|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء   1  / 3  / 2023                                 يحيى علوان                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

ذات وَخمَه (1)

يحيى علوان (*)
(موقع الناس)

 
في جلسةِ شواءٍ مع زُمرةٍ من الصَحبِ ، حين هربنـا من وَخْمَةِ برلين إلى ضفة النهر..
كَرَعنـا ما تَيسَّرَ من " الزحلاوي " وآثرَ أَحدُنـا "إبنَةَ العِنَبِ.. ولَمّـا إنتصفَ الليلُ ، وغدا الهواءُ عليلاً ، طابت النفوسُ..
+ زُرنـا بلقيسَ ، كانت تُلمِّعُ خُلخالَها ، قبلَ أَنْ تدخُلَ على سُليمانَ وتَكشِفَ عن
ساقيها ...
+ صعدنـا سفحاً ، ودخلنا كهفاً ، فوجدنا " أهله " نياماً .. لَمْ نُعكِّرْ رقدَتهم ..
+ زُرنـا بِـلالاً ، أَيقظناه ..كـي لا يفوتَه أذانُ الفجر، لأنَّ الخمـرةَ أَثقَلَتْ رأسه..

+ مَرَرْنا سِراعاً بدارِ أبي سفيانَ ، لكننا لَمْ ندخُـلْ..!

+ ومن وراءِ ، ما لا أدري كمْ من الحُجُبِ ، زُرنـا أُمهات المؤمنين ،
وجدناهن شَمطاواتٍ ، إلاّ عائشة و زينب .. كانتا حلوتينِ تسلبان العقلَ،
بَضَّتَينِ ، فيهما عَبَقُ أُنوثةٍ طاغية..

+ رأينا أبا ذرٍّ يَتسوَّلُ تارةً عند بابِ بن عوف ، وأخرى عند بابِ أبي سفيان !!

+ زُرنـا الحلاّجَ .. لَمَمْنا ما قَطَّعه بنو العبّاس من جسده، نَفَخنا فيه.. ولمّا إعتَدَلَ، أَهديناه نظّـارةً من ماركـة " أبولو " وإشتراكاً كي يسوحَ مجاناً في "الشبكةِ العنكبوتية"..

+ زُرنا سرفانتس، وجدناه مُنشغلاً، على ضوءِ سراجٍ كليلٍ، بمخطوطة لسيدي أحمد بِنغالي عن دون كي خوته ، ، فلمْ نُزعجهُ ،

+ أبصرنا مولانا جلال الدين الرومي يَرقصُ الهب هوب ، لكنه تَعثَّرَ بجُبَّته فسقطت
عمامَتَه ،
+ رأينا بروميثيوس یرتعشٍ عارياً تحتَ الجسر في كرويتسبرغ ، يتسوَّلُ وَلعَةً لسيكارة حشيش تُرتجفُ بين أصابعِه... فصَعَدنا الأولمب ورمينا بصندوقة پاندورا عند قَدَمَيْ زيوس !

+ زُرنا فيدريكو لوركا ، نَزَعنا الرصاصَ من قفاه ، فأنْشَدَ لَنَا غجريته " أمبارو "(2)

+ زُرنـا بول روبسن، طَمَعـاً بواحدة من إسطواناته، أحالنـا إلى لِيوِي أرمسترونغ، ونام..

+ زُرنـا ماركس ، فأَخبرَنـا أنـه ليس ماركسياً (3)

+ رأينـا عصـا موسى ، نَخَرَهـا السوسُ من الداخل ..

+ أبصرنـا خبزَ المسيح في عيـونِ الجيـاع..

+ورأينا ما لا أجرؤُ على البوح به ....!

لكننـا لَمْ نَزُرْ حاتم الطائـي، كي لا يُفَتِّتَ لنا شحمَ فَرَسِه..
.....................
....................
الحاناتُ نامت فَرْطَ السَهَر ،
بائعاتُ الهـوى ذهبن يُجرجرنَ أَذيالَ النُعاسِ ، بعدَ ليلةِ عملٍ شاقّة..
الدجّالونَ بائعو الأوهام حملوا حقائبهم بخفةِ لصوصٍ مَهَرَةٍ ، ليدفنوا رؤوسهم في وسائد توفِّرُ لهم أحلاماً بصيدٍ سهلٍ في اليوم التالي.

وهكـذا عُدنا ، قبلَ أَنْ يَقرِضَ الفجرُ الليلَ .. ويرحلَ آخرُ قَطـارِ مترو !


 

(1) الوخمة: قيظٌ شديد مصحوبٌ برطوبةٍ عالية ( عاميّة عراقيّة ، بصرية تحديداً ، لأنَّ البصرةَ تقعُ على فم
الخليج العربي.)
(2) آخر قصيدة له ، كتَبها قبل يومٍ من إعدامه على يد الكتائب الفرانكوية الفاشية .
(3) قالها في معرض نقده للإشتراكيين الفرنسيين ، لاسيما صهريه بول لافارغ و شارل لونك.



(*) كاتب ومترجم عراقـي يعيش في ألمانيـا












 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter