|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  30  / 3 / 2020                                 يونس عاشور                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

في التأسيس الفلسفي لبناء خطاب المنهج المدرسي.!

يونس عاشور *
(موقع الناس)

حينما نتحدّث عن خطاب المنهج المدرسي فَنحنُ نقصد بهِ جملةً من المفاهيم ذات المقولات والمدلولات التربوية والتعليمية أو الفكرية والمعرفية من حيث أنّها رؤى وأفكار ومفاهيم يقتضي أنْ تنطلق من تقنيةِ ميثودلوجية Methodology لأبعاد فلسفة الخطاب التي تستهدف مباشرةً المسار الدراسي المدرسي وحيث أنّ هذا الجانب يشكّل نقطة انطلاق وتحوّل معرفي في صقل الذات من خلال البواعث والقواعد القيميّة التي يجب أن تبدأ من مبدأ التأسيس الفلسفي التربوي التعليمي إلى مستوى التأصيل المعنوي المفاهيمي بحيث تكون مخرجاته مخرجات فلسفية تنتهي بالمحصّلِة النهائية والغائية من تأسيس وتطبيق منهج التدريس القائم على جماليات التوعية والتفقيه للمبادئ الناجحة لأسس التربية والتعليم ومن ثمّةَ العمل على إدارة هذا المنحى بخاصّية عقلانية محضة تتّسم بالحضور الفكري للموضوع وتنتظم بتفعيل المسار المنهجي الاستراتيجي لمفهوم تجذير المبادئ والأسس العملانية وصهرها داخل بوتقة المؤسسة التعليمية حتّى يتسنّى للخطاب المدرسي الارتكاز على دعائم الانتظام والتنظيم لدراسة الواقع الميداني وتطبيقه نحو تأسيس مشروع فلسفي عقلاني يصبُّ في اتّجاه ترشيد الخطاب المدرسي وجعله أكثر حداثة وتقنية يلامس واقع التحولات والتطورات الحياتية وينحو نحو إصلاح المشاريع التعليمية المتعثّرة وتصويبها نحو بوصلة التقدم والنجاح الأمثل الذي يؤتي ثِماره على المنظور الزمني البعيد.

فمن المقتضى إعادة جدولة وصياغة مشروع خطاب المنهج المدرسي الذي يتطلّب منّا ابتكار مناهج جديدة وطرائق عديدة للخروج من المألوف بأساليب حديثة تنطلق من مفهوم دراسة الجزء إلى مضمون دراسة ومعرفة الكل على أنّ مفهوم الكليّة (
Totalitarianism)حسب ما نقرأه ونفهمه هو أكثر فاعلية وتكاملية منهجية ومفهومية على صعيد التعليم الحداثي والتحديثي ومن ثمة اجتياز المفهوم التقليدي إلى مراتب العمل التجديدي بأدوات تعليمية عالية الجودة والدقة في الأداء والفاعلية (1) من حيث التصويب نحو الهدف المنهجي الذي يعمل على تجديد المكتسبات التعليمية وجعلها في الطليعة لإحراز معالم التقدّم والتطوّر في ميدان السباق الحضاري العالمي.

من خلال هذه المقدمة التي قد تكون معانيها متداخلة أو متطابقة من حيث المفهوم والمدلول، سنحاول التركيز قدر الإمكان على عرض العوامل والفواعل الحداثية التي تدعم عجلة التأسيس الفلسفي لبناء خطاب المنهج المدرسي القائم على جُملة من الأسس والمرتكزات الفلسفية وذلك للاستفادة منها في عرض احتياجات ومتطلبات الخطاب الترشيدي واستثماره نحو تأسيس خطوة أوليّة لانتهاج فلسفة الإبداع.

في ماهية فلسفة الخطاب المدرسي.
تكمن ماهية فلسفة الخطاب المدرسي بأن هذا الخطاب هو فرع ونوع من المشروع النهضوي الحضاري الذي يكون له تأثيرات ومؤثرات على المنظور الزمني البعيد ويتضمّن في طياته أبعاداً وقوانينَ ومعطيات وظيفية وآليات ومنهجيات كيفية أي تشمل الكيف النوعي والتكميم الفعلي (
Quantification) المقتضى توافره في خطاب المنهج المدرسي من تجميع العناصر ألأولية التي تعمل على تحديث الخلفيات التقليدية للأنماط Conventionalism (المناهج الدراسية – الأساليب التدريسية- البيئة المدرسية- الحقيبة المدرسية- المعلّم- الأنشطة...الخ) وقد يتمثل هذا النمط في أُطر بدائية وان كانت متجددةً نوعاً ما إلا أنّها تظل راكدة لا تؤتي ثمارها بشكل تكاملي لأنّها تسير وفق ضوابط غير قابلة للتبديل والتحويل الخطابي ، فالدوافع والاهتمامات من شأنها أن تضفي مسارات أخرى من ضمنها مرحلة الانتقال والتأسيس وإعمال فلسفة التحديث والتأصيل لمفردات الخطاب الناجع ومعاني اللغة المُسْتَحْدثة وترجمة المفهومات وتحويل الإمكانات الممكنة وقولبة المنهج الثابت إلى ضابطة وسيرورة فاعلة على الصعيد المدرسي وما قد يتطلبهُ من فلسفة تضفي عليه طابع التصحيح والتنقيح والتوضيح إلى معطى وصياغة في أنظمة التدريس المنهجي بوضع إحداثيات توضّح ماهية هذا المفهوم التأسيسي على أنه جُملة من المباني التي يُبنى عليها إعمال النّظر والفكر باعتبارهما محرّكين أساسيين وفاعلين رئيسيين مهمّين في دعم الاكتشافات الفاعلة على صعيد الخطاب النهضوي، فتجاوز المعنى الظاهري ومحاولة استنطاق المسكوت عليه يمكن أن يؤسّس لفرضيات ونظريات من شأنها منح مفاهيم إجرائية وعملانية لتقويم ظاهرة الخطاب الفلسفي المدرسي عبر عدة مكوّنات رئيسة:

مفهوم المؤسسة المدرسية من وجهة نظر فلسفية:
تعتبر المدرسة مؤسسة سوسيولوجية تمارس تطبيعا اجتماعيا على المتلقّي، وتسعى إلى تشريبه قيم ومُثل ومُعتقدات ومعايير المجتمع الذي ينتمي إليه. ونظراً لدورها الكبير في عملية التنشئة والإعداد السوسيولوجي الذي يفوق دور البنيات والمؤسسات المجتمعية الأخرى (الأسرة، الجمعيات، المسجد…)، من خلال سيرروات شاسعة في الترويض الذهني والأخلاقي والتعليمي والسلوكي
Dressage mental مما يجعلها في مقدمة المؤسسات التي تلم شتات المستويات والبنيات التأهيلية والتعليمية (2) "وهذه المفاهيم يمكن لنا عنونتها بأدبيات تربوية منهجية تأسيسية هي نواتج تنبثق من مجالات التعلّم وكل أشكال التفكّر الذي يكمن في المجال المعرفي – المجال الوجداني – المجال النفسحركي (المهاري) ولا شك بأنّ هذا التصنيف يتأسّس على الشخصية الإنسانية المعنية بالتربية ولها ثلاث مجالات أو جوانب متكاملة غير منفصلة أو متباعدة عن بعضها في المجال العقلي الذي يتعامل مع الابيستيمولوجيات ، والمجال الوجداني أو الانفعالي الذي يعبّر عن المشاعر والأحاسيس والمجال الديناميكي أو التكتيكي المهاري الذي يتّصل بالجسم ومهاراته الدينامية".(3)

إنّ مغبّة الاعتقاد الميكانيكي بهذا التصّور
Absence of Visualization، لكون المدرسة تتمتّع بقدرة لا يُستهان بها من حيث إيجاد هذه البنيات والمعطيات الميثودولوجية، وتتوفر على ميكانيزمات داخلية خاصّة تمكنّها من الانفلات من واقعها التقليدي وظيفياً وتربويا واجتماعيا فإنّ ذلك من شأنه أن يتغلّب على المعوّقات التي قد تعتبر السمة الناظمة لمجتمعاتنا الثالثية ، وهو عدم وجود انسجام وظيفي أو اتّصال طبقي بين المدرسة ونظريات المناهج الأخرى: (النظرية الموسوعية، النظرية الجوهرية أو الأساسية، النظرية التطبيقية) فمن شأن هذه النظريات أيضاً أن يكون لها دور في دفع عجلة النضج المؤسسي لمجالات المعرفة وجوانبها الأخرى.

المرجعيات السوسيولوجية والابيستمولوجية للخطاب الفلسفي المدرسي.(3)
أن للخطاب مرجعية مزدوجة: مرجعية ظاهرة ومُعْلَنَة، وهي التعليم والتكوين ونشر المعارف والإعداد للحياة العامة، ومرجعية ضمنية مسكوت عنها تكمن في تمرير خطاب السلطة والنظام القائم. وهكذا تبدو الإحالة المُعْلَنَة كما لو كانت وظيفتها القاعدية هي إخفاء الإحالة الضمنية العميقة المؤسسة إيديولوجيا لمحتوى الخطاب المدرسي المؤسسي. فالخطاب المدرسي، إذن، هو خطاب مرجعي يحيل ضمنيا إلى مصدره الاجتماعي، وهو النظام القائم، الذي يرى في النظام التعليمي أداة فعّالة لنشر نوع من الوعي الاجتماعي-الإيديولوجي ينسجم مع مصالح "الطبقات السائدة"، ومع رؤيتها للعالم.

ثمة علاقة حميمية بين الخطاب المدرسي وبين السلطة أو الفئات السائدة في النظام المجتمعي القائم الذي يسهم به النظام التربوي في إعادة الإنتاج الثقافي والاجتماعي من هنا فإن هذه الرابطة تشكّل مرجعية عقلانية أيضا في بلورة التشكيلة الاجتماعية النافعة ومدى أهميتها وفاعليتها في المساهمة الفعّالة نحو دعم ركائز الخطاب الفلسفي المدرسي.

دور الخطاب الفلسفي في تأسيس بيئة مدرسية متكاملة.
التأسيس لبيئة مدرسية متكاملة ينطلق من مفهوم ماهية فكرة المجتمع ورؤيته للآفاق والتطوير في مجالات الحياة المختلفة على أن البيئة المدرسية يقتضي أن تكون عاملاً ومُحَفًزاً لرغبات الطالب وخلق أجواء تفاعلية تساعده على المضي قدماً نحو مزيداً من الاهتمام بالتعليم والجانب المدرسي لأنّ ذلك لا يتسبّب في إشغال وإهدار طاقاته في أمور لا تعود عليه بالنفع فالثّغرات التي قد تكون سبباً في تقصيره هو عدم إندماجه واستدماج قدراته في البيئة التعليمية المؤاتية.

من هنا يقتضي أن يكون خطاب المنهج المدرسي فاعلاً في تكوين وتقويم عناصر بيئية متكاملة صحيحة من حيث إيجاد جودة المناخ التعليمي الرامي في تأسيس حاضرة تلائم ذاته وتوجهاته وتطلعاته قائمةً على الإبداع المعماري والأسلوب الأدائي والاختراع الأداتي لما يمكن تسميته بجمالية المكان وجودة العمل التدريسي واكتشاف الوسائل التعليمية المدرسية الحديثة التي من شأنها تحفيز الطالب حتى يتسنّى له الانخراط بصورة سلسة فعّالة ومُنْتِجة على الصعيدِ العملي فيكون بذلك توّاقاً ومبدعاً في التعامل مع ماهية نظم التعليم.

دور الخطاب الفلسفي في تأسيس كفاءات وطاقات تعليمية وأكاديمية.
يتّسم الخطاب الفلسفي بقوة أصالته ومتانته وقدرته الدائمة على الإنتاج والتصحيح المنهجي أي بمعنى آخر هو أشبه ما يكون بالقاعدة العقلانية والمرجعية التوجيهية في إيلاء الموضوعات التي تتعلق بجوانب الحياة المختلفة وتكون وظائفها متعددة الأبعاد والتراكيب فيما يخص توليد وإنتاج النظريات والمفاهيم الفلسفية، من هنا الحاجة إلى مثل هاته الموضوعات والاستعانة بها في تجسير الفجوة بين الطالب وأهمية العلوم الفلسفية التي من شأنها تدعم خطاب المنهج المدرسي وتجديده والعمل على ترجمة آلياته وتحليل خلفياته الإستراتيجية وقراءة أنساقه المنطقية وبالتالي نتّجه نحو هيكلة التأسيس الذي يقوم على دور الخطاب الفلسفي في ترشيد وتوجيه الطاقات والكفاءات الطلابية بمزيد من المنهجيات التعليمية الأسلوبية القائمة على الإبداع والإتقان الجمالي في توظيف تقنية النص وتقويم الخطاب وصياغة اللغة التعليمية في نفوس الطلاب وبهذا الاتّجاه يُكسبهم مقومات رئيسة في خلق روح تعليمية مدرسية تسهم في إنتاج واقع أكاديمي يرتكز على مهارات عقلية وطاقات فلسفية وكفاءات فكرية وثقافية تتصل بمنهج ودور الخطاب الفلسفي في التوجيه والإسهام نحو تأسيس الكفاءات والطاقات الطلابية المختلفة والتي يكون لها نتائجها الإيجابية والمعنوية على المدى القريب والبعيد.

المنهج الدراسي التقني ذو البعد السياسي والأساسي في تنمية الكفاءات.
متانة المنهج وقوّته تكمن في كثافته وأصالته ومدى فاعليته في الإعداد والتأليف أو التصنيف والتنظيم لهذا المنهج على أنه يقتضي أن يحمل في طيّاته أبعاداً أولية وأساسية اصطلحنا على تسميتها بالبعد السياسي لأنّ هذا الجانب عادةً ما يكون لدى أصحاب العقول الرائدة الفطنة المتخصصة في تقديم الرؤى والأفكار ودراسة الحيثيات ومعرفة التكهنات لما يترتّب عليه المنهج في مستوى أبعاده النظرية المتقنة من حيث توظيف الأداء والأسلوب والجهد الذي يفجرُ الطاقات ويؤسس الكفاءات داخل الحقل المدرسي لدى الطلاب مما ينتج عنه تحفيز توجهاتهم العقلية وبناء قدراتهم الذاتية التي تتسم بجوهر المعنى وترجمة النص وحضور المفهوم وبعد الفكر وهذا ما نحتاج إليه حتى يكون المنهج المدرسي يتّسم بالفلسفات في جوهره ومحتواه السياقي والإجرائي بمعنى آخر أن يتحوّل إلى صياغة ابتكار جديدة تعتمد على المضمون الكيفي لا المفهوم الكمي المتعارف والذي قد لا يساعد التلميذ على تنمية مهاراته وقدراته وقرارته التعليمية في اكتساب المعلومات والمفهومات المختلفة بشكل ناجع ومن هذا المنطلق لا يتم تحقيق وغرس المهارات في ذهن الطالب إلا من خلال تفعيل عدة نقاط نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
تحقيق شخصية منسجمة ومتكاملة لدى الطالب، وتأمين تطوّره الشخصي بشكل متزن وسوي.
الإسهام في منحه وعيا مطابقا بواقعه الاجتماعي الوطني والقومي والعالمي.
تأهيله علميا وفكريا لمواصلة دراسة عليا أو جامعية متخصصة، حسب قدراته ورغباته من جهة، وحسب أسبقيات وأهداف المجتمع، من جهة ثانية (في إشارة إلى دور التوجيه المدرسي والمهني).

ومن خلال هذه الإسهامات يتجلّى أيضا دور البعد السياسي في صياغة الأفكار وبلورة المفاهيم من معيار عقلية تتميّز بالذكاء والدهاء وبُعد النظر التي تمكّن الطالب من تنويع مصادر الدخل المعرفي ومكتسباته على نحو تقني وتكتيكي يستهدف المناهج والدراسات التي تقوم بقولبة المفهوم وتعمل على معالجته وبلورته كمفهوم قابل للتحويل والتبديل نظراً للظروف والتحديّات التي يحتاجها الطالب في موقعه المدرسي.

تحويل منهج الحقيبة المدرسية من مادة كتابية إلى لوحة الكترونية.
الحقيبة المدرسية هي عبارة عن محفظة أو كيس يوضع فيها الكتب والكرّاسات المدرسية وذلك من أجل الانتقال بهذا الكم العددي من وإلى البيئة المدرسية أو المنزلية من أجل المذاكرة والمطالعة في أمّهات هذه الكتب وقد تكون هذه الكرّاسات في عصرنا الحالي مجهده إلى حد ما بسبب كميتها وعبئها على الطالب مما قد تسبب ثقلاً نوعياً عليه وبالتالي الجهد الذي قد يكرّس أيضاً حالة السأم لديه عند ذهابه وإيابه بها.

الفكرة الحديثة التي تتطلب انتقالاً كيفياً ونوعياً على المستوى التدريسي هو تحويل هذا الكم العددي إلى وسيلة الكترونية تساعده في اختزال الموضوعات والمناهج في لوحة الكترونية بسيطة لا تتسبب في خلق الجهد البالغ عليه وربما قد طُبّقت هذه الفكرة لدى بعض المجتمعات المتقدّمة اليوم والتي تسعى إلى اختصار المسافات الزمنية وطيها في عملية الاختصار بالانتقال من فكرة المناهج الحقيبية إلى اللوحات والشاشات الالكترونية التي تعمل على تخزين العشرات من الكتب والمجلدات، وليس ثمة شك بأنّ هذا الأسلوب يختصر الكثير من صرف الجهد الجسدي والمادي ومن ثمة تحويله إلى استثمارات ومعطيات أخرى تصبّ في مصلحة الطالب ذاته.

الخطاب المدرسي: من التحويل النظري إلى التطبيق والتفاعل العملي.
إن مُحاولة تفعيل نظرية التحويل والتبديل في صياغة المفاهيم المدرسية إلى تطبيق إجرائي لهي بحاجة إلى فهم واقع واحتياجات المجرى المدرسي كإنشاء المعامل المختبرية والأنشطة التدريبية والبرامج المهنية المختلفة التي تعمل على صقل المهارات والقدرات وتوليد الطاقات الإبداعية التي من شأنها تخلق تفاعلاً دينامياً بين الطالب ومعلميه وبين ميوله ورغباته الدراسية من هنا وجب إقامة الورش التي تنسجم مع إمكانيات الطالب حتى يتسنى له الانطلاق في خوض التجارب المهنية المختلفة فمن الأهمية بمكان تفعيل هذا الجانب وأن لا يقتصر أسلوب الدراسة على منهاج نظرية فقط بل يجب أن تتعدى ذلك بفكرة التحويل من نظري إلى عملي على صعيد التطبيق والتفعيل كما أسلفناه وذلك بإقامة الحرف التي تناسب عمره وميوله الشخصية حتى يمكن له الدخول في معترك الحياة العملية بمقتضى الإدراك والفهم والممارسة.

خطاب منهج الأنشطة المدرسية: من تأسيس المواهب والميول الشخصية إلى تأصيل المناهج والأصول التربوية.
في منهج النّشاط المدرسي تتمحور عدة أعمال تتيح للطالب الانخراط فيها بكيفية تفاعلية وتعمل على تفجير طاقاته وقدراته من خلال ممارسة الخطابة، والأداء الفني لشتّى الحرِف ، وخلق روح من التنافس في الألعاب الرياضية المختلفة، ، وإيجاد مفهوم التخاطب والحوار إلى العلاقات التي يحتاجها الطالب وغيره من الزملاء سواء كان في الداخل أو الخارج كإقامة الرحلات والانتدابات بهدف إبراز روح الكفاءة والقدرة عنده أو اكتسابها عبر التعلّم مما يتيح له تأسيس منهج يرتكز عليه في الجانب الشخصي لميوله الذي يهواه وهنا يتأصّل دور الثقافة والفكر لديه مما يجعل منه عنصراً فاعلاً وواعياً لأهداف ومنطلقات الأنشطة المدرسية التي تتمثل في إعمال المناهج والأصول التربوية والفكرية بصورة صحيحة.

ويمكن لنا استعراض عدة نقاط حول هذا المنحى الهام لتلك المنطلقات والأهداف للمناشط التربوية والمدرسية التي تعمل على:
1 – تعويد الطلاب على ممارسة الديمقراطية للحياة التي يعيشون فيها وذلك باشتراكهم في تحملّهم لبعض المسئوليات.
2 – إعداد الطلاب للمواطنة السليمة الصحيحة وذلك بتعريفهم واجباتهم ومسئولياتهم في الأعمال المدرسية المختلفة.
3 – تنمية سمة القيادة لدى الطلاب وذلك بأن يقود الطالب زملائه في نواحي ويتبعهم في نواحي أخرى.
4 – إعداد الطلاب للحياة الاجتماعية حتى تسود روح الأخوّة بين الجميع وذلك بأن ننمّي قدراتهم ومواهبهم وأن نعلّمهم أساليب الحياة الاجتماعية.
5 – مساعدة الطلاب، استخدام أوقات الفراغ وذلك بأن يفرّقوا بين أنواع النشاط الذي لا يساعد على النمو والذي ينمّى حياتهم.
6 – مساعدة الطلاب على تعرف إمكانياتهم المهنية وذلك أثناء اختيارهم لجماعة الأنشطة.
7 – مساعدة الطلاب في تحسين المستوى الخلقي لديهم وذلك عن طريق العلاقات الطيبة والخلق الرياضي الذي يتحلون به.

نكتفي بهذا القدر من هذا العرض الذي يحتاج إلى مساهمة فعّالة من قبل كافة الهيئات المؤسساتية التعليمية والمراكز الأكاديمية التخصصية لكي تقوم هي الأخرى بعملية الإسهام والمشاركة في تقديم الرؤى والأفكار البناءة التي تنطلق من تغيير جذري للمشهد الدراسي المدرسي التقليدي إلى مشهد تدريسي وتجديدي حداثي يكون جوهره مبنياً على مبادئ المشروعات التقنية الحديثة من أجل التأسيس الفلسفي لبناء خطاب المنهج المدرسي الجديد بشكل واعي وإبداعي يتطلب منّا المتابعة والاستمرار في التصحيح والتنقيح والتوضيح لشرح المفاهيم البناءة على مستوى البحث العلمي الجديد.


المراجع:
(1)
الجودة الشاملة في التعليم.. تعريفها وأهميتها ومبادئها وأهدافها للكاتب المهندس أمجد قاسم 14 - يوليو – 2012م.
(2) في سوسيولوجيا الخطاب الفلسفي المدرسي بالمغرب - قراءة في كتاب "المعرفة والمؤسسة" للأستاذ مصطفى محسن – دار الطليعة للطباعة والنشر.
(3) المناهج الحديثة وطرائق التدريس- الدكتور محسن علي عطية. الطبعة الأولى 2013م.


* كاتب وأكاديمي فلسفي
 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter