|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  23  / 4   / 2024                                زهير دعيّم                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 الماضي جميل رغم كلّ شيء

زهير دعيم
(موقع الناس)

"حلاوة يا سيدي حلاوة " تذكّرني هذه العبارة بالماضي الجميل بحلوه ومُرّه ؛
حُلوه أيام كان المعلّم الشخصية المركزية ، يزرع في الطالب الفضائل مع العلم ، فتنمو النبتة قويّة ، متينة تتحدّى الصّعاب ، وتقف شامخةً أمام عواصف اللاخلاقيات ، فيزهو المعلّم وتزهو التربية ، وتميد الدّنيا فرحًا بالأخلاق .

كان المُعلِّم معلّمًا بحقّ ، تحيط به هالة من الكرامة ، وأخرى من المسؤولية ، وثالثة من القداسة ، ألمْ يقل التلاميذ للسيّد المسيح "يا مُعلّم " ..

كان المعلم يأمر فيُطاع ، وكان سلطانه الهيّ وإنسانيّ، الهيّ استمدّه من شريعة السماء :"علّموا أولادكم بالعصا" بعد أن نُجزِل عليهم المحبّة والحنان الدَّفاق ، وإنسانيّ بعد أن قال الوالدان للمعلّم "لكَ اللحمات ولنا العظمات" وما سمعْتُ يومًا انَّ معلّمًا حزَّ لحم تلميذ ، وإنما بنى نفس التلميذ بناءً مُتراصًّا ، مُتوازنًا وسليمًا .

قد يقول البعض ان معلمنا القديم كان إرهابيًا ، استعمل العصا ، فعاقب ولم يتورّع من استعمال الفَلَق ، فأقول : لم يكن أبدًا إرهابيًا وإنما كان أبًا حنونًا ، رغم انّ لي رأيًا آخر في العقاب البدنيّ ، فاستعماله خطأ قد يؤثّر سلبًا على نفسيّة الطالب ، ومن المُفضّل تفاديه مع استعمال سلطان الحزم والشخصية المُهابة والقوية ، ولكنَّ الدّلع والدلال الزائدين والإحساس المفرط في الحساسية ، ودعم الآهل اللامحدود لابنهم الطالب ضدّ المُعلّم ، فيه ضرر لا يقلّ فعالية ، أضف الى ذلك القانون المطّاط ، وحُماته من الشُّرطة ، هذه الشّرطة التي ولأقلّ سبب وأتفه ذريعة تحتجز المعلّم وتختصر حريته وقيمته..

فأنت اليوم تجد الأمّ او الأب أنانيّ لا يهمّه إلا ولده ، فهو يريده في المقعد الاوّل ، وأن نُوجّه لحضرته كل الأسئلة !! وأن يعبث ويروح ويجيء في الصّف وإيّاك أن تمسّ إحساسه المُرهَف ، فإن أنت اردْتَ ايّها المعلم أن تُعلّمه درسًا فليكن من خلال جاره او زميله ، أمّا ان يصل الأمر الى ولده وفلذة كبده ، فستقوم الدُّنيا ولن تقعد ، وستدخل يا صاحبي ، يا صاحب القلب الكبير - المُعلّم - ستدخل بيت خالتكَ ، والطبيب الألمعي الذي يُطرّز التقارير الطبّية الكاذبة في معظمها لقاء دُريهمات ، سيُطرّز لهذا الشقي تقريرًا ، لانك جرحْتَ إحساسه بكلمة عابرة ، ...انّه لم يفعل شيئًا فقد عطَّل فقط الحصّةَ ، واعتدى على زميله وانتقص من هيبة معلّمه !! أَعَلى مثل هذه التوافه تُرمى في وجهه تلك الكلمة العابرة ..يا حِ. م. ا. ر .....معاذ الله !!.

قال لي احد المعلّمين : انّ التربية الحقيقيّة هي : أن تُوجَّه لكثير من الأهل لا للابناء ، رغم أن معظم الأهل يكنّون للمعلمين احترامًا كبيرًا ، الا انّ القِلّة هي التي تتربّص بالمعلم تربّصًا ، وفي أغلب الأحيان تجنّيًا ، هي هي التي تُعكِّر صفو العملية التربوية.

حان الوقت فعلا لأن نعيد للمعلّم هيبته وسلطانه ، فنعيد بذلك للكرامة مجدها وللأخلاق تاجها .

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter