن عن طريق الاحزاب الشيعية الحاكمة وأقلامها هذه المرّة، فجميع تقارير منظمات حقوق الانسان والعفو الدولية حول أنتهاكات الحكومة العراقية وميليشياتها لحقوق الانسان ومساهمتها بحملات التطهير الطائفي غير حيادية وهدفها تشويه النظام "الديموقراطي" بالبلد!! فما هو الفرق إذن بين البعث وأقلامه والاحزاب الشيعية وأقلامها من هذه المنظمات وتقاريرها؟

على الحكومة العراقية أن تعترف بتقصيرها في مجال حقوق الأنسان أضافة الى مساهمتها الفعّالة في جرائم قتل طائفية أنتقاما لجرائم طائفية تقوم بها منظمات اخرى بعد أن فشلت بالسيطرة على ميليشيات طائفية كفيلق بدر وعصابات عصائب أهل الحق وحزب الله والجيش الشيعي الطائفي "الحشد الشعبي" الذي تأسس بأوامر من المرجعية الشيعية بالنجف الاشرف، عن طريق تشكيل لجان تحقيق محايدة للوقوف على تجاوزات هذه الميليشيات. أن تجاوزات هذه الميليشيات ومساهمتها في حملات التطهير الطائفي لحماية حزام بغداد غير مقبولة مطلقا حتّى وإن تمّت بعيدا عن انظار الجيش ، لكن المعضلة الكبيرة هي أن الجيش الذي يقاتل كتفا لكتف مع هذه الميليشيات الطائفية لا تبدر من قياداته الميدانية من ضباط ومراتب أية ردة فعل على مماراساتها الطائفية.

أن المرجعية الشيعية التي تتدخل بالشأن السياسي بشكل مستمر مما يزيد من الشرخ الطائفي كونها لم ولن تستطيع أن تمثل سنّة العراق لاسباب مذهبية ، طالبت عن طريق خطيب جمعة كربلاء ووكيل السيد السيستاني في المدينة الشيعية المقدسّة "السيد أحمد الصافي" بمعاقبة عناصر ميليشياوية شيعية أعدمت عشرات السنّة، ناسيا أن القوى الميليشياوية ومنها "الحشد الشعبي الشيعي" والتي تم تشكيلها بفتوى الجهاد الكفائي هي قوى منفلتة من عقالها، وتعمل على اساس الانتقام والانتقام المضاد وساهمت اضافة الى عمليات القتل بعمليات نهب واسعة وعدم السماح لأهالي البلدات والقرى التي تم تطهيرها من دنس تنظيم "داعش" بالعودة الى مناطقهم بحجج مختلفة من اجل انشاء جيوب طائفية بحتة وخصوصا في محافظة ديالى المختلطة عرقيا ومذهبيا.

أن الاحزاب الشيعية التي في السلطة اليوم لا تختلف وهي تعزز العنف المجتمعي عن طريق ميليشياتها وفشلها في بناء نظام مؤسساتي بعد أنهيار سلطة البعث ومساهمتها في زرع الحقد والبغضاء بين ابناء البلد وتهديدها للقيم الاجتماعية والاخلاقية للمجتمع ، بشيء عن البعث الذي كان سبّاقا ومن اجل بقاءه في السلطة في هذا المضمار في هدم العراق وضياع شعبه وثرواته.


ولا تزر وازرة وزر أخرى ... "قرآن كريم"

 

الدنمارك
31/1/2015


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter