|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  17  / 10 / 2019                                 يحيى علوان                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

" عُقوق "؟!

يحيى علوان
(موقع الناس)


يوم إستبد الشتات بنا ، وعلينا المنافي ضاقت
نسينا .. فشربنا من فم القنينة ،
خلاخيلُ الذاكرة رَنّتْ ...
"مَنْ شَرِبَ ما قَطّره الكوزُ والناقوط ،
لن يستطعمَ الماءَ اللقيطَ ،المُعلّب في قناني .."
ذالكم ، هو الحنين !
ي.ع

قالت العُربُ في السَفَرِ راحةٌ للنفوس ..
المُحدِثونَ رأوا في السَفَرِ ثقافةٌ ومتعة ..
صدّقْنا !.. بعدما سمعنا " خطبة التيه "،
غبارٌ مُشبَّعٌ بسوادِ الغربان حطَّ فوق المُدُنِ ،
شَدَدنا الرحلَ .. حملنا ما تبقّى لنا من ضلوعٍ دون وداع ،
تَهَشَّمَ الزمان و إنسكبْ ..
كيف سَنلُمُّه !
قلنا لسنا على سَفَرٍ ، كبقية الخلق، كي نعود !
فالمكان يُبدِّل زواره .. وأحلامهم ،
يُعِدُّ نفسه للهباء ، يُسلِّمه مفاتيحَ أبوابنا..!
لكن مَنْ سينزعُ أسماءنا عن هوياتنا ،
مَنْ سيمحو ذاكرتنا ، نُرضعُها حليبَ الوفاء ،
نصقلُ رخامَ الكلامِ ، نُلمِّعُ معدنه تحتَ خيمة الحنين ..؟!!
.........................
أربعُ عقودٍ ونصف إنقضت .. والقطيعةُ لم تكتمل!
لم تُغيِّر الحروبُ حدائقَ الِعشقِ ولا كَفَّ الحَمامُ عن الهديل ..
فيا عُمْرُ كُنْ رئيفاً حتى نعود ،

ويا عُمْرُ كُنْ رحمَةً ، دُلّنا على الطريق ..
.. إلى أين ؟!
الطريقُ إلى أيِّ شيءٍ ..
نريدُ أنْ نزورَ الـ"هناك " حيث تركنا خيرَ ما فينا ، ماضينا ..
.. زماناً ، ضاعَ ولن يعود ،
وطناً ضاعَ قد يعود !!؟
ونغتسلَ تحت قمر بغداد الليموني ..
نؤكِّدُ له أنَّنا ما نسينا ..
فهل يتذكرنا الماضي ، لِنَطُلَّ سويةً على أفراحٍ صغيرةٍ ، كأراجيح العيد..؟!
.. نُطِلُ بالأسود والأبيض.. بلا صوتٍ ، كي لا نُحرجَ الصمتَ الكثيفَ !!
......................
وهل يتذكرنا ، ذاك السنونو بذاكرته "الماسية"،
يبني أعشاشه في سقوفِ غرفنا العتيقة ،
يتدفاُ معنا .. كأنه يتسمّعُ لحكاياتِ الجدةِ لمّا نتحلّق حول موقد الجمر،
فيسكرُ برائحة الحرمل والدارسين ( القرفة) ويغفو ؟!
أيحلمُ السنونو مثلنا ؟!
....................
....................
تركنا الخَطوَ يستدرجُ أَقدامَنا ..
هو سَفَرٌ ونَؤوب !
ما دَرَينا أنَّ الإيابَ ، دونه المستحيل سيغدو !!
قُلنا نحمِلُ "الوطنَ" إلينا صوَراً ..
حتى إصفَرَّتْ ، وما ..
رُحنا نَصُبُّ خَمرةَ الحيرةِ هَذياناً مُجعّداً ،
......................
......................
أَنزلنا من الحائطِ "أيقونةً" خُطّتْ عليها قصيدةُ بريشت، غنّيناها :
" لا تَدق مسماراً في الحائطِ ،
إرمِ معطَفكَ على الكرسي ،
فأنتَ عائدٌ غداً !"
...................
خبّأنا اللوحةَ خلفَ الخُزانة ، هرَباً من " نقيضة " بين القصيدةِ والحال !
تناسلنا ، حتى صارَ لنا أحفادٌ يَرطنونَ كأهل "بابل "!
صِرنا نُراوغُ حين يسألونا " متى ..؟!"
" هيَ شِدَّةٌ عابرةٌ ونعود "، نقول ..
لكن " العبورَ " غدا عسيراً !!
هكذا ننسى فنجمعُ ما تبقّى من ترابِ الروح ،
نطرِبُ للصدى الغادرِ،
نتبعُ سَفائنَ تنأى،
نستذكِرُ شُرُفاتِ الخُوَرنَقِ والسَديرِ ،
مثل الكنعانيينَ يدكّونَ الريحَ فوقَ سُفُنِ الأغريق ،
........................
إمتَهَنّا فنَّ الحَكيِ ، نَدرَاُ به نِبالَ التقريعِ ،
صِرنا في مُعجمِ " العامة " أهلُ شَتاتٍ ، أَغرابٌ ..
قُرادُ "رفحاءَ" و "الجنادرية" صيَّروهم"الأُصلاءُ والسادةُ"،مثل الجحوش وغلمان"بدر" ،
مُعَلاّةٌ لهم "كؤوسُ الطِّلا "!!
مَنْ بقيَ من الأهل والصَحب يثابرُ في إستنطاقِ الغيب .. متى .. حتى مَ ...!
.......................
.......................
مُتشدّقو " ما بعد الحداثةِ " في أرضٍ " ترفِلُ " بزبالة ما قبل الحداثة ، يرموننا بأنّا
أهملنا غاندي ومانديللا !!
أيةُ مقارنة عرجاء ؟!!
كلُّ الأبوابِ سُدَّتْ أمامنا ..
لم يبقَ لدينا إلاّ الركوع أو الدفاع عن كرامتنا !
فقد كان فينا من الشهامةِ ما يمنعنا من الركوعِ ،
كي نُطلَّ على ضوءٍ ينسرب من بين السحاب ..
حيث رأينا غيرَ ما قد رأى السُفهاءُ ،
أخطأنا في التفاصيلِ ..؟!
نعم .. وألف نعم !
لكنْ لم يكن لنا خيارٌ آخر ، غير أنْ "نحمل السلمَ بالعرض"!!
ما كُنّا نرى ، حتى في الكوابيس ، أَنّا سنزيِّنُ الجمعَ بين النقائض كلها !!
نقولُ لهولاكو العصر : إنّا معك ، قد تركنا ماضينا وغدونا طيبين !!
......................
أما كان في وسعنا ألاّ نكون مع "السائرين" على دروب كسرى وقيصر ،
حتى لا تبقى بواباتنا مُشرعةً على الحروب والرحيل..!!؟
أنكونُ أُصبنا بعدوى " التقيَّةِ " ،
نَضَوْنا عن جلودنا ما نَسَجَه الشهداءُ والأسبقون ؟!
لَبِسنا ثوبَ السراب "الجميل" كي نصبحَ مقبولين !!
فنجلسَ إلى مائدة اللئام ..!!
لمْ نكن على بَيِّنةٍ من ذلك .. ولمْ يخبرنا أحدٌ ..!!
لكن حَدسَنَا الفطريَّ لمْ يَخُنَّا ...
تلك أيامنا السابقات مُتعبَةً تمُرُّ أمامنا ،
يَرمينا الشهداءُ بزهور ذابلةٍ ، يغمزوننا على ما وصلنا إليه ..!!
تُرى مَنْ سيرتِّق فَتْقَ عقوقِ مَنْ ؟!!
أنحنُ أم " الوطن " ؟!!


 






 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter