|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  20  /  4 / 2023                                 يونس عاشور                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

محطات وإضاءات قيميّة في سرد سيرة نموذجيه (14)
أهمية إيجاد المهارات في اتخاذ القرارات..!

يونس عاشور *
(موقع الناس)

لقد قالَ والي القلعة إِبَّانَ حديثه مع صاحبنا سأرشدك إلى شخصٍ يقال لهُ " عبْسَوي "، هذا ما وضّحهُ وشَرحهُ صاحبنا لِرفاقه عن مقولة الوالي له إبان مغادرتهم وفرارهم من القلعة، فقد أرادَ صاحبنا بذلك أخد رأيهما حول قاعدة الرفض والقبول لمقولة الوالي إزاء ذلك الشخص الذي كانَ يقطنُ في الغابة..!

أبو دولامة والشيخ المسن: هل تعتقدُ يا صاحبنا بأنّ والي القلعة كانَ مُحِقًا معكَ حينما حدّثَكَ بأنّ ثمّةَ شخص ما يقطنُ في الغابة وهو من سيقوم بإنقاذِنا من مشكلتنا هاته ؟!

فلربما قد يكون ذلك الشخص هو أحد حاشية وجلاوزة الوالي الغِلاظ الذي إذا قصدناه فلربما يكيدُ لنا دسائس ومكائد شبيهةً بتلك التي قد كانوا يحيكونها عليك..؟!


صاحبنا: دعونا نقصدُ الغابة للقاء ومقابلة الشخص « عبْسَوي »، ربما سَنَجِدُ من سيأخذُ بأيدينا إلى بر الأمان والخلاص من هذا المأزق الذي قد وقعنا فيه.! لأننا بحاجةٍ إلى اتّخاذ قرارٍ حكيم يساعدنا في مواجهة التحديات المختلقة ومن منطلق ذلك سيتجلى لنا معرفة النتائج أيضا وبالتالي سنكون قد حقّقنا هدفاً من أهداف رسالتنا ومسيرتنا الإنسانية!

ولا بأس أن نشير هنا إلى أهمية وكيفية إيجاد عنصر المهارات في عملية اتخاذ الأساليب والقرارات السليمة والعملانية، وربما ذلك المفهوم يستقصد أيضاً بالدرجة الأولى الجانب الإداري في حياة الانسان حيث يشكل الركيزة الأساس في كيفية إيجاد الحلول للجدر الأساس وهو النجاح والفوز والفلاح في تحقق الأهداف والانجازات والمكاسب الإدارية العليا التي تقوم على مبادئ التنفيذ المسبق الذي يكون في مقدمة الشروع لأي عمل ما.

فإذا كانت للإنسان مهارات وتقنيات التواصل في كيفية اتخاذ القرارات السليمة المبنية على الرؤية المتكاملة التي تقود الى التفاعل الغائي، حينئذٍ يتحقّق التقدم والنجاح، ويمكن لنا أيضاً أن نتطرق الى مخرجات المهارات حيثُ أنها تكمن في كيفية تحديد المشكلة عبر الحدس والمنطق والقياس للأمور على قاعدة الخبرات المسبقة والحقائق المتوافرة لاتخاذ القرار الأنسب والحل السريع الأمثل للمعالجات الطارئة ومن ثمةَ الاستعانة بالحلول الممكنة لتقييم الايجابيات والسلبيات التي تقوم على اختيار النوع والهدف المراد توظيفه وتطبيقه وتفعيلة على القضية المتعثرة لتقييم أثر القرار المتّخذ إذا كان يقتضي وجود بعض التعديلات والتغييرات عليه حتى يتسنّى لنا معرفة تلك الخطوات والمهارات التي ينبثق منها القرار السليم من العقل السليم الذي يُقدّم تقنية المهارة ويؤدي دور الادارة الناجحة في وظيفة بناء المراحل الاستراتيجية للوصل الى المعطيات والنتائج النهاية والتي يترتّب عليها نجاح الإدارة أو المؤسسة المعنية.

إن معظم المشكلات التي قد يواجهها الانسان في حياته إنما تعود إلى ضعف صنع القرار وعدم معرفة تقنية إتخاذه وتنفيذه من حيث موائمة الوقت والزمان والمكان وهذا الأمر إذا لم يتوفر للإنسان فإنه سيفقد البوصلة الصحيحة لحل المشكلات التي يواجهها في حياته، فمن اللازم توافر القدرة العقلية والفكرية والمعرفية التي تمكّن الانسان من الإقدام على اتخاذ قرارٍ ما، من هنا فإن الوعي والمعرفة بالشيء هي التي تساعد أيضاً في تمكين الانسان من الدخول في معترك الحياة ليتسنى له حل مشكلاته العصية. وهذا الأمر ايضاً يخضع إلى الجانب السيكولوجي والتربوي والتعليمي والتثقيفي بحيث يقتضي على الانسان ان يتفقه في هذا الجانب وأن يحمله محمل الجد والإخلاص، لأنه مدخل لحل كافة المشكلات الحياتية (انتهى).

لقد قالا أبو دولامة والشيخ المسن لصاحبنا فيما بعد، كيف يتسنّى لنا الوثوق بشخصٍ غير عادلٍ ولا منصفٍ بأن نأَخَذَ كَلاَمَهُ عَلَى مَحْمَلِ الجِدِّ وهو في نهاية المطاف قد حاول الانتقام منّا جميعًا!، وقد جرّبتَ أنت يا صحابنا اختبار شخصية الوالي بأنه ليسَ أهلاً للثقة، ولو كان أهلاً للثقة لأبدأ ترحيبه الصادق واستعداده الواعد في مساعدتك لكنهُ بسبب مكابرته رفض تقديم الخدمات والمساعدات.!
صاحبنا: ما هو قولكما إذن؟!..
أبو دولامة والشيخ المسن دعنا نتريّث ونفكِّر في إيجاد مخرجاً لموقفنا هذا..!
صاحبنا: دعونا نأخذ قسطاً من الراحة في هذا المكان..!، وقد كانوا على بُعْدَ مسافة من القلعة بحيث لا يستطيع احداً من الناس الإبصار بهم أو معرفة موقعهم الذي كانوا يمكثونَ ويختبئون فيه للراحة.

لقد غشيهم نعاساً جراء العنَاء والتّعب بسبب السير لمسافات طويلة في ذلك المكان بين تلال وهضاب وسهول وأودية وتضاريس كانت تعيق حركتهم وسيرهم.


بعدما استفاق صاحبنا من نومه، أيقظَ رِفاقه وقال لهما هيّا اغترفا لكما شربة ماءٍ من هذا النهر الذي أمامكما..!
استيقظا أبو دولامة والشيخ المسن من نومهما واغترفا شربة ماءٍ وقد تغيّرت عليهما الأجواء بسبب المعاناة التي واجهوها، إلاّ أنّهما في نهاية المطاف اتفقت كلمتهما على أن يمضوا قدماً برفقة صاحبنا نحو الشخص المكنّى "بعبسوي" علّهم هذه المرّة قد يجدوا ضالتهم المنشودة ومن ثمة الخلاص من المأزق الذي قد وقعوا فيه ولم يجدوا له حلاً عند والي القلعة، وحقيقة ما في الأمر بأنّ الشخص المكنى بعبسوي هو أحد جلاوزة الوالي .!

لقد اتّجه صاحبنا ورفاقه باتجاه الغَابة التي قد وصفها لهم الوالي، واصل الثلاثة سيرهم على الأقدام إلى أن وصلوا إليها وقد لاحت لهم معالمها على بعد مسافة قصيرة..!

للغابة مداخيل واسعة ويتوسطها أشجار خضراء وصفراء عالية تتميزُ بجمالها الخلاّب، ومياه رقراقة عذبة تنسال في جداول تحف بها أشجار أيضا، تتوجها أكاليل من الورود والياسمين ونخل باسقات ذات عددٍ كثير، تتميزُ بقامات علياء كما يوجد بها أحواض ماءٍ كبيرة لأجل الاستحمام والراحة والاستجمام، وهذا ما أثار الدهْشَة في نفوسهم عندما شاهدوا كل هذه المشاهد الغريبة وقد ذكرتهم هذه الغابة ببستان آخر إبان رحلاتهم وتنقلاتهم.

طيورُ غناء وحيوانات أليفه غريبة الهيئة تمشي في فناء الغابة، وأكواخ منتشرة هنا وهناك، وليس ثمةَ صوت إلا صوت الطيور والحيوانات...!

لقد واصلوا السير باتجاه الغابة للبحث والتفتيش عن ذلك الشخص المكنى بـ عبسوي! فوجدوه يقطن في كوخٍ من سعف النخل فدخلوا عليه وقد طلبوا منه أنْ يحضرَ لهم طعاماً جراء العناء والتعب الذي واجهوه وقد وعدهم بأن يحضر لهم طعاماً وبالفعل فقد فاجئهم بإحضار سمكٍ من البحر مستوٍ جاهزاً للأكل، فتعجبّوا منه وكيف أنه استطاع أن يحضر هذا الطعام في فترة وجيزة وبدون أي تكلف يُذكر..

 

* كاتب وأكاديمي فلسفي
 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter