|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  8  / 5 / 2020                                 يحيى علوان                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

لَـــوْ ..

يحيى علوان
(موقع الناس)

لو قُيِّظَ لي أن أعيدَ البدايةَ من أوّلها لَما أخترتُ غيرَ ما إختَرتُ ..
لَمَضيتُ في ذات الدروب ، التي قد تُفضي ولا تُفضي إلى سنابُل الدهشة ،
أَعُبُّ هواءاً يَحلِجُ قِنديلَ الفِتْنَة ،
أُلَملِمُ ظِلّي/ إسمي ، وأتبعُ رائحة الطَلْعِ .
..............................
كـــان لنا وطنٌ ، كالمجهول ، أوسع منْ خارطته ، وحينَ تَفَتّحتْ أزهارُ الخيال ، صارَ يضيقُ بنا !
أَنكَرَ أُبُوَّتَه لنا .. لكننا لمْ نرتدعْ !! لا شفاءَ لنا منه .. مرَضٌ وراثيٌّ حُبُّنا له .
بداخله صِرنا نزدادُ إختناقاً .. وطنٌ غاب خَتمُه في جواز السفر !
أَمَرْنا القلبَ أنْ يَتريُّثْ .. أنْ يكونَ حيادياً ، كأنه ليسَ مِنّا !
ورُحنا نُخَمِّرُ الحنينَ .. نُغطّي بغصونِ الذكرياتِ جِراحاتٍ ، يأيى الحاضرُ لها اَنْ تندمل . فالحلم أجمل من تحقُّقه ، والطريقُ إلى – البيت المرتجى - أجملُ من البيتِ نفسه .. ليبقى المكان ، الذي شكَّلَ لغتنا وهويتنا الوطنية والإنسانية بكل تلاوينها ..، يانعاً في ربوع الذكرى ، حتى وإنْ تّكسَّرَ المكان الآن !
نُحبُّ وطناً سَمْحاً ، لا يتطلّب من أهله أنْ يكونوا أبطالاً ... ولا يقول لهم : "يحقُّ لكم أن تموتوا كما تشتهون "! لا يعطيهم إلاّ خيارَ الرحيلِ أو الدم !
* * *
أعودُ ، إذا كانَ لي أنْ أعود ، إلى نفسي ، وإلى خطوتي ...
فهناكَ مَنْ سَبَقتْ خطاه خُطايَ . وهناكَ مَنْ تمشي خطاه على خطاي ،
فأنا من هناك .. ولستُ هناك كي أتفقّد أمسي ،
وُلدتُ كما تولدُ الناس ،


ولي ، مثل بقية الخلقِ ، أهلٌ وصَحبُ .
هناكَ تعلَّمتُ الحَرفَ ،
فكّكْتُ الكلماتَ كي اُرَكِّبَ مفردةً واحدةً : وطنْ!
مفردةٌ تجمعُ كل ما إستعصى على الخيال !
قُلتُ سأمشي وأمشي ، فما زالَ في الدربِ دربٌ ، حيثُ لمْ تحترقُ الأسئلة !
" أنا القرمطيُّ بَكَتْهُ الرماحُ والسيوف ، "
أقولُ لظلّي/لأسمي دعكَ منّي ، إنزلْ عن كَتِفي ، إختاركَ الأهلُ ولم "أُستَشَرْ"..
فقد أخذتُ "الكتابَ" بشمالي .. وبِرِفْقِ الوَجِلِ !
لم يتساءلوا عما سيحدثُ للمُسَمّى حين يقسو الزمانُ عليه !!
فَخُذْ صفاتكَ ، يرحمكَ الله ، وأعطني ما ضاعَ من حريَّتي !
يكفيني حمَلتُكَ خمساً وسبعينَ حولاً .. فهلاّ تتَكرّم ؟
ترَجَّل ! خُذ مجازاتِكَ وإبحث عن غيري ..
تُرى مَنْ مِنّا تنصَّلَ عن الآخر ؟!
* * *
قُلنا سيظلُّ النبعُ قِبلَتُنا .. فمستقبلُ النهرِ أن ينتحِرَ في بحيرةٍ أو بحر!
إنتظرنا دَهراً ، صار لنا أحفاد .. ومُتنا كَمَداً أو سهواً ، أو ..
فيما السُحُبُ ، لاهيةً ، تُقلِّدُ سِرباً من الكائنات والتشكيلات ،
تُخالِفُنا الريحُ . ريحُ "الشمال" تُحالفُ ريحَ "الجنوب"فنصرخُ أين المَفَرْ؟
نواصلُ ما يشبه الموتَ ، ونحيا .. وهذا الذي يشبه الموتَ نُسمّيه نصرا !
آه ، يا حُلُماً نشتهيه .. نخافُ عليكَ ، ومنكَ نخاف !
ونسألُ : هل فعلاً أرضُ البشر لكل البشر ، مثلما أدّعى كانط ؟!
إلى أين تَطيرُ القُبّرات بعد السماء الأخيرة ؟!

........................
........................

تضيقُ الأرضُ أو لا تضيقْ ،
سأقطعُ هذا الطريقَ الطويلَ الطويل حتى آخره .. وآخري !


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter