|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  26  / 5 / 2021                                 يونس عاشور                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

صيرورة الحداثة الفلسفية

يونس عاشور *
(موقع الناس)

هي المنهج الفلسفي القائم على مفهوم جماليات التصوّرات والتطورات العلمية والمعرفية والتقنية الحديثة التي تسعى إلى إضفاء صبغة تحديثية وتجديدية من أجل الارتقاء والوصول إلى عتبة الرّقي والتقدّم الحضاري المنشود وعلى مُختلف الصّعد والذي يتّسم بسمةِ التّحولات والتبدّلات الحياتية المبنية على أسس التّطلعات والطُموحات التي ينبغي أن تكون ضمن دائرة إعمال العقل في جوانب الحياة العلمية المختلفة بحيث تكون نتاجاته ومعطياته تتجه نحو الصّيرورة الحداثية Becoming المتمثلة في إبراز الجانب الفني والتقني الذي يُترجم معالمها وآثارها وغاياتها.

يبلور مفهوم الحداثة الفلسفية اليوم الكثير من المناهِج الفكرية خاصّة على صعيد العلوم الإنسانية الحديثة وما قد ينتج عنها من نتاجات قيمية هي في الأصل لصالِح الإنسان وعندما يتّجه هذا الإنسان بالاشتغال على استثمارات العقل في موضوعات شتى، حينئذ تتجلّى له الانجازات على هيئة مُنتج نظري نستطيع من خلاله تحويله إلى واقع عملي يخدم الأهداف والقضايا الإنسانية الكبرى.

إنّ المجتمعات التي دأبت في توظيف الحداثة الفلسفية في شؤون حياتها اليومية، هي التي استطاعت تحقيق مكاسب وإنجازات حضارية وما نراهُ اليوم في بعض الدول المتقدمة من تقدم وسباق حضاري محموم هو نتاج حقبة زمنية اتّسمت وارتسمت بالحضُور الكثيف لمفهوم الحداثة الفلسفية في شؤون الحياة المختلفة.

إن إيجاد البنيات والقواعد أو الصياغات في المنهاج هي التي تساعد على تمخيض حداثة فلسفية واقعية والدفع بها نحو الصيرورة والتكوين.

إن ماهية الحداثة الفلسفية إنما تكمن في معرفة الأطر الكامنة التي نقوم بتحويلها وصرفها أو تبديلها وتجديدها والاستفادة من آفاقها وخلفياتها كالتغيير من أجل التغيير، والتغيير الذي لا يتوقّف باتّجاه التغيير وتحقيق الثورة الإبيستمولوجية المستمرة، والتجاوز المستمر، وحركة أشكال لا تنتهي واعتدامية إيجابية لا قرار لها. جوهرها الوصول إلى النمذجة، كالتجديد من أجل التجديد الذي هو تجاوز للأنماط والأطر التقليدية أيضا.

لقد شغل مفهوم الحداثة الفلسفية في العصر الحديث اهتمامات الكثير من المثقّفين والمفكرين و الفلاسفة المترجمين للنّصوص والدراسات الألسنية والعلوم الإنسانية الحديثة مما حذا بالمؤسسات العلمية بأن تأخذ على عاتقها المنحى والمعطى الحضاري والمؤسّسي والبنيوي لتوظيف هذا المفهوم والاشتغال عليه من حيث قيمتهِ ومتانتهِ في مجال التخصّصات والدّراسات العلمية التي تكمن في قنوات الدراسة والبحث كعلم الاجتماع والاقتصاد والسياسة وغيرها كمناهج تتطلب المزيد من إخضاعها إلى مبدأ الحداثة الفلسفية لفحصها والتأكد من سلامتها النظرية لتنطلق بهِ نحو التفاعلات القيمية التي تضفي عليها صبغة عقلانية لعقلنة عقل الإنسان وتوجيهه نحو إعمال العقل التقني في ميادين الحياة بشكل ينسجم مع روح ومتطلبات الحداثة العصرية.


* كاتب وأكاديمي فلسفي
 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter