|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  20  / 2 / 2021                                 يونس عاشور                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

جوهر الفلسفة المثالية في مراتب المعرفة الكمالية..! (2/2)

يونس عاشور *
(موقع الناس)

إذا أردتم أن تقدموا فكرةً ما فاطرحوا أدلتكم البرهانية التي تستند على المعارف العقلانية وضمنّوا ذلك بمعرفةٍ أخرى هي المعرفة الجمالية التي تُخبر عن معرفة الشيء بجواهره وبواطنه أو دوافعه وبواعثه وأسندوا ذلكَ أيضا بمعرفة المُثل التي تكمن في الكمالات واليقينيّات والأهداف الكبرى للحياة الإنسانية التي قد تطرقنا إلى معانيها ومبانيها في المقالة السابقة وهي تعني الوقوف على هدف الشيء من سمو ورفعة وغاية، ومن ثمةَ ستصلونَ إلى أهدافكم وتوجهاتكم ورؤاكم الحقيقية وفي ذلك المضمون سيتجلى معالم الصّيرورة الواقعية للمعرفة الباطنية التي تنطلق من جواهر الكلام وفنونه وقواعد البرهان وأصوله الجمالية المُعدّة سلفاً التي يحتكم إليها العقل والمنطق والقول الفصل لجوهر النّص الفصيح المُراد طرحه وقراءته أو شرحه وتعريفه للجمهور.

كونوا على ثقة بأنّ توظيف الخِطاب الفصيح والصحيح إنما تكمن مفاهيمه وجذوره في الجانب الجمالي والإبداعي والكمالي لمنظومة المعرفة التي تقوم بإظهار المُحسنّات البديعية لأداء الخطاب العقلاني ومن ثمة إيصاله للطرف الآخر على نحو الإقناع والقبول والرغبة في الطواعية لاستقبال آلياته التدريجية المنبثقة من المعرفة الواقعية التي تنطلق من الدليل والبرهان القاطع الذي يحتمل الصوابيّة بتوجيهاتهِ وترجماتهِ الأدبية والثقافية والفلسفية منها حيث أنّ هذا النوع المعرفي الابيستمولوجي هو من يعمل على تأسيس وحدات منطقية حسابية يكون لها التأثير في نفس المتلقّي للخطاب فيكون بذلكَ خاضِعاً للحجّة بالقولِ الفصل للبيان العقلي والبرهان العملي.

وفي هذه المقالة سيتمحور حديثنا حول كيفية الوصول إلى أُصول المعرفة وما ينحدر من منها أو ما يتصل بها من حيث التسلسل التراتبي لمباني الفصول التي تحويها كمنطلق رئيس في تحويلها إلى إدراكات واستدراكات لمعرفة كنه الشيء أو القفز على إحراز سرعة البديهة أو القدرة التي تتمثل في الاستيعاب للميتافيزيقيات بحيث يكون إعمال القوى العقلية في إعمال الحواس الظاهرية والباطنية نحو اكتشاف وسبر أغوار الأشياء وما يكتنفها من غموض وإبهام.

يمكن لنا الحديث عن إعمال المنهج التجريبي عند الرغبة في الوصول إلى مباني المعرفة الكمالية والتكاملية فهو منهج يعتمد على منطق الملاحظة والتجريب والصياغة الرياضية والتكميم الحسابي الأداتي الذي ينطلق من المعرفة التأملية إلى المعرفة التقنية أي إخضاع العقل إلى منهج التأمل الروحي والإستغراقي والإبداعي في قضايا المعرفة المتفرقة للعمل على تحديد الاتجاه البوصلي الصحيح نحو تحليل الأهداف والعناصر الطبيعية للمسائل والتحديات التي يجابهها الإنسان في حياته من أجل الوصول إلى نتائج وغايات وحقائق علمية تمكّنه من معرفة المسائل والمشاكل على أساس التفكير المنهجي العلمي الصحيح المبني على الطمأنينة والسكينة ومن ثمة استشراف المستقبل وفق القراءات والمعطيات أو التكهنات للمفارقات الفكرية والعقلية القائمة على مفهوم الاستنتاج والتجريب أو الإنتاج والتجديد للعقلانيات والفرضيات والنظريات والتجارب والمعطيات التحليلية الخاضعة إلى مفهوم البرهان والمنطق ومن ثمة تقويمهما على أساس البحث والمناقشة أو على أساس النقد والمسائلة أو على منطق الدحض كبحث يمكن تقديمه والاستفاده منه استعراض النماذج والمناهج المبنية على أساس معرفي وكمالي ينطلق من جذور البحث المعرفي التأملي الذاتي الذي ينعكس تلقائياً على تكوين وإيجاد معرفة كمالية وتكاملية أساسها الاستغراق التأملي.

من هنا يقتضي على الفيلسوف كفيلسوف والمفكر كمفكر والباحث كباحث الاشتغال و الانخراط على مثل هذه المفاهيم والمضامين والعناوين الأولية التي تتصدّر تقويم المفهوم البنيوي من خلال التشكيل والتبديل والتحويل نحو إمكانات جديدة للقراءة الخصبة والفاعلة التي تتجه بدورها إلى إنشاء شبكات علائقية وفكرية بين الذات واستجلاب المعارف.

يلزم في كيفية الوصول إلى مباني المعرفة الكمالية أن نستوعب قيمة النص كنص قابل للتفكيك والتأويل أو النقد وإعادة التركيب المفاهيمي الذي يساعد على اكتشاف القوانين والحقائق وتأكيده على نسبية الحقائق العلمية كمفهوم التناسب والنسبية التي تقوم على صيرورة الاستدماج التركيبي للنصوص والخطابات أو في تجذير الأسس المعرفية لبناء الثقافات والعلاقات أو في فصول مناهج البحث المعرفي المختلفة كما هو مطروح من قبيل المذهب الذاتي في المعرفة أو لأصل المعرفة بما هي معرفة نطمح للوصل إليها عبر شبكات فكرية خلاقة تنبثق من واقع النظرة البُعدية للأمور وهنا يكمن جذر المعرفة الكمالية المراد ممارستها ممارسة خلاّقة بحيث تتغير معها روابط وعلاقات مميزة تغنيها بعوامل ومرتكزات معنوية من شأنها دحض الإشكالات للطروحات العقيمة.




* كاتب وأكاديمي فلسفي
 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter