|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  27  / 11 / 2015                                 زكي رضا                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

هل ستدعو المرجعية الزوار بالتوجه للخضراء بعد الزيارة؟

زكي رضا
(موقع الناس) 

لقد أكّدت المرجعية الدينية بالنجف الأشرف مرار على أن الفساد هو الوجه الآخر للإرهاب وبالتالي فإن المعركة ضد الفساد لا تختلف بشيء عن المعركة ضد الإرهاب. وقد أثبتت كل الأحداث التي تمر بالبلد على صحّة هذا الموقف الذي لم تكن المرجعية الدينية هي الوحيدة بالوصول إليه، بل سبقها الكثيرون من قوى مدنية وأحزاب ومثقفين وكتّاب من الذّين تهمّهم مصلحة بلادهم وشعبهم ويعملون جاهدين على إنهاء الأوضاع الإستثنائية التي وصلت الى مديات تهدد وحدة البلاد ومستقبلها. ولكن والحق يقال فإن أصوات هذه القوى والأحزاب ونتيجة لهيمنة الخطاب الديني الطائفي على المشهد السياسي رجحت صوت المرجعية الدينية بالنجف الأشرف على أية أصوات أخرى، فهذه المرجعية هي التي ساهمت مساهمة فعّالة في كتابة دستور طائفي مريض كان ولا يزال السبب الأساسي في كل هذا الخراب الذي نعيشه، كما وأنها كانت سببا أساسيا من جملة أسباب في هيمنة الاحزاب الطائفية الشيعية على السلطة بعد مباركتها لقوائمها الأنتخابية في أوّل إنتخابات "ديموقراطية" جرت بالبلد وما جنته هذه الأحزاب نتيجة فسادها وسرقتها للمال العام من إمتيازات وأموال طائلة أشترت بها ذمم الناخبين في الإنتخابات التي تلتها والتي بعدها بتوزيعها ما خفّ حمله ورخص ثمنه للناخبين الّذين ساروا على نهج المرجعية في تأييدهم لهؤلاء الساسة اللصوص.

هنا قد يقول البعض من أن المرجعية الدينية لا سلطة لها على المواطن الشيعي ولا على القرار السياسي وأن دورها يقتصر على الرشد والنصيحة، فهل ما يقوله هذا البعض له أساس من الصحةّ!؟ أن توجه الطبقة السياسية الحاكمة الى المرجعية وزيارتها بالنجف الأشرف في كل منعطف سياسي يثبت بما لا يشوبه الشك من إن للمرجعية دورا واضحا ومركزيا في بلد يراد له أن يسير بخطى مدروسة نحو الأسلمة، وللتاريخ فأن هناك قوى أخرى تقف على الضفّة المقابلة تعمل دوما على زجّ أسم المرجعية ومطالبتها في أن تتخذ موقفا يتوائم وحاجة الناس ومن هذه القوى من مدني وديموقراطي بل وحتّى يساري ، وبذلك فأن هذه القوى تقف من حيث تدري ولا تدري الى جانب الأستراتيجية بعيدة المدى لأسلمة المجتمع التي تعمل قوى الأسلام السياسي على جعله أمرا واقعا في بلد يئن من سياسة المحاصصة والأرهاب والفساد!

لقد طالب اليوم الجمعة " 27/11/2015" خطيب جمعة كربلاء وممثل المرجعية في خطبته من الصحن الحسيني المقاتلين " الجيش والحشد الشعبي والشرطة وغيرهم" بعدم تركهم لمواقعهم على جبهات القتال ضد عصابات داعش الإرهابية للتوجه للزيارة الأربعينية، وأننا نجزم هنا من أن هذا الموقف هو عين الصواب وهو ما نحتاجه فعلا في هذه الأيام العصيبة والتي نتمنى أن تنتهي بأنتصار قواتنا المسلحة على هذه العصابات الهمجية. لكن طلب المرجعية هنا لا يحتمل الّا إحتمالان لا ثالث لهما، أولهما أن لا تصغي هذه القوات أو الغالبية منها الى هذا النداء العقلاني وتترك مواقعها لتشارك جموع الزائرين في أربعينية الأمام الحسين، وهنا يكون كل ما ذكرناه عن تدخل المرجعية بالشأن السياسي وأنصياع الجماهير لها أضغاث أحلام وليس لها ما يثبتها على أرض الواقع. أو، وهو الأحتمال الثاني أن تلتزم هذه القوات بنداء المرجعية وتبقى مرابطة على خطوط القتال ضد عصابات داعش، وهذا الاحتمال يعني أن ما أستنتجناه من سيطرة المرجعية على الشارع وتحريكه لصالح قوى تزكّيها هو أمر صحيح وهذا ما رأيناه ولمسناه منذ الاحتلال لليوم.

ولأن الأحتمال الثاني هو الأقرب للواقع، ولأن الفساد هو الوجه الآخر للإرهاب، ولأن الجماهير الواعية من شعبنا هي التي تتظاهر أسبوعيا ومنذ ما يقارب الأربعة أشهر ضد هذا الفساد. فلماذا لا تقوم المرجعية الدينية وهي التي وقفت الى جانب المتظاهرين ومطالبهم بمحاربة الفساد كما تدّعي بتوجيه الجماهير المليونية التي تتقاطر على مدينة كربلاء هذه الأيام بالتوجه الى بغداد لمشاركة أبناء شعبنا في تظاهراتهم بعد أنتهاء الزيارة، هل هناك فرصة أفضل لتحشيد هذه الأعداد المليونية والمتضررة من سياسات الحكومة في جميع الملفّات لمثل هذه الفعّالية؟ أن ألتزام الجماهير بنداء المرجعية وتحركها لبغداد يعني أن للمرجعية ثقلا حقيقيا على الناس، وعدم توجه هذه الجماهير لندائها تشير الى أن لا دور ملموس للمرجعية وهذا يدفعنا للمطالبة من السياسيين على الأقل من غير سياسيي الاحزاب الاسلامية بالكف عن أقحام أسم المرجعية بكل شاردة وواردة في المشهد السياسي. كما وان عدم أصدار مثل هذا النداء " توجه المتظاهرين نحو بغداد" تعني أن موقف المرجعية في محاربة الفساد أمر مشكوك فيه.

السيد السيستاني، أن الإمام علي بن أبي طالب يصف معاوية بن أبي سفيان في مواقع عدّة من نهج البلاغة على أنه "معاوية" (من أهل المكر والغدر، وأولي الجور والظلم، وأَكَلَةِ الرشا، المشترين الغادر الفاسق بأموال الناس، الذين سفهوا الحق وأختاروا الباطل، والذين لو ولّو الناس لأظهروا فيهم الغضب والفخر والتسلط والجبروت والفساد في الأرض)، وقسما بدموع أيتام العراق وثكالاه وجوع الفقراء وأموالنا المنهوبة ووطننا المستباح، أن ساسة الخضراء مكّارون غدّارون جاروا ويجيرون على الناس وأنهم لذوي ظلم عظيم، آكلة الرشا من الذين أشتروا الفاسقين الغادرين بأموال الأيتام والفقراء، لقد ولّوا علينا بفتواكم وها هي بلادنا تمور بالفساد والظلم والطغيان.

شر الناس إمام جائر ضَلّ وضُلّ به " الإمام علي"


الدنمارك
27/11/2015



 









 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter