| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
السبت 13 / 9 / 2008 زكي رضا كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
حچايات من طرفنا
(1)زكي رضا
(موقع الناس)
لم يكن مقهى ابو سامي , مقهىً بالشكل المتعارف عليه . بل كان عبارة عن دكان صغير ، لا تتجاوز مساحته بطابقيه !! 6 متر مربع ( مع الطبگه ) . ولم يكن اثاث المقهى (عدا الاجاغ وعدة الشاي ) ,اكثر من ( كرويته ) و4 كراسي , وطاولتين صغيرتين, مع عدد من العلب الفارغة الكبيرة الحجم لدهن الراعي وزبيدة (تنكات) عليها قطع قماش محشوة , بمواد لا يعرفها الا الله , وابو سامي والراسخون بالعلم .
الا ان ما كان يميّز هذا المقهى عن غيره من المقاهي ، انه كان يقع في منطقة شعبية ، سكانها على عداء دائم مع السلطات , عدا سلطة ثورة 14 تموز . ولذا كان المقهى ، ملتقى لشباب المنطقة . وكان من رواده الدائميين بعض الشخصيات الشعبية ، من التي تزخر بها هذه المناطق .
وفي احدى الليالي , وعندما كان ابو سامي يهم بغلق المقهى . تفاجأ بعدد من شباب المنطقة , وهم في حالة سكر ، متجهين نحو مقهاه ، وبحدس الرجل الخبير والحريص على ابناء منطقته , انتظرهم ليرى ما يفعلون . ولكنه تفاجأ بهم وهم يتوجهون , نحو صورة القيادة الكارثية للبعث , بملابسهم البيضاء يتوسطهم المجرمين البكر وصدام والمعلقة في المقهى ، بأمر من منظمة البعث في المنطقة ، ليلقوها ارضاً , ويستخدموا احذيتهم في تهشيم الاطار والزجاج , مستخدمين كلمات من القاموس الشعبي تليق بأصحاب الصورة.
وقام ابو سامي بعد رحيلهم , بتنظيف الارض بشكل جيد . دون ان يُبقي اثراً لاي شيء ، يدل على ما حصل . خصوصاً وإنه قد شاهد , شخصاً مشبوهاً , في الجهة المقابلة للمقهى ، ينظر الى ما حدث بعين الرقيب . وصعد ابو سامي الى الطابق الثاني من المقهى ( الطبگه ) , ونزل وفي يديه بعض الصحف القديمة , ليغلق المقهى , متوجها في هذه الساعة المتأخرة , الى صديق له يصنع اطارات الصور ، واعطاه صورة جديدة للقيادة الكارثية , كانت بين الصحف , طالبا منه تأطيرها في نفس اللحظة .
وفي اليوم الثاني , اخرج ابوسامي كل الاثاث , وعدة الشاي . وبدأ بنفسه يصبغ المحل , وما هي الا لحظات حتى كان رجال الامن عنده ....
- ابو سامي البارحة فد جم واحد معادين للحزب والثورة . كسروا صورة القيادة , وانت تعرفهم زين لانهم من ولد المنطقة .. منو چانو .
- يامعادين يابطيخ , واني شلون اقبل واحد يطخ الصورة مال القيادة , هذا الحجي مصاير .
- لعد وين الصورة ؟
- الصورة موجودة فوك بالطبگه , لان اني شلعتها حتى اصبغ المحل .
- زين وانته متصبغ المحل الا بهيجي يوم .
- والله مو الصحة گالولي گبل اسبوع , اذا متصبغ المهجوم هذا تره انعزلك . واني هم شلعت الصورة حتى اصبغ اي مو معقولة اصبغ والصورة معلكه .
وبذلك انقذ ابو سامي حياة مجموعة من الشباب من الموت في اقبية الامن العامة .
والان لو جاء البعض من الشباب , الى نفس المقهى . وانزلوا صور بعض رجال الدين , من الذين حوّلوا العراق , الى ستوديو لصورهم وبمواقف مختلفة ، فهل يستطيع ابو سامي , ان يقوم من الغد بصبغ المقهى متعللا بأمر الصحة .. لا أظن ذلك , لان حينها سوف يردون (شباب مليشيات الاحزاب الاسلامية ) عليه قائلين .
- لك يا صحة هو لو أكو صحة , چان الكوليرا متملي البلد ....
11/9/2008
الدنمارك