| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الخميس 14 / 10 / 2010 زكي رضا كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
الأموات أحياء في سان خوزيه والأحياء أموات في بغداد
زكي رضا
(موقع الناس)
سانتياكو التي عزف فيكتور جارا في ملعبها ، وغنى للفقراء والبسطاء والاحرار في كل العالم ، اغاني السلام والحرية قبل ان يقطع الفاشيون يديه ، ويفرغوا رصاصات الحقد الهمجي في رأسه . عادت اليوم وبعد نهاية الحكم الديكتاتوري الى واجهة الاحداث ثانية ، لتغني نشيد الامل ونشيد الانسان ، عند ثقب صغير في احدى مناجمها للنحاس والذهب . هذا الثقب الصغير الذي اصبح بحجم الكرة الارضية ، واليه توجهت انظار الملايين من كل انحاء العالم . منتظرة تلك اللحظة التي يرى فيها ، عمال المناجم هؤلاء السماء ثانية ، بعد اقامة طويلة ورحلة صعبة من باطن الارض الى سطحها . وحبست عوائل العمال وذويهم ونقاباتهم ، ومعهم الشعب الشيلي وحكومتها ، وكل الخيرين في العالم انفاسهم . حتى صعود آخر عامل وهو رئيس المجموعة الى الاعلى ، حيث كان رئيس الجمهورية وعدد من الوزراء والضيوف ، والفرق الطبية ووسائل الاعلام في انتظارهم .
بهذا الانقاذ سطر الشيليون ملحمة كبرى في احترامهم للبشر ، وانقاذ ارواح عمالهم ، اثر حادثة عادية تحدث في العديد من المناجم في كل انحاء العالم . لقد راهن الشيليون على ارادة العمال صانعي الحياة ، ووطنية ساستهم والعلم وليس الخزعبلات ، لتحويل الموت في عمق 622 مترا تحت سطح الارض الى حياة وكسبوا الرهان . وغدا وعلى ملعب فيكتور جارا في العاصمة سانتياكو ، سيغني الشيليون ثانية للحياة والشمس والحب والحرية .
ولم يكن الرئيس البوليفي ومن وراءه شعبه ، بعيدا عن تلك الحفرة . وهو ينتظر عامل بوليفي واحد لاغير ، كان مع مجموعة العمال في جحيم سان خوزيه . عامل واحد لاغير يا ساسة العراق ، جعل رئيس دولة ان يترك كل مهامه وليقف في صحراء أناكاما شمال شيلي ، بعيدا عن قصره (ومنطقته الخضراء ) . كي يحتضن مواطنه فور خروجه ، من برزخ الموت الى بهجة الحياة .
اين مكان العراقي في مبادئكم واحزابكم ودينكم ومذاهبكم ؟ بعد ان اصبح العراقي مشروع للقتل والموت اليومي ، في ازقة وشوارع ومدارس وجامعات ومعامل العراق ؟ هل وقف احدكم في مكان انفجار ما من تلك الانفجارات الكثيرة ، لينتظر ما تفعله فرق الانقاذ ؟ هل تذكر احدكم عائلة عامل استشهد في انفجار ارهابي ،كما عمال المساطر في مختلف ارجاء العراق ، أوعمال نسيج معمل الحلة ؟ اين انتم من الذين منحوكم الثقة في الانتخابات الاخيرة ، وهل اجتمع النواب الذين وصلوا باصوات هذه الجماهير المغيبة الى قبة البرلمان لليوم ؟
اين مكان العراق في كرامتكم ووطنيتكم ، وانتم تقفون اذلاء امام اعداء العملية السياسية في عراق ما بعد البعث الفاشي ؟ هل منحكم شعبنا الثقة كي تتسولوا الدعم من دمشق البعث وعمان ( اولاد العم ) ، ورياض الوهابية وطهران الفقيه ، وانقرة آل عثمان وغيرها من العواصم التي لا تكن لشعبنا ووطننا الا الحقد ؟ اليسوا انفسهم الذين جعلوا العراق صحراء بلقع ، بعد ان اقاموا السدود على دجلة والفرات ، ليقتلوا الارض والانسان العراقي عطشا ؟ اليسوا انفسهم الذين جففوا نهر الوند ، وقطعوا كل مجاري المياه الى اراضينا ، ويهددون العملية السياسية في البلد ، بميليشيات مراهق سياسي يهدد اتباعه العراقيين ، بقطع الالسن والايدي ولم يبقى الا الوشم كي نعود الى عهد فدائيي صدام الارعن ؟ اليسوا انفسهم الذين يدربون الارهابيين ، في معسكرات تدريب خاصة ، وجعلوا عواصمهم مأوى لعتاة البعث وازلامه ، وبقايا عائلة المجرم صدام ، ليقودوا عناصر الارهاب ضد شعبنا والوطن ؟ اليسوا انفسهم الذين يثيرون الحقد الطائفي ، من خلال فتاوى الكراهية التي يبثها فاسقي دينهم ومذهبهم ؟
ارجعوا الى بلدكم وشعبكم لانهما الحاضنة الطبيعية لكم ، وهو الذي منحكم وللاسف الشديد الثقة التي فرطتم بها ، ولم تكونوا اهلا لها . فقد زرعتم بصراعاتكم حول السلطة ، والثروة والجاه والنفوذ ، الموت في بلدنا بدل الحياة . وها هو شعبنا اشبه بالاموات نتيجة احترابكم ، وكيف لا وهو يعيش في مقبرة كبيرة وموحشة اسمها العراق .
الا تعسا لكم ولمن سيعطيكم الثقة ثانية ، بعد ان استمرأتم الذل امام اعداء شعبكم ووطنكم .
أعراقيون انتم
أولاد الفعلة لست خجولا
حين اصارحكم بحقيقتكم
ان حظيرة خنزير اطهر من اطهركم
تتحرك دكة غسل الموتى
اما انتم لاتهتزلكم قصبة *
* مع الاعتذار للشاعر الكبير مظفر النواب
الدنمارك
15 / 10 / 2010