|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  6  / 4 / 2021                                 يونس عاشور                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

تفعيل مفهوم التسامح

يونس عاشور *
(موقع الناس)

ترتفعُ الأصواتْ بينَ الفينَة والأخْرَى من كافّةِ المؤسّسَاتِ الدينية العَالميّة والهيْئات الحُقُوقية الإنسانية، والجِهات القانونية العقلانية للدّعوة إلى طرح مفهوم التّسامح والحاجة إليهِ كمنهج وكمفهوم وكدستُور أخْلاقي ينطلقُ من المبادئ والقيم الإنسانية النّبيلة، وبالفعل فقد كانت لهذهِ الأصْوات والدّعوات والنّداءات تَفاعلات واستِجابات خاصّةً على الصّعيد العالمِي الذي يُشكّلُ نقطة الانطلاق الأساسي في إيصال تفاعلاته وتوجّهاته وتمكين علاقاته الدولية نحو تقويم رؤيتهِ العقلانية والإنسانية ومن ثمّةَ توظيفها وتفعيلها بين الأمم والمُجْتَمَعَات من أجلِ تقويمِ وتصحيح مفاهيم الأمم والمُجْتَمَعَات وتصويبها نحوَ النُّظم والغايات والقيم والعلاقات الأخوية التي تكمن في تفعيل مفهومِ التّسامح والتّصَالح والانْسِجَام والانْضِمَام في بوتقةِ المُجْتَمع الكَوني الواحد المُتَعدّد في التّوجُّهات الإيديولوجية المُخْتلفة. لكن ما تشهدهُ السّاحة العالمية اليوم هو التّضارب والنأي وعدم الانْسجام والتّقارب في الرأي الذي يَتَمحور حول مفهوم التّسامح من منظُور أخلاقي وإنساني وقيمي من حيث النتاج الذي يتضمّن في طيّاتِه وأبعادِه غاياتٍ وأهدافٍ حميِدة ونبيلة، فالمأمول هو تفعيل وتوظيف هذا المفهوم على نحو علائقي وتواصلي وتفاعلي يرمي إلى خلق مناخات تسامُحية بينَ الأمم والمجتمعات بل بين الأفراد والجماعات التي تتمثل في القبيلة والمجتمع والدولة، وبالتّالي الانطلاق بهِ نحوَ الكونية والأممية لتتجذّر مفاهيمه ومنطلقاته في العقل الإنسانِي على أنّ مثل هذه المفاهيم يقتضي أن تنطلق من روحِ المدنية والحضَارة والسّمو في معنى الإنسانية.

وما نراهُ اليوم من عدم حضُور لمثل هذه المفاهيم في أوساطِ المُجْتمعات، إنمّا هو بسببِ الأطماع المادية وغياب القيم المعنوية، وما تروج له الماديات من مفاهيم خاطئة تساعد على تقويض هذه المفاهيم وجعلها من الأمور الثانوية الغير أساسية في تنمية التسامح بين الأمم والمجتمعات.

ولكي يتسنّى لنا الخروج من مأزق المفاهيم الخاطئة التي تخلق لنا الافتراق والتباعد أو الانغلاق والتراشق بالكلمات والعبارات اللاأخلاقية التي تعمل على خلق هوة بين الأفراد والمجتمعات والتي تتسبب في إيجاد اختناقات في التّوجهات والأفكار وعدم الرغبة في خلق علاقات إنسانية مبنية على مفهوم التّسامح الديني والإنساني والمدني الحضاري والعقلاني الذي يخدم كل معاني الإنسان والإنسانية والعقل والعقلانية، يقتضي علينا التخلي عن بناء التراكمات للمصالح الذاتية عبر الاندماج مع أطياف المجتمعات الأخرى والسعي لتنميتها والتواصل معها على أساس مفهوم المدنية الحضارية وكل مقومات المعاني الإنسانية النبيلة التي تكمن في تكوين أواصر التضامن والمحبة والصداقة نحو الأخر مما يكون مدعاة لتأسيس ضوابط في مفاهيم الخطاب العقلاني للواقع المعاش وحتى يحصل تبادل قوامه التفاهم والتسامح والتواصل البناء.




* كاتب وأكاديمي فلسفي
 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter