|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  6  / 10  / 2023                                زهير دعيّم                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 سيّارة الجيب الأحمر

زهير دعيم
(موقع الناس)

لاحظ الزوج أنّ زوجته منذ يومين بدات " تزوم وتعوم" "وتقلب خلقتها على الفاضي" ..ولم يعرف المسكين لها سببًا ، فما يذكر أنّه أزعلها بشيء أو مسّ شعورها المُرهَف بسوء .

فهشّ وبشّ وحاول أن يعرف السبب الحقيقيّ ، فلا بدَّ من سبب ، فليست فيه المرّة الاولى التي تفعلها ست البيت لتحصِّل شيئًا.

وبعد استدراج قليل فتحت " المستورة" فاها قائلة :
" أبوها ليس بافضل من أبي ، بل بالعكس فقد كان أبي عنوانًا ورمزًا ، وليست هي بأفضل منّي أو أجمل ، حتّى يشتري لها زوجها جيبًا أحمر جديدًا من الوكالة ، في حين أسوق أنا سيّارة أكل الدهر عليها وشرب منذ خمس سنوات"

أنظر اليها منفوشةً كما ديك الحَبَش ، تمشي على رؤوس أصابعها وكأن الأرض لا تحملها !!!

ويروح المسكين يشرح لها ويُفسّر ويُبرّر : أنّها ليست أفضل منك ولا أجمل ولكنّ الامر مُتعلّق بالميزانيّات والمدخولات والوضع الاقتصاديّ ، فزوج المحروسة راحيل يقبض راتبًا كبيرًا يفوق راتبي وراتبك بكثير ، ناهيك عن المدخولات الأخرى من تأجير المحالّ التجاريّة.

وتُبرطم الزوجة ولا تريد أن تفهم!.. تريد جيبًا أحمر أو ليلكيًّا لا يقلّ سعرًا عن جيب راحيل ، بل يَفقه سعرًا وجمالًا وقوّة خيل.

وتنفَضُّ المحاولات والمُحادثات بالقطيعة ، فتترك "المحروسة" البيت الى بيت اهلها....................... وما زالت هناك.

قد حدثت هذه القصّة على أرض الواقع وقد تحدُث، فالتشبّه بالغير أضحى مرضًا ، ومحاولاتنا ألّا نكون نحن أنفسنا بل نكون الغير والافضل دون النّزول الى أرض الواقع ، يضعنا في مأزق ويضعنا في وضع نستدين به ونتورّط . فالسعادة الحقيقيّة ما كانت مرّة بالسيّارة والجيب والفيلا، بقدر ما كانت بالقناعة والمحبّة ومخافة الربّ وقبول وتقبّل الواقع والتعايُش مع الموجود ، ولا بأس أحيانًا من أن نحلم ، على ان يكون الحلم " على قدّ فراشنا" ، وبمقدورنا ببعض الجِدّ والنشاط ان نُحقّقه.

قديمًا قالت جدّتي : " من يتسلّق الى أعلى قد يسقط ويكسر عنقه"

دعونا نصعد بقدر طاقتنا ..
دعونا نحلم بقدر امكانياتنا ..
دعونا ان لا نتشبّه إلّا بمن هو قريب منّا ومن أوضاعنا وظروفنا ، وإلا فقد نفرط عقد العائلة ، ونضيع في متاهات الدّيون والقروض السّوداء والعيش النكد.


 

 

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter