|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  5  / 5 / 2015                                زهير دعيّم                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 هكذا انا
(2)

زهير دعيم

يلَذّ لي أن اتعثّر في شِعاب الأيام، واتمرّغَ فوق ثرى الوطن، وأملأ أنفي من شذىً يتضوّع مجداً وعرقاً وحياةً ، تربّص لها الموت الزؤام مرة في الزوايا الحالكة ، وعاد لا يلوي على شيء، يجرّ ذيل الخيبة ، ويلعق دماً ينزف من جراح الهزيمة . ...
اوّاه...
الدرب الطويل ينكمش وينكمش ، والافق الغربيّ يتضرّج ، بينما تدبّ الحياة في القمر الشاحب المُعلّق في مدارج السماء ، فيروح يغمز بمُقلة شهلاء نجمة تبرّجت على شُرفة الفضاء .
مهلاً يا لوحةً مسائية أخذت بمجامع نفسي !!
عُذراً ...لن يخيفني الدّرب القصير !!
ولن تخيفني عقبة كأداء تقتعد دربي ، ولن أتشاءم من بومٍ هنا او بومة هناك تسكن جذع شجرة عجوز ، وتندب فوق الحطب حظّ العابرين .

سأنفض الغُبار عن ثيابي وأُلملم نفسي ، واُغنّي أغنية المحبة ، وأروح وعشق ربّ الحياة السرمديّ ، يستوطن عظامي ، أسير والإنسانية المُعذّبة ، أسير وأنا أبكي أطفالاً عضّهم الجوع واليُتم وحصاد الاقتتال، وهدّهم جوى التّرحال والشمس تحرق منهم البشرةَ والآمال .
أنّى لي غير ذلك ..أنّى لي فهذا ناموسي الأزليّ.
فأنا - وأستميحكَ يا مَنْ تقرأني ألف عُذر - مفطور على حُبّ الناس ، وعلى الذوبان في عُصارة الحِسّ البشريّ ، فلا لون عندي للون ولا عِرق ولا قبيلة .

أُغنّي الأنسان - أيّ انسان - قصيدة عِشقٍ أزليّ ، حكتها السماء للأرض ، وسقتها الغيوم المُنهمرة مطراً نميراً , فاخضرّت في كَنَفٍ دافئ ينسى قاموسه العِداء ، ويزركشه التحنان بهمسات حميمة وأريج عَطِرٍ.
هكذا أنا؛ أحبابي أطفالٌ تطلّ الحياة الشاحبة من عيونهم الباكية فابكي ..... أبكي ظلماً تجبّر ،وأملاً ذرته الريح فوق خارطة القُطب .

هكذا أنا ...
أعبد الربّ الحنّان ، وقلماً يخُطّ الجمال والأحلام والآمال . واعبد المعول والفلاح والرّاعي يسوق الغنمات , أعبد بلبلاً يشدو وديكاً يصيح على شُرفةِ الصباح ، والأهم إنّي أعبد الهاً عنوانه المحبة، طريقه المحبة ، الهاً هو المحبة بعينها .


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter