|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  29  / 12  / 2010                                 زكي رضا                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

هل الجامعات والمعاهد العراقية مركزا لاشاعة الميوعة ؟

زكي رضا
(موقع الناس) 

يقول المثل العربي ان المصائب لا تأتي فرادى ، اما في العراق فأن الكوارث على ما يبدو لا تأتي فرادى . وموسم الكوارث التي سيأخذ السيد المالكي وأعضاء حكومته (على الاقل الشيعة منهم ) على عاتقهم تنفيذها ( بعد ان نفذ قسما منها خلال وزارته السابقة ) ، بدأ مشواره بزيارة الرجل الثاني في حزب الدعوة الحاكم ، والوزير الجديد للتعليم العالي ( مدير مدرسة الصدر في طهران سابقا ) السيد علي الاديب الى النجف الاشرف ، لعرض خطط ومشوار حقيبته الوزارية على المرجعية الرشيدة ، التي طلبت منه بشخص المرجع الشيعي بشير النجفي بوضع حد ( لثقافة الاختلاط والميوعة في الجامعات العراقية ) ، مضيفا اي النجفي ( هناك اجندات خارجية تريد النيل من طلبة الجامعات بنشر ثقافة الاختلاط والميوعة لابعادهم عن اجواء طلب العلم والتقدم ) . وهنا يكون المرجع الشيعي هذا ، قد وضعنا في حيص بيص في فهمنا للغة العربية ، على الرغم من مشاركتي واياه باعجميتنا ( حيث كلانا من غير العرب ولا نحمل الجنسية العراقية ) . اذ يطالب وزير التعليم بوضع حد لثقافة الاختلاط ، وهذا يعني ان هناك اختلاط بين الجنسين في المعاهد والجامعات العراقية اليوم . ولان هذا الاختلاط مخالف للدين والمذهب ، ولان الوزير والنعمة في ذلك وفضله الى الله المتعال مسلم ومذهبي ( طائفي ) . فعليه ( الوزير ) ان يستمع الى قول المرجعية وينفذ مطلبها ، بوضع حد لهذا الكفر المبين ، عن طريق فصل ناقصات العقل والدين ، اللواتي بسببهن يفقد الرجل عقله . اذ جاء في الحديث ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الحازم من احداكن ) ، " أي أذهب لعقل الرجل المحترز " (*).

ويستمر بشير النجفي في حديثه ليقول ، ان هناك اجندات خارجية تعمل على نشر ثقافة الاختلاط والميوعة . وهذا يعني حسب فهمي المتواضع والبسيط للغة العربية ، ان الاختلاط غير موجود اليوم ، ولم يكن جزءا من الثقافة الجامعية العراقية ، منذ تأسيس اول معهد عالي خلال النصف الاول من القرن الماضي لليوم . وان جهات معادية للاسلام والمذهب ، تعمل اليوم على ارساء هذه الثقافة الخطرة على المرأة العراقية ، لانها ستجعلها ( مائعة ) وقد تنزلق لا سامح الله في ذلك ، الى سوق الرذيلة والمتعة الجسدية . والتي لا مكان لها في عراق اليوم !! حيث الملايين من ارامل العراق ، محترمات مصونات في بيوتهن ، وتصل لهن رواتب الاعانة الاجتماعية ، بعد توجيهات السيد بشير النجفي القيمة والابوية للحكومة ، والتي طبقتها منذ سبع سنوات !! .

ولا ينسى السيد بشير النجفي في خضم حديثه ، باطلاق تهديد خطير سوف يطال النساء العراقيات ، عن طريق لجان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر . التي قد تتشكل لاحقا من اتباع وانصار القوى الدينية ، وبمباركة المرجعية ومجالس المحافظات ( بشكل دوريات يا ثار الله للرجال ويا زهراء للنساء كما في ايران ) ، عندما يؤكد للأديب على ان ( وزارة التعليم يجب ان تأخذ بعين الاعتبار الحزم لتزكية واحترام الركائز الاساسية لطلب العلم ، وحفظ الجنبة الدينية التي هي جزء لا يتجزأ من طبيعة المجتمع العراقي ) . وهذا يعتبر تحريضا على العنف تجاه المرأة العراقية ، لان الحزم هنا يأتي بمعنى الشدة ، عندها اكد الاديب للسيد النجفي ( ان وزارته ستكون جادة لأخذ وصايا المرجعية النيرة بعين الاعتبار ) . وهذا الجد يعني ان قرار الفصل بين الطلبة في الجامعات والمعاهد العراقية ولاول مرة في تاريخ العراق ، قد اصبح جاهزا للتنفيذ عند عودة الوزير من النجف الى بغداد . ليضاف هذا القرار الى قرار وزارة التربية بالغاء مادتي المسرح والموسيقى في معهد الفنون الجميلة ابتداءا من العام 2011 .

وهنا اود ان اسأل السيد النجفي والوزير الهمام ، سؤالا بريئا حول نساء العراق ، اللواتي تخرجن من الجامعات والمعاهد العراقية خلال اكثر من سبعين عاما ، هو عمر ولوج الفتاة والمرأة العراقية للمدارس والمعاهد والجامعات . لتتبوأ بعد تخرجها مختلف الوظائف والمناصب العليا في البلد ، ولتخدم مجتمعها ووطنها . وتنافس من خلاله الرجل العراقي بل أحتلت مكانه ، عندما كان هذا الرجل وقودا لحروب البعث الفاشي . هل كن تلك النساء وهن يتخرجن من جامعات محترمة ، كان لها ثقلها ورصيدها العلمي على مستوى العالم وليس المنطقة ( مائعات ) ؟ وهل كان الفساد والميوعة منتشرة بينهن ؟ وهل زوجات واخوات وبنات اعضاء الاحزاب الاسلامية ، اللواتي انهين دراساتهن ويحملن اليوم شهادات تلك الجامعات والمعاهد يمتازن بالميوعة وسوء الادب ؟ وهنا لا اعني اللواتي والذين يحملون شهادات مزورة ، من التي باركتها الحكومة وغضت المرجعية الرشيدة المهتمة بالعلم النظر  عنها !! وهل سيفتي علماء الشيعة الاجلاء ، بعد نجاحهم بفصل الاناث عن الذكور لا سامح شعبنا بذلك ( وسيسامح لغياب العقل والقوى الديموقراطية عن الساحة ) بفصل الجنسين في المستشفيات والعمل والاسواق ووسائط النقل .

ان كل ممارسات الاسلام السياسي تشير الى ردة مخيفة ، على صعيد التراجع عن ما كفله الدستور من حريات ، والطريق سيكون سالكا لانشاء محميات دينية طائفية ، اذا لم تبادر القوى الديموقراطية على مؤازرة بعضها البعض ، للوقوف بوجه هذه الردة السوداء التي أخذ حزب الدعوة الاسلامية على عاتقه تنفيذها ، كعربون لأيران التي اعطت الضوء الأخضر للصدر ، كي يطلب من تياره التصويت للمالكي ليكون على رأس الوزارة العراقية .

ايتها البرلمانيات العراقيات ، ايتها المنظمات النسوية ، الكرة الان في ملعبكن ، كي تضعن حدا لهذه الممارسات التي تنتقص من شخصيتكن ، والتي بدأت بعدم منحكن مقاعد وزارية من تلك التي كفلها لكن الدستور ، وبالتنسيق مع الاحزاب والمنظمات الديموقراطية ومنظمات المجتمع المدني ، والشخصيات الديموقراطية من غير اولئك الذين يعبدون هبل المنطقة الخضراء ، على انه رجل المرحلة .

وانهي مقالتي بابيات من قصيدة (الرجعيون) للشاعر الكبير الجواهري وكأنها قد نظمت اليوم  :

ستبقى طويلا هذه الازمات .......... اذا لم تقصر من عمرها الصدمات
اذا لم ينلها مصلحون بواسل .......... جريئون فيما يدعون كفاة
سيبقى طويلا يحمل الشعب مكرها .......... مساوئ من قد ابقت الفترات
ألم تر ان الشعب جل حقوقه .......... هي اليوم للأفراد ممتلكات
مشت كل جارات العراق طموحة .......... سراعا ، وقامت دونه العقبات
ومن عجب أن الذين تكفلوا .......... بأنقاذ اهليه هم العثرات
غدا يمنع الفتيان ان يتعلموا .......... كما اليوم ظلما تمنع الفتيات
وما أدعي أن التهور صالح .......... متى ما صلحت للناهض النزوات
ولكن ارجي ان تقوم جريئة .......... لصد أكف الهادمين بناة
أريد اكفا موجعات خفيفة ......... عليها – متى ماشاءت – اللطمات
وما النقد بالمرضي نفوسا ضعيفة .......... تهد قواها هذه الحملات
وهبني ما صلّت علي معاشر ......... تباع وتشرى منهم الصلوات
وأن يغضب الغاوين فضح معاشر ......... هم اليوم فيه قادة وهداة
فما كان الدين ، لولا ادعاؤهم .......... لتمتاز فيه الطبقات
أتجبى ملايين لفرد ، وحوله .......... ألوف حلت عليهم الصدقات ؟
وأعجب منها أنهم ينكرونها .......... عليهم ، وهم لو ينصفون جباة
ولو كان حكم عادل لتهدمت .......... على أهلها هاتيكم الشرفات
تحَكَمّ بأسم الدين كل مذَمم .......... ومرتكب حلت به الشبهات
وما الدين الا آلة يشهرونها .......... الى غرض يقضونه ، واداة
وخلفهم الاسباط تترى ، ومنهم .......... لصوص ، ومنهم لاطة وزناة
فهل قضت الاديان أن لا تذيعها .......... على الناس الا هذه النكرات


(*)
لسان العرب لابن منظور
 


الدنمارك
29 / 12 / 2010


 


 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter