|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  10  / 2   / 2009                                 زكي رضا                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الاسلاميين والعلمانيين والانتخابات

زكي رضا
(موقع الناس) 

تشير القراءة الاولية لنتائج الانتخابات , الى تقدم نفس القوى التي كان تحكم سابقا , مع تغيير في مواقع الذين يحتلون الصدارة , وجاء هذا التغيير في المواقع , بعد ان شعرت هذه الاحزاب , من ان الناخب العراقي ابتعد عنهم , نتيجة الاداء السيئ لاحزابهم , في قيادة الدولة والمجتمع , و نتيجة لشعور هذه الاحزاب بخطر فشلها , فانها اتجهت الى محاولة تشتيت افكار الناخبين , عن طريق اشتراكها في الانتخابات , بقوائم مختلفة بعضها استمر برفع نفس الشعارات الطائفية . واستطاعوا بهذا ان يحوزوا على اصوات الذين , لا يزالون يحملون في دواخلهم عقدة المظلومية , والقسم الاخر استطاع ان يحوز على اصوات الذين ملوا من نقص الخدمات وتفشي الفساد الاداري , برفعهم لشعارات بعيدة كليا عن الدين والطائفية , ونجحوا في ذلك نجاحا منقطع النظير , مستغلين وجودهم على رأس السلطة واستغلالهم لها ونجاحهم في استتباب الامن لحدود , وهذه ليست منه على الشعب العراقي , بقدر ما هي واجب وطني , يمليه وجودهم في مركز اتخاذ القرار , مع بعض الاستثناءات , كما حصل في مدينة كربلاء مثلا , او ما افرزته النتائج الانتخابية في محافظات ديالى والانبار وصلاح الدين , حيث صوّت الناخبون للحزب الاسلامي , ولورثة البعث باشكالهم المختلفة ( علينا ان نعترف من ان البعث واذنابه سيستمرون في السيطرة على هذه المحافطات عدا ديالى مستقبلا ), ونتائج انتخابات مدينة الموصل حيث الصراع القومي على اشده بين العرب (من المستقلين والبعثيين , بالرغم من اختلافهم) وحلفائهم من جهة والكرد من الجهة الاخرى , والذي سيستمر مستقبلا ايضا وعلى نفس الوتيرة , الا اذا نجحت القوى الوطنية الحقيقية , في تعديل الدستور وانهاء نظام المحاصصة البغيض , ( وللاسف الشديد فأن البعثيين هم جزء من الذين يعملون لانجاح هذا المسعى ولغاية في نفس يعقوب ).

ويبدو ان قوى الاسلام السياسي والشيعي تحديدا , استفادت هذه المرة , من مما ورد في كتب التراث , حيث يروى ان الخليفة العباسي هارون الرشيد قال مخاطبا غمامة , ان امطري اينما شئت فخراجك عائد لي . واشتراك احزاب الاسلام السياسي في الانتخابات بقوائم مختلفة , لم يبتعد عن هذا المفهوم ,حينما خاطبوا الناخبون , ان صوّتوا اينما شئتم , فأصواتكم هي لنا , وهذا ما اشار اليه قادة المجلس الاعلى , حينما قالوا للناخبين , ان صوّتوا لنا ام لم تصوّتوا فنحن باقون , وهم محقون في ذلك , فبعد اعلان نتائج الانتخابات ,هرع السيد رئيس الوزراء , والذي يرفع شعار دولة القانون !!, الى النجف الاشرف , لتقديم تقرير الى السيد السيستاني , حول نتائج الانتخابات , ونصيحة السيد السيستاني هي , ان اتحدوا وتعاونوا فيما بينكم , ( وحسب التفسير الاسلامي , فأن التعاون والشورى يتم بين المؤمنين والمؤمنين وليس بين المؤمنين وغير المؤمنين ), وهذ ما كان ديدن الشخصيات الاسلامية , في جمهورية ايران الشيعية ( الاب الروحي للاحزاب الشيعية وعرابها , اليوم وغدا ) , في تقديمهم تقاريرهم عن الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي لولي الفقيه , ولحسن حظ العراقيين , ان السنة والكرد يشكلون ثقلا نوعيا في المجتمع العراقي , والا لكان شيعة العراق اعلنوها ومنذ نتائج الانتخابات البرلمانية الاولى , جمهورية اسلامية شيعية وعلى اساس مبدأ ولاية الفقيه ,

نعم انهم اشتركوا في الانتخابات بقوائم مختلفة , ولكن ما ان انتهت الانتخابات وظهرت النتائج , حتى بانت النيات الحقيقية لقادة التحالف الشيعي , فها هو السيد الاديب , القيادي في حزب الدعوة جناح المالكي , يدعو اليوم التيار الصدري وحزب الفضيلة ( عن اية دولة قانون يتحدثون ) , بالعودة الى الأئتلاف الشيعي لتقويته استعدادا للانتخابات البرلمانية القادمة , وهاهو تصريح السيد عباس البياتي من الأئتلاف ايضا , من انهم اي الأئتلاف لا يخافون , من تلك الدعوات التي تدعو الى حل البرلمان , لان نتائج الانتخابات , اظهرت تمتعهم بشعبية واسعة (ناسيا عدم اشتراك 49 % من الناخبين لعدم ثقتهم بمجمل العملية السياسية) .بل سيكونون اي الشيعة من اول الكتل التي ستصوت على هذا الاقتراح .وهاهو مستشار ولي الفقيه في قم , السيد على اكبر ولايتي , يلتقي الزعماء الشيعة والمرجعية في النجف , لينقل لهم تهاني ولي الفقيه ,وتوصياته للمرحلة اللاحقة ,

والسؤال الان هو , هل القوى العلمانية كانت محقة في تقييمها للسيد المالكي ودولة قانونه ؟ , وهل دولة القانون تعني التحالف مع اللصوص ومع الميليشياويين مرة ثانية ؟ وهل تراجعت الاحزاب الطائفية , مثلما ينظر لذلك بعض البطرانين ؟ ان العراق يمر بمرحلة مخاض عسير, والقوى العلمانية على اختلاف تلاوينها , هي المسؤولة تاريخيا عن رهن العراق , بيد قوى ظلامية تعمل على اشاعة الجهل والتخلف ,لكي تستمر في السلطة ,اذا لم تبدأ هذه القوى العلمانية ومنذ هذه اللحظة , بتجاوز خلافاتها والاتفاق على قاسم مشترك يؤمن به الجميع , وهو العراق الذي يحاول بعض المتخلفين , ارجاعه الى الوراء لقرون , وجعله حديقة خلفية لايران ,

ايها العلمانيون ان نسبة 49 % من الناخبين , الذين استنكفوا التصويت في الانتخابات , هم جماهيركم الغائبة , فتحركوا نحوها بعزم , وببرامج حقيقة تكونون قادرين على تنفيذها , وهذا يأتي عن طريق توحيد صفوفكم في البرلمان والشارع ,والعمل على قيادة الجماهير في تحقيق حاجاتها المطلبية , وذلك بتبني مطالبها والدفاع عنها , عبر نوابكم في البرلمان , او عبر وسائل اعلامكم ,دون تردد او خوف , من ميليشياتهم او أذرعهم العسكرية , انها معركة بينكم وبينهم , وقد استخدموا هم فيها اخس الاسلحة , من ارهاب الناخبين ورشوتهم , وشراء ذممهم واستغلال جهلهم , واعلام الدولة وجيشها وميزانيتها, فأستخدموا انتم سلاح الوطنية ووحدتكم , فهي الكفيلة بأعادة عشاق الظلام الى كهوفهم , ونتائجكم المتواضعة هي ليست نهاية التاريخ .اذا استطعتم تقديم وجوه جديدة لتقود الجماهير , وان تضغطوا باتجاه محاربة القوى الارهابية في بعض المناطق الملتهبة , عن طريق توعية جماهير تلك المناطق بخطورة هذه القوى الارهابية على العراق وشعبه ,ان العراق لا يستعيد عافيته الا بكم , فكونوا اهلا بثقة هذا الشعب .


الدنمارك
10 / 2 / 2009
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter