|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  8  / 7 / 2020                                 يونس عاشور                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

في الأسس البراغماتية للتّطوير الإداري..!

يونس عاشور *
(موقع الناس)

من المعلوم أنّ المدير النّاجِح لأي مؤسّسةٍ إدارية أو هيئة عمليّة سواءً كانت سياسيةٍ أو إقتصاديةٍ أو إجتماعيةٍ إنّما هو بمقدار إيجاد العنَاصِر والمقوّمات والمُنْطلقات الفاعِلَة لتحقيق النّجاح الذي يتمثّل في "رحابةِ الأخلاق المهنيّة والصّفات النموذجيّة والقُدرات الذهنية الديناميكية الفاعلة والخصائص القيادية الراشدة" فإنّ مثل هذهالمفاهيممن شأنها أنْ تقودالمَنْظُومَة الإدارية إلى التّقدم والتّطوير والتّعزيز في تحقيق المكتَسبات والإنجازات البراغماتية الوظيفية التي تؤثر بدورها أيضاً في صنعِ الكفاءات وتنفيذ القرارات وإتّخاذ الإجراءات السريعة من أجل تحقيق المكاسِب التي تسعَى إليها المؤسّسة أو الشّركة أو الهيئة أو القيادةبحيث تكون الإحداثيات والمُعطيات في إتجاه التّطوير المستمر حتى تحقيق الربحية والنفعيّة وتحسين مستوى الإنتاجيّة بمزيدٍ من النّجاح والاستمرار في الاستحثاث للطبقة الوظيفية نحو الإستراتيجية التنافسيّة بالأساليب الإدارية التقنية التي تعمل على خلق المناخات المواتية وتهيئة البرامج وإعداد المناهج التدريبية للتأهيل والتطوير الوظيفي للعاملين ومنسوبِي الجهة الإدارية الذين ينتسبونَ إليها بإعطائهم الثقة والفرص العملية التي تساعدهم في بناء المفاهيم القيميّة كرسم الخطوط العريضة للأهداف وطرق تحقيقها عبر الإجراءات التي تُتّخذ لتلبية حاجات العمل وبالطّبع إنّ ذلك المسار، إنما يكمن في الخبرة والتجربة والقدرة والمعرفة العملية من قبل الكادر الإداري الفعّال على أساس التقدّير والتّحليل للمعلومات والبيانات أو للمفهومات والموضوعات المختلفة التي تتعلق بالجانِب الإداري والقيادي، من هنا يلزم على المؤسسة أو الشركة أو الهيئة الإنخراط في التخطيط الإستراتيجي المبني على صنع القرارات وتوليد النّظريات وتطبيق الإجراءات والمعطيات المفاهيمية الإدارية المختلفة وعلى أكثر من صعيد حتى يتحقق مفهوم النجاح التي تطمحإليه المؤسسة أو القيادة من هنا فإنّه من الأهمية بمكان والأهلية سواء كان في الزمان أو المكان أيضًا يتوجب على الإداريين والقياديين في مجال الأعمال الإدارية عدم إغفال هذا الجانب الذي ربما قد يغيبُ عن أذهان الكثير من الإداريين وغيرهم من القياداتبسبب الإهمالأو القصور المعرفي في بعد النظر والفكر الذي يتسبّب في تلاشي الدراية الإدارية عند الموّظف أو المسؤول، فالاستبداد بالرأي وعدم قبول الرأي الآخر بمهنية أخلاقية قد يكون سبباً في فشل وتراجع المؤسّسة وبالطبع هذا ما قد ينتج عنه الخسَارة وعدم الربح والتوفّير للمؤسسة ذاتها، فالمُشاركة في اتّخاذ القرارات والسياسات مع الطرف والأطراف الأخرى إنما يكون مدعاة للتّقدم والنّجاح وتجاوز العقبات والأزمات التي قد تمر بها المؤسسة أو الشركة أو أي إدارة ما.

إذن الإدارة التي تفتقد إلى توظيف مقوّمات الأخلاق المهنية والصّفات النموذجية هي التي تكون عرضة للتنافر(النفور) من قبل المراجعين الذين يتردّدون في طلب حل مشكلاتهم أو تنظيم مسؤولياتهم الاجتماعية أو ترتيب أولوياتهم الحياتية، ومتى ما سعت الإدارة جاهدةً في تطبيق المبادئ والأسس الأخلاقية والصّفات السلوكية المهنية النابِعة من العقل الإداري الحكيم والمسؤول حينئذ يكون لها الثّمرة اليانعة في كيفية استقطاب الآخرين ودفعهم لها وبالتالي نجاحها نجاحاً إدارياً تكاملياً مع استلزام تطبيق المقوّمات القاعدية الأولية كالمهارات والقدرات والأساليب الإدارية الناجحة التي تكمن في عقد ورش التدريب والتطوير واتخاذ القرارات الحكيمة في تدارس أساليب التغيير والتحديث الوظيفي للمؤسسة أو الشركة باستمرار عبر دعم الطاقم الوظيفي دعماً لوجستياً يستشعر من خلالهبالاهتمام البالغ به وإيلاءه حافزاً واهتماماً إدارياً يستطيع ان يكون مُبدعاً ومعطاءً.

إن المدير الناجح هو الذي إذا قَصَدَهُ الآخرون وجدوه، بمعنى أنْ يكون صاحِب أهلية وخبرة عملية تقنية يفيد الآخرين بتجاربه واقتراحاته الصائبة أو استثماراته لقراراتهومقارباته الذهنية الهادفة القائمة على مفهوم القياس والحساب الزمني الذي بموجبهِ يحقق له الغايات والتطلعات، كما أنّ المدير النّاجح هو الذي يخلق الظروف المواتية لإتاحة النقاش الموضوعي الفعّال سواءً تعلّق الأمر بالمشكلات الإدارية التي يواجهها منسوبوه أو بالمشكلات الفنية والتقنية التي يصطدم بها الجميع داخل بوتقة المصنع المؤسسي والإداري وهنا نود أن نُشير الى بعض الخصائص والشرائط المقتضى توافرها في شخصية المدير الناجح وذلك من أجل الوصول الى مفهوم إدارة نموذجية وبالطبع أن مثل هذه الأمور ليست بالعسيرة على شخصية المدير، فالمهارات والقرارات التّصويبية التي بموجبها تجعل منهُ مديراً متقدماً بشكل متكامل في أقواله وأعماله هي التي تفعل فعلها وتؤتي ثمارها على المنظور القريب والبعيد وذلك باتباع الآتي:

- الاهتمام بأن يكون المدير قدوة حسنة مع من يتعامل معهم من مرؤوسين أو موظفين أو مراجعين من الفئات والمستويات والطبقات الإدارية المختلفة الأخرى فإنّ ذلك يساعد على معرفة سرعة الكشف عن الثغرات والأخطاء الإدارية التي ربما تحدث بين فينة وأخرى والتداخل المتواصل بواسطة الأخلاق والصفات الحسنة مع الهيئة الإدارية كما أسلفناه فهو الذي يشكل الجانب الأهمّ في كيفية معرفة الأمور من أعلاها الى أدناها، وتكمن القدوة الحسنة أيضاً في الشخصية التي تحمل الأبعاد والأهداف المتوخّاة لنجاح الهيئة الإدارية فالمشورة مع الآخرين تمكّن الإنسان من اكتساب المعارف العملية وبدون ذلك لا يستطيع المدير اكتشاف المعوّقات التي قد تحدث بسبب القصور في النظر الإداري وقد تقدم الإشارة إلى ذلك آنفاً.
- أن تكون لدى المدير القدرة والفاعلية على استخلاص الدروس والعبر من التّجارب الفاشلة أو النّاجِحة سواءً بالنّسبة إلى مؤسسته أو سائر المؤسسات وهذا المسار إنّما يكمن في رغبتهِ وحبّهِ للاطلاع وذلك عبر دراسة المناهِج الإدارية سواءً القديمة أو الحديثة منها ومتابعتها وتطبيقها في مضمار العمل الإداري إذا اقتضى الأمر.
- التّصرف إزاء المواقف الطارئة بسرعة وبمرونة بحسب الموقف المتطلب كالمشكلات الإدارية التي ربما تحدث من المسؤولين أو غيرهم والمحاولة في إيجاد الحلول المناسبة لها.
- القدرة المهنيّة على عرض الرأي والإقناع بقوة الحجة والمنطق وهذا الأمر إنما يتطلّب أن يترتّب عليه شيء أساس كما ذكرناه وهو حب الاطلاع الواسع من قبل المدير على المناهج الإدارية كالنشرات والدوريات والمجلات التثقيفية التي تُعنى بالشأن الإداري وكيفية معرفته لها لتحليل القضايا وإبرازها بشكل موضوعي.
- التفاؤل والتطلع للمستقبل: فإن الإنسان إذا لم تتوفر لديه هذه السمة المهمة والتي يقتضي أن تقرن مع العمل الجاد فإنه سيكون في موضع الإحباط والفشل أو الإسقاط للعمل بنهاية مشروعه إلى خسارة وضياع.
- الإنصاف بينه (المدير) وبين سائر أفراد الطاقم الإداري سواء كانوا رؤساء أو مرؤوسين أو مدراء ومراجعين مرتبطين به، ومن المعلوم أن الإنصاف يرتكز على مقوّمات من ضِمنها الخصَال الحسَنَة كالتّواضع والأخلاق المهنية.
- الروح التنظيمية والتّرتيب فإنّ الإنسان إذا أقلمَ نفسه على التنظيم والترتيب تطبّع بهذا الروح حتى تأتي منه الأشياء تلقائية وبروح رياضية وإدارية.
- حسن توزيع العمل على المرؤوسين حسب قدراتهم ونشاطهم العملي والسعي للتعرف على هذه القدرات وتطويرها لأن الإنسان لا يستطيع أن يجعل الناس في مستوى واحد لهذا يقتضي التعرف على نقاط الضّعف والقوّة وعمّا إذا كان البعض يتّسم بالضعف فباستطاعة المدير أن يرفع من كفاءة منسوبيه عبر تقديم الدعم لهم من دورات تدريبية مستمرة وبرامج تثقيفية مثمرة مما يكون لها الأثر في كيفية الإرشاد والتصحيح للمنهج الإداري الصحيح القائم على الأسس البراغماتية للتطوير الإداري الناجح.
 


* كاتب وأكاديمي فلسفي
 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter