| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الثلاثاء 18 / 3 / 2008 زكي رضا كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
المصالحة الوطنية .. هل من جديد ؟
زكي رضا
(موقع الناس)
(معا لوحدة القوى الوطنية لتحقيق الامن والاعمار واستكمال السيادة) تحت هذا الشعار سيعقد اليوم ، وليومين متتالين المؤتمر الوطني الثاني للقوى السياسية العراقية في بغداد . وقد انعقدت بين المؤتمرين ، اجتماعات عديدة ومكثفة ، في الاردن وبيروت واماكن اخرى . بين اطراف سياسية نافذة ، في الحكومة العراقية ، والحكومة نفسها مع العديد من القوى السياسية ، التي تعارض العملية السياسية الجارية في البلاد ، من البعثيين ، ومن الذين يرفضون ، مجمل العملية السياسية بحجة الاحتلال ، على الرغم من انهم ، يتفاوضون مع المحتل . بل ذهب قسم منهم الى ابعد من ذلك ، عندما طالب المحتلين ، بعدم سحب قواتهم من العراق . خوفا من الجار المشاكس ، وامتداداته السياسية والاستخباراتية في العراق .
وبعيدا عن لغة التمنيات ، والتي اصبحت وللاسف الشديد ، الزاد اليومي الذي يقدمه ساستنا الجدد ، الى جماهير شعبنا منذ التغيير وليومنا هذا ، فان كل الدلائل تشير ، الى ان الفشل هو نصيب اعمال هذا المؤتمر ، على الرغم من النيات الطيبة ، للبعض في تقويم ، ودفع العملية السياسية في البلاد الى الامام .
واسباب هذا الفشل عديدة . واهمها عدم ثقة الشعب العراقي ، بالقوى السياسية التي اوصلها الى سدة الحكم ، في الانتخابات الاخيرة ، نتيجة الاداء السيء للحكومة ، او بتلك التي خارج العملية السياسية على حد سواء . . كما ان المواطن البسيط يتسائل وبذكاء ، حول امكانية نجاح المصالحة ، اذا كانت القوى السياسية داخل الحكومة ، غير متصالحة مع بعضها البعض ، وتنتهز الفرص للكسب الحزبي او الطائفي او القومي ، على حساب الآلام اليومية للغالبية العظمى من ابناء العراق ، ناهيك عن دور الميليشيات ، وبقايا البعث والقاعدة في تأجيج الوضع الداخلي ، نتيجة الغياب الكلي او الجزئي ، للدولة في مناطق كثيرة في البلاد ، بالاضافة الى دور قوات الاحتلال ، التي لها الثقل الاكبر ، في رسم سياسة البلاد سياسيا واقتصاديا .
ولو عدنا الى شعار المؤتمر ، فاننا نستطيع ومن القراءة الاولى ، ان نلمس عدم امكانية تطبيقه على الارض . فالبعض من القوى (الوطنية) له اجنداته الخاصة ، والمرتبطة باجندة دول الجوار ، والاخرى تعمل جاهدة على اعادة عقارب الساعة الى الوراء ، ولها حنين نحو الماضي ، بكل تداعياته الاجرامية . مستغلة فشل الحكومات ما بعد التاسع من نيسان ، على تأمين الحد الادنى من مطالب الجماهير . وعليه فان مثل هذه القوى ، وبهذه العقلية الاقصائية . ليس من الصعب بل من المستحيل عليها ، ان تفكر بمصالح شعبها . ولذا فأن اجتماعاتها ، و ان طالت لسنوات اخرى ، فأن مصيرها لن يكون الا الفشل . كما ويجب علينا ان نضع في الحسبان ، دور ميليشيات الاطراف المتنازعة ، والتي تبسط سيطرتها على مدن مهمة . وتجني الميليارات من الدولارات ، في العمل على ترك الامور مثلما هي عليها الان . بل العمل على تعقيد الاوضاع ، وصولا الى ما تشتهيه ، اي الحرب الاهلية . لكي تمرر سياساتها في تكوين اقاليم على اساس طائفي ، وعمل الاخر بلا هوادة ، من اجل ارجاع العراق الى (حظيرته العربية) ، على الرغم من ان الدول العربية تتحمل ، جزءا ليس قليلا بوصول الاوضاع في العراق ، الى ما هي عليه اليوم ، نتيجة دعمها المطلق لفاشيي بغداد ، وعدم اعترافها بالمعارضة العراقية حينها ، وعدم الاسراع لملمة شظايا الموزائيك العراقي ، وذلك بفتح سفاراتها في بغداد ، وان تكون لها علاقات متوازنة مع جميع اطراف العملية السياسية في البلاد .
واذا كان نجاح المؤتمر يأتي عبر التمنيات ، فكلنا يتمنى ذلك . ولكن وللاسف الشديد فأن الواقع وليس التمني له الكلمة الفصل .
الدنمارك