|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  15  / 1  / 2008                                 زكي رضا                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الفيليون وميدان الطرف الاغر

زكي رضا
(موقع الناس) 

لميدان الطرف الاغر في لندن ، ذكريات نضالية جميلة عند العراقيين من المقيمين في المملكة المتحدة . فلسنوات كان العراقيون يعتصمون هناك ومن مختلف القوميات والاديان والمذاهب . نساءا ورجالا من عمال وطلاب ومهندسون واطباء ومن الساسة والشعراء والمثقفين . كل الطيف العراقي المناهض للدكتاتورية ، ومن مختلف التنظيمات السياسية كان متواجدا . ليعبروا وبشكل حضاري عن رفضهم لنظام القتلة في بغداد .

ولم تساهم تلك الفعالية الرائعة وقتها ، بفضح نظام شذاذ الافاق في بغداد . امام الرأي العام البريطاني فقط ، بل زادت من لحمة العراقيين فيما بينهم على اختلاف قومياتهم واديانهم ومذاهبهم . لان القاسم المشترك بينهم كان واحدا وهو العراق بكل عظمته .. بكل تاريخه .. انه الوطن وطن الجميع ، وليس وطن قومية او دين او طائفة معينة مثلما هو عليه الان . حيث اصبح الوطن اوطانا وانتهت تلك اللحمة الوطنية الى الغاء الاخر وقتله .

في تلك الايام المفعمة بالامل والتحدي، كان الكرد الفيليون كعادتهم يتقدمون الصفوف الاولى . مشاركين ابناء وطنهم هذا المعترك النبيل، حالمين بغد افضل وعراق جديد يعيد لهم كرامتهم المهدورة وحقوقهم المغتصبة . وانهار صرح الدكتاتورية بدخول القوات الامريكية بغداد . وجاءت تلك الاحزاب التي ناضل الفيليون في صفوفها بنكران ذات الى السلطة. وبدأوا يعدّون الايام لعودتهم المظفرة الى العراق بقرارات رسمية من الحكومة العراقية (الشيعية - الكردية) . ومضت الايام والسنوات، وها نحن الان على اعتاب العام الخامس لانهيار الفاشية. والعام الثامن والعشرين على اكبر عملية تهجير في منطقة الشرق الاوسط . بعد تهجير الفلسطينيين في العام ١٩٤٨والذي لم يكن بقسوة وبشاعة ، التهجير الذي طال الفيليين على الاطلاق . نعم مضت السنوات ولازال الفيليون في المربع الاول يحلمون بوثيقة رسمية عراقية . ولازال مصير رفات شهدائهم مجهولا ، ولا زالوا يعيشون هنا وهناك . ودورهم امام اعينهم ، يسكنها من اغتصبها . والحكومات العراقية المتعاقبة منذ نيسان ٢٠٠٣ لا تحرك ساكنا لحل مشكلة الفيليين . ولن تتحرك ، فمن منكم رأى لحدا يتحرك ؟ .

لقد هجر وهاجر قبل الفيليين ومعهم وبعدهم ، الكثير من الشيعة والكرد (قبل انهيار الدكتاتورية ). وعانوا جميعهم من الغربة وجور الايام والسنين ، وتقاسموا رغيف الخبز ودفنوا اعزائهم في مقابر غريبة . وناضلوا سوية وحلموا بالعودة يوما ما الى الوطن. وتحقق ذلك في نهاية المطاف . فهل تحقق للفيليين واحد من الف مما تحقق لاخواننا في القومية او في المذهب .

نظرة بسيطة الى مراكز وامتيازات وحقوق الطرفين، مقارنة ليس مع مراكز او امتيازات الفيليين (لانها تعتبر ترفا) بل مع ما للفيليين من حقوق في العراق الجديد . نرى ان الفيليين لا يشكلون سوى صفرا الى يسار المعادلة السياسية في البلاد .

وحول تساؤل البعض وبحسن نية ، حول امكانية الطرفان في تمرير قرارات تنصف الفيليين . ووجود عدد من القوى السياسية المناهضة للفيليين في برلماننا الموقر . اقول ان عدد مقاعد البرلمان ٢٧٥ مقعدا وللشيعة والكرد (حسب التقسيم الطائفي الجميل جدا) ١٨٣ مقعدا. ولو اضفنا لها بعض الاصوات الوطنية وهي موجودة فعلا فان عدد الاصوات سيتعدى الثلثين بكثير (وهي تتجاوز الثلثين دون الحاجة حتى الى هذه الاصوات) . وهذه كافية لتمرير اي قانون . وهنا قد يطرح البعض سؤالا اخر حول عدم تصويت بعض الاطراف داخل المعسكر الشيعي _(في حالة ضمان تصويت كل النواب الكرد لصالح الفيليين) ، وهو احتمال قائم ولكن الفائدة منه كبيرة . فعلى الاقل سيعرف الفيليون اعدائهم من اصدقائهم ، ويصوتوا في الانتخابات القادمة على اساس مصالحهم ومن سيحققها لهم . وليس على اساس طائفي مثلما فعل الكثير في الانتخابات السابقة .

ولان الحقوق هي كالحريات تؤخذ ولا تعطى ، فعلى الفيليين توحيد جهودهم ولمّ شملهم في رابطة . تستطيع ان تنال رضى الغالبية العظمى منهم ومن دون املاءات من اي جهة كانت . فمثل هذه الرابطة ان تأسست لاتشكل خطرا ولا تنافس القوى الاخرى ، بل على العكس فانها ستكون ، جزءا من التيار الديموقراطي .الذي يكمل عمل هذه التنظيمات في العديد من المناطق ليس حزبيا بل على اساس اشاعة الوعي وثقافة حقوق الانسان والديموقراطية وسط الفيليين .

والان هل لدى الفيليين الحق في اجراء مقارنة بين النظام العراقي السابق والنظام الحالي . حول ما سلب منهم وما حصلوا عليه . نعم وبالتأكيد فحتى الطفل الصغير يستطيع ان يميز ان لا فرق بين الاثنين بما يتعلق بالفيليين وحقوقهم فالنظام السابق هجّرهم وصادر ممتلكاتهم ووثائقهم الثبوتية والدراسية وغيّب الالاف من ابنائهم . والنظام الحالي لم يعيد المهجرين بشكل رسمي ، ولم يعيد لهم ممتلكاتهم ولا وثائقهم الثبوتية والدراسية ولم يكشف عن مصير المغيبين من ابنائهم. فكل طرف مشغول بكشف مقابره الجماعية وتشييع شهدائه واعادة الاعتبار لهم ولا ثواكل للفيليين .

وحتى تشكيل رابطة تجمع الفيليين لانتزاع حقوقهم فانني اقترح ان يتحلوا بالمسؤولية تجاه مأساتهم وتجاه دماء شهدائهم . وان يكرروا تجربة ميدان الطرف الاغر في لندن .
وهذه المرة لتكون اعتصاماتهم امام سفارات النظام العراقي في الدول الاوربية واسبوعيا وفي اوقات ثابتة ليكشفوا للرأي العام الاوربي زيف ادعاءات الحكومة العراقية في مجال حقوق الانسان . ان هبّة فيلية حقيقية معتمدة على جماهيرهم وعلى دعم الخيرين قادرة على اجبار النظام العراقي على الاسراع في ايجاد حلول عادلة لكل ما عانوه من اهوال ومصائب لما يقارب الثلاثة عقود .

(
ما يحك جلدك مثل ظفرك)
                          
مثل شعبي

١٥/١/٢٠٠٨

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter