|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  9 / 3 / 2017                                 يعكوب ابونا                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



 ما المطلوب من المرأة في يومها العالمي ؟؟

يعكوب ابونا
(موقع الناس)

تحملت المرأة عبر تاريخها الطويل وزر انتماءها الانثوي الذي اضفى عليها صفة الضعف الجسدي ليعكس على سلوكها واحساسها العاطفي الانساني ، ليستغل الرجل تلك الصفات ويعطي لنفسه الحق في التحكم بقدراتها الشخصية فوصلت لدرجة انتهاك كرامتها وسلب ارادتها وحقوقها ففرض سطوته وقوته الجسدية المميزة بذكوريته ، عزز هذا التوجه المهان لها خاصة في بلداننا بشرائع واحكام دينية عندما انقصت من مكانتها وادميتها كونها ناقصة عقل ودين . لينحصر دورها في طقوس الطاعة والولاء وارضاء الرجل واشباع غرائزه الجنسية ....

ولكن في بلدان اخرى لم تستسلم المرأة لهذا المصير والقدر الذي فرض عليها بل كافحت وناضلت من اجل ان تثبت وجودها كقوة فاعلة على ارض الواقع ، كونها تشكل نصف المجتمع ، فهي تساهم بالعمل والعطاء والخلق ، وليست وسيلة لتمتع الرجل فقط بل دورها ووجودها وحقوقها لا تقل عن حقوق ودورالرجل في المجتمع ،..

لذلك نجد في نهاية القرن التاسع عشر بدأت الاصوات النسائية تعلو في الكثير من الدول منها اوربا وامريكا الشمالية مطالبة بتحسين ظروف العمل ، وحقها في التصويت وحريتها في اختيار ممثليها في المجالس الوطنية .. تطور الامر الى قيام عاملات صناعة النسيج في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الامريكية يوم 8 اذار عام 1857 باضراب عام ، ومن المصادفه ان يقمن يوم 8 اذار عام 1909 باضرابهن كذلك احتجاجا لظروف العمل السيئة ..

وفي عام 1910 عقد مؤتمر نسائي عالمي في كوبنهاكن في الدانمارك ، للاحتفال بنضال المرأة في انحاء العالم والسعي لنيل حقوقها المشروعة .. ولاول مرة تم الاحتفال عام 1911 بيوم عالمي للمرأة ، في كل من الدانمارك والمانيا والنمسا وسويسرا .. وبعدها اخذت الاحتفالات بيوم المرأة في الدول الاخرى وفي ايام مختلفه ..الا ان المؤتمر الذي انعقد في باريس عام 1945 ، بعد انتهاء الحرب العالمي الثانية ، للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي اعطى لهذه الاحتفالية دور اساسي للمرأة في المجتمع ، عزز ذلك الاحتفال بالسنة الدولية للمرأة عام 1975 ، وفي عام 1977 ، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يدعو الدول لاعتبار يوم 8 اذار يوم للاحتفال بحقوق المرأة والسلام الدولي وذلك وفقا للتقاليد والاعراف التاريخية والوطنية لكل دولة ، اطلق على هذا اليوم يوم المرأة العالمي ..

يوم 8 اذار يفترض ان تكرس احتفاليته ، لدراسة ومناقشة الانجازات والاخفاقات في مسيرة المرأة ، لتقييم ما انجزته وما يجب ان تخطط له لتحقيق طموحاتها المستقبلية ... لتتجاوز تحديات الزمن ، في بناء مستقبل افضل لها ولاجيالها القادمة ..

صحيح لقد تحقق للمرأة عبر نضالها الطويل بعضا من المكتسبات في بعض الدول الا انها لازالت لحد يومنا هذا وحسب التقارير، بانها تعاني في اكثر من 150 دولة اوضاع معيشية صعبه ومظاهر التميز تمارس ضدها في اغلب البلدان .. رغم اهتمام الامم المتحدة ، ومنظمات المدنية المعنية بالشان النسائي ، ومع ذلك لازالت اغلبية فقراء العالم من النساء ، وهن يشكلن ثلاثة ارباع الاميين في العالم ...

هذا الواقع المريرالذي تعيشه المراة تحت نير العادات والتقاليد الموروثه التي تغذيها افكار ومبادئ الدين والعقيدة خاصة في بلداننا ، تجعل المرأة اسيرة لها ومسلوبة الارادة ، ولكي تثبت نفسها ووجودها وتنال حريتها ، فالمطلوب منها بعيدها هذا ان تعمل وفق ما قاله قبل عقود من الزمن .. الشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي ...

ثوروا على العادات ثورة حانق         وتمردوا حتى على الأقدار

ان لن تثور المرأة العربية المسلمة في بلداننا ضد هذا التخلف الذي تعانيه سيكون مستقبلها ومصيرها اسوأ مما هو عليه اليوم ، والدليل ما حل بالمرأة بعد 2003 وما تتمتع به من مظهرها الذي يدل على تخلفها وعبوديتها لمفاهيمها البالية التي اكل منها الدهر وشرب ؟ لان ما تمارسه العصابات والمليشيات التابعة للاحزاب الاسلامية ، التي تعمل على ترويع النساء باحكام شرعية قمعية تنتهك كرامة الرجل قبل المرأة ، لذلك نجد الوضع المزري والمتخلف في لباس المرأة اليوم ، وما ظاهرة فرض الحجاب بالقوة في الشارع والمدرسة والجامعة والدوائر والمؤسسات الحكومية وغيرها الا علامة من علامات هذا التخلف الاجتماعي والارتداد الفكري والحضاري في بلداننا ، لذلك قيل فيه الكثير منذ عشرات السنين وكما قال شاعرنا الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي , في صرخته وصيحته المشهورة فطالب المرأة انذاك من ان تتحرر من الحجاب والذي هو حجاب على العقل وليس الراس فقط ، فكانت قصيدته المشهورة (أسفري يا بنت فهر) التي جاء فيها :

اسفري فالحجاب يا بنت فهر      هو داء في الاجتماع وخيم
كل شيء إلى التــــجدد             ماض فلماذا يقر هذا القديم

تقبل مجتمعنا العراقي انذاك هذه الصرخة وتهافت النساء على تنفيذها وخرجن من التقوقع الفكري والسلوكي الى عالم الحرية والعلم والثقافة والعمل مسايرن التقدم والحضارة الانسانية هكذا كان العقل العراقي متطور والمتجدد قبل اكثر من 80 عام .. واليوم هذا العقل يرتد الى الوراء حاملا معه كل سلبيات الماضي المشين من القمع والاضطهاد الحضاري والانساني متمثل اساسا بقمع المرأة وحقوقها وتتطلعاتها .. ؟؟ فهن اليوم يتعرضن الى جانب كبير من التمييز والاستغلال والعنف بوسائل مبتكرة وجديدة ، بالاضافة الى عمليات القتل التي ترتكب بحقهن على يد الملشيات واللجان الظلامية والارهاب وبذرائع اجتماعية ،وعقائديه دينية ، كما حدث ويحدث في البصرة وغيرها من المحافظات الجنوبية وفي شمال العراق يوميا وفي وضع النهار، بالاضافة الى انتشار بما يسمى جرائم غسل العار التي تكثر هذه الايام في مدننا وقرانا ،هذه الاعمال تعبر عن همجية مرتكبيها ،والحكومة عاجزة عن الحد من هذه الظاهرة لانها هي جزء من شرعنة هذه الاساليب الاجرامية لانها تنضوي تحت مفاهيم العادات والتقاليد الدينية .. ..

لذلك فالرجال في بلداننا بحاجة ان يناضلوا بشده ضد العادات والتقاليد البالية لكي يتحرروا هم انفسهم من هذه القيود لانها الحجرة العثرة في طريق التقدم والتحرر والانعتاق ، لان نحن معشر الرجال علينا ان نناضل مرتين الاولى من اجل ان نتحرر من قيود العادات والتقاليد التي نحن لها عبيد ، ونضالنا الاخر هو مع المرأة لكي تنال حقوقها وحريتها ، لان ان لم نكن احرارا لا يمكن ان نمنح الحرية للمرأة والاخرين ، لان العبد لا يخلف الا عبيدا مثله . وفاقد الشئ لا يعطيه ..

كما نطالب السلطات العراقية مسؤولية تأمين الامن والاستقرار لشعبنا وللنساء خاصة في حرية العمل والتنقل وممارسة حقوقهن القانونية والدستورية ، واتخاذ الاجراءات القانونية بحق الجناة وكشف هوياتهم ، و تعرية من يقف ورائهم ، وتقديمهم للعدالة ليكونوا عبرة لمن اعتبر .

بهذه المناسبة نحي نضال المرأة والرجل معا من اجل بناء مستقبل افضل للاجيال القادمة
ولعراقنا الغد مستقبل مشرق افضل للجميع ........باقات من الورود والرياحين الى كل النساء وللعراقيات بوجه خاص اينما وجدن في بقاع الارض ....

والى الامام ... وكل عام وانتن بالف خير....

 

9 / 3 /2017



 

 

 



 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter