|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  24  / 12 / 2016                                 زكي رضا                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

أمنيات لن تتحقق بالعراق في العام القادم

زكي رضا
(موقع الناس) 

من غير الطبيعي ولا من المعقول بل ومن الغباء بالأحرى أن يجزم إمرُؤ ما بتحقيق أمرا معينا في وقت ما. ففريق لكرة القدم يمتلك أمهر لاعبي العالم على سبيل المثال قد يخسر بطولة ما لكثرة إصابات لاعبيه المهرة، ومصنع سيّارات يتعهد مثلا بإنتاج عدد معيّن من السيّارات خلال فصل ما ، ترى أنّ أخطاءا تقنية غير متوقعّة أو إضرابات عمّالية عند عمّاله قد تؤخر سقف إنتاجه الذي رسمته له إدارتها. أمّا في عالم السياسة فمن الغباء تحديد موعد لسقوط أو إنهيار نظام سياسي معيّن خلال فصل ما كأن يكون الشتاء أو الصيف القادم أو الذي يليه لتغيّر الظروف الذاتية والموضوعية التي تحدد هذا الإنهيار بين عشّية وضحاها. أمّا الأمنية فهي رغبة مرجوّة ومطلب يتمنّاه الإنسان ويشتهيه وينتظر حدوثه دون أن يخطّط له بجدّية بل ينتظر الصدفة لتحقيقها ولكن تبقى نسبة حصولها " الصدفة" لتحقيق تلك الأمنية قائمة وإن كانت بنسب متدنية.

فالذي يلعب لعبة اللوتو الأوربية ويتمنى الفوز ببطاقتها الأولى تبقى قائمة على الرغم من أن نسبة فوزه بالجائزة الأولى تكون واحد الى 150 مليون في بعض الأسابيع لأن هناك شخص ما يجب أن يفوز بها وقد يكون هو! والمسافر على قدمية في الصحراء عطشانا يتمنى أن تمطر السماء ليرتوي الّا أن الصدفة قد تبعث في طريقه قافلة من البدو في ذلك المكان المقفر لشّحة السماء بالمطر فيرتوي من مائهم. وتبقى هناك أمورا وأمنيات لا يستطيع الإنسان الجزم بتحقيقها بالعراق على الرغم من غبائها كونها أشبه بالمستحيل ، إن لم تكن المستحيل بعينه.

فأن تكفّ الأيادي المتوضئة من عمائم وأفندية ومعهم أقطاب ضلعي المحاصصة الآخَرَين من نهب المال العام خلال العام القادم تعتبر أمنية مستحيلة، وأن تسود دولة القانون في العراق بقوانين تهدف الى إنهاء حكم العصابات المسلّحة أي الميليشيات وتحجيم دور العشائر المخزي ومنع تدخّل المؤسسة الدينية بالشأن السياسي يعتبر أمرا أصعب من المستحيل ، لأن القوى المهيمنة على السلطة تعتاش على هذا الثالوث غير المقدّس " ميليشيا – عشائر – عمامة". وأن ينتهي الفساد والرشوة في مؤسسات الدولة والذي حوّل العراق الى أكثر الدول فشلا بالعالم فأنها كأمنية أن تعيش الأسماك على اليابسة وتذهب الى المدارس!! وأن تُعاد الحياة الى مزارعنا وبساتيننا ومصانعنا ومعاملنا من قبل حرامية بغداد لنتخلص من ألإقتصاد الريعي، فأنها كأمنية أهل مَيْت نحره داعشي مجرم وفجّر جثّته ثم حرقها ونثرها بالبحر ليحتار حتّى الّذي خلقها في جمعها وهي رميم. وأن تكون المدارس والجامعات ورياض الأطفال أكثر عددا من الجوامع والحسينيات فهي أمنية حتّى الشيطان ومعه كل أبالسة الأرض لا يحلمون ولا في نومهم بتحقيقها، كونهم أصبحوا مسلمين ويصلّون فيها ليل نهار بعد أن أصبحوا من روّادها الدائميين، لأنّهم فيها فقط يستطيعون أن يوسوسوا في صدور المسؤولين الذين فاقوا هؤلاء الشياطين بكيفية إلحاق أكبر الأذى بالوطن والناس بعد أن زاملوهم.

كثيرة هي الأمنيات التي لن تتحقق ببلادنا في العام القادم ، ويبقى أملي وأمل نسبة قليلة من العراقيين مقارنة مع سطوة القطيع في تغيير الخارطة السياسية بعدم إنتخاب القتلة واللصوص والفاسدين والمرتشين وبيّاعي الوطن في الإنتخابات القادمة، كأمنية رجل دين بأن تكون الأرض مستوية وتكفّ عن الدوران.

لقد كانت أمنية فقراء بلدي أن يجدوا الرز في بطاقتهم التموينية التي سرقتها سلطة العمائم "غير" المجرمة وقلصتها الى ثلث ما كانت عليه عهد البعث المجرم وقللّت من أوزانها، فتحققت أمنيتهم برز هندي فاسد أستورده الفاسدون بشكل مقصود لتسميم أبناء شعبنا وفقا لتصريحات نائب برلماني. فهل هناك أمل في أن يغيّر المتضررين من الرز الفاسد شكل الخارطة السياسية وينزلوا الى ساحات وشوارع التحرير في مختلف مناطق العراق لتغيير واقعهم وواقع وطنهم المزري لما فيه خير أجيالهم القادمة، أم سينتصر اللصوص من جديد لأنهم من طائفة معينّة؟

من له أمنية تغيير مستخدمي الرز الفاسد من ولائهم الطائفي أو القومي من أجل مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم في الإنتخابات القادمة دون أن يتقدّم بجرأة ليقودهم بشجاعة، ومنتقدا سلطات الفساد دون خوف أو مجاملة فاضحا ما يسمّى بالعملية السياسية التي أثبتت هزالها ولصوصيتها ورسمها خارطة طريق شيطانية لتمزيق بلدنا وشعبنا فإنّه أكثر من متفائل. أمّا شخصيا فإنني فأعتذر للراحل أميل حبيبي المتشائل لأعلن تشاؤمي من أي تغيير بالعام القادم، منتظرا نهايته لأعلن عن أمنياتي القادمة.

من يبني آماله على الأوهام يجدها تتحقق في الأحلام " شارل بودلير"


الدنمارك
24/12/2016



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter