|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  27  / 3 / 2023                                 يونس عاشور                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

ماهية الفكر الفلسفي

يونس عاشور *
(موقع الناس)

يتمثّل الفكر الفلسفي في البحث عن ماهية الموضوعات وحقائق الأشياء التي يتم توليدها من خلال إعمال العقل في نواحي الفكر مؤسسةً وممارسةً لسبر الأغوار من أجل الوصول إلى نتيجةٍ ما على أساس قاعدة عقلية وعقلانية أو فكرية وعملانية، وقد أخضع الفلاسفة هذا المعيار إلى جذور ومنطلقات الخير والكمال الأسمى من خلال تحكيم العقل بأنّه عقلُ فاعل وعامل في مجال المحسوس الناتج من سيرورة التساؤل إلى صيرورة التفاعل الإمكاني الذي يؤدي غرضه في البعد الفلسفي على نحو الارتباط الوثيقي بالجانب العقلي والعملي وما ينتج عنه من بنيات نسقية تنتظم في أطر ومفاهيم علائقية تمكّن الإنسان من تسوية التطابق الجوهري لفلسفة الحياة الإنسانية لصالح الإنسان.

واحدة من أهم مخرجات الفكر الفلسفي في كيفية خلق حياة انسانية لصالح الانسان هو إحداث عملية التعقيل أو العقلنة (Mentalization) التي يستند عليها الفكر الفلسفي بما هي حالة وصيرورة ناتجة عن التدعيم بالعقل نحو إحداث التعقل والحكمة والاتزان واللجوء إلى العقلانية والتحكيم المنطقي القائم على جماليات الإبداع والصياغة الكلية الجديدة النابعة من الحس والشعور وتلمس الواقع المعاش ومعالجته بالطرائق والوسائل التي تعيد صياغته وترتيبه وبلورته وصناعته من جديد على أساس فكر فلسفي يؤدي دوره التكاملي على نحو الدقة والمهارة كأنساق إيديولوجية متماسكة في أصالتها وكونها داعمة للأمانة العلمية والمعرفية الدقيقة ومن ثمة خلق منظومة فكرية تؤهل الروح إلى النضوج والتكامل والسيرورة باتجاه الوضوح والبيان للمسائل الخلافية التي قد يقع فيها الانسان نتيجة الجهل واللاعلم بالشيء. من هنا فإن الفكر الفلسفي هو نشاط تصحيحي يستشعره الفيلسوف بوظائفه العقلية كتوافر قدرة الادراك والاستدراك للأشياء والتحليل والاستنباط وإعادة وضع الأمور في نصابها الطبيعي على هيئتها الاعتيادية البديهية، من حيث هي أمور تتطلب التحكيم ممن لديه القدرة والخبرة والمعرفة على أساس فكرٍ فلسفي محض يتصل بالمستويات والبنيات الرئيسية مباشرة لحلحلة الأمور المستعصية التي قد يخطأ بها العامة أو ممن لا تتوفر لهم هاته الخصيصة.

من هنا فإن التخبط الناتج من عدم التعقيل أو العقلنة هو بسبب فقدان الفكر الفلسفي الذي يؤدي إلى عدم التوازن بين فهم الأمور والحالة السوية للإنسان أي السيكولوجية الصحيحة التي لا يشوبها سقم فتؤدي وظيفتها على النحو الذي يعالج الأمور ويقدم الحلول والنتائج التي من شأنها التغلب على كافة الصعوبات والمعوقات.
 


* كاتب وأكاديمي فلسفي
 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter