|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  7/5/ 2012                               وردا البيلاتي                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

ذكريات وعبر عن الأحصاء السكاني لعلها تنفع في قادم الأيام

وردا البيلاتي

التعداد السكاني، هو مسح عام تقوم به الحكومة الوطنية بهدف جمع معلومات حول المجتمع الذي تحكمه.لمعرفة عدد سكان البلد وفئاتهم العمرية، التي هي مهمة جداً لوضع خطط وبرامج في جميع مناحي الحياة للمجتمع. وهناك احصاءات اخرى تتقصى موضوعات جمة تشمل الزراعة والصناعة والوظائف الاخرى كالعمال والفلاحين والمهن الأخرى في قطاع الدولة والقطاع الخاص. ولكن ما يهمنا هنا من الأمر أن نعرف عدد نفوس سكان العراق.

لماذا التخوف من ألاحصاء، والعراق اليوم هو عراق الدستور الذي تم الأجماع عليه من قبل الشعب العراقي رغم نواقصه، ما زلت بأنتظار يوم التعداد السكاني لأشفي فضول ابنائي الذين في كل مرة يسالوني  عن عدد نفوس الشعب العراقي وجوابي الدائم لسؤالهم لا اعرف وهنا يبدأ بيننا النقاش ويستمر ..... الخ

اخوتي في الحكومة نحن في القرن 21 وانتم ادرى مني جميعاً إن حكومات البلدان المتطورة (والتي يطلق عليها البعض الكافرة) تجري احصاءات منتظمة كل عشر سنوات. إن أول إحصاء منتظم أجرى في الهند التي يعبد غلبية سكانها البقرة كما يعتقد البعض من السذج من شعوبنا كان عام 1881 وتلته إحصائيات منتظمة كل 10 سنوات ولغرض التندر أذكر القارئ بالقول الذي نردده دون وعي ( قابل اني هندي ). إن المبالغ التي سرقت من أموال الشعب العراقي وخزينته حتى الان من ممكن أن تصل الى عشرات المليارات من الدولارات ، ونحن ما زلنا نفتقد للكثير من ابسط مستلزمات الحياة ، ولولا الفساد المستشري في أجهزة الدولة لكان بإمكاننا إستخدام أحدث التقنيات في الأحصاء التي تحل الكثير من المسائل التي تهم الشعب العراقي.

يجب أن يكون هناك شفافية في عملية التعداد، وأن لا تكون كسابقاتها مثل تعداد عام 1957 الذي تم فيه تغيير ميلاد الأنسان من ميلاده الحقيقي الى ميلاد إفتراضي في 7/1. واليوم الشعب العراقي بات معروفاً في الامم المتحدة، أن كافة مواطنيه من مواليد 7/1. حيث أن حتى النظم والبرامج الالكترونية للحاسوب في دول اللجوء اصابها الفيروس بسبب تولد العراقي في 7/1 عند التعامل مع هذا الموضوع وعلى ضوء ذلك تم إعادة برمجة النظم لاجل ان تجد البديل عن 7/1 كلما تم تغذيتها بهذا الرقم، لتضع تاريخ آخر لميلاد العراقي.

والتعداد الذي تلاه في عام 1977 تم تهميش القوميات الاخرى غير العربية والكوردية فيه كالتركمان، ألكلدوآشور والأيزيدية والصابئة المندائيين والكاكائيين والشبك والارمن  وغيرهم وتم ذلك وفق الرؤية القومية الشوفينية للبعث الفاشي في محاولة التنكر للوجود القومي لغير العرب والكورد في العراق وبالتالي إلغاء كياناتها القومية وصهرها في بوتقة القوميات الكبرى وهذه السياسة قد جسدت شوفينية وعنصرية فكر حزب البعث تجاه القوميات غير العربية بالتحديد .

وهكذا أستمرت عملية تهميشنا وإقصائنا ومحاولات إذابة كياننا القومي وبالتالي الغائنا من الخارطة الديموغرافية للعراق من خلال سياسة التبعيث والتعريب والتطهير العرقي التي مارسها البعث الفاشي بحق القوميات غير العربية طيلة فترة حكمه الأسود للعراق .. وبعد سقوط النظام في عام 2003 أطل علينا مجلس الحكم بأطلاقه تسمية جديدة لأبناء شعبنا بتوجيه من الحاكم المدني للأحتلال الأميريكي بول بريمر وبتأييد وقبول من لف لفهم من العملاء من أبناء شعبنا من سياسيين ورجال الكنائس ألا وهي التسمية الدينية (المسيحيين) ..

 إن التاريخ يعيد نفسه مرة اخرى ولكن بنسق آخر وبمسميات أخرى، وهنا بيت القصيد بالذات أولائك الذين إنتموا الى حزب البعث الفاشي من غير العرب كالكورد والكلدان السُريان الآشوريين والصابئة المندائيين والأرمن والتركمان والشبك، الأزيديين والكاكائيين وغيرهم ، هؤلاء فضلوا مصالحهم الشخصية على كياناتهم القومية والدينية. والشيء المقرف تنكرهم لقوميتهم في وقت الشدائد إذ أنهم لم يعملوأ شيئاً يذكرلصالح أبناء قومياتهم  وإنما ساهمت بتضليل وخداع ابناء جلدتهم لان يغيروا إسم قومياتهم الأصلية الى العربية لتسهيل أمورهم في التوظيف في دوائر الدولة والحصول على مكاسب شخصية مذلة  هكذا كانت تربية حزب البعث ، غسل أدمغة أعضائه والسائرين في رغبه من ذوات النفوس الضعيفة والمريضة ..  وما كانوا المضللين والمخدوعين من قطعان البعث العفلقي  يعرفون غير ترديد شعاره البائس وبسذاجة غبية (امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) الذي قادهم الى الهلاك والجحيم وبئس المصير وقاد العراق الى الخراب والدمار والحروب العبثية وقاد أبناء شعبه الى القبور الجماعية . صَدقَ الكتاب المقدس (
متي7 :16) حين قال ( من ثمارهم تعرفونهم هل يجتنون من الشوكِ عِنباً أو من الحسكِ تينا ) ..

وكان عليهم ان يستفيدون من تلك التجربة القاسية التي دق حزبهم الشوفيني المسامير في نعشهم وهم احياء حينما نكروا قوميتهم الأصلية وأجبروهم على قبول التعريب إنه عار في جبينهم لا يمحيحه الزمن . فأستمر هؤلاء المرتزقة المأجورين بممارسة أسلوب الترهيب والترغيب ضد المواطنين لكسبهم لحزبهم الفاشي ، وقسم منهم لم إكتفوا بالأنتماء الى حزب البعث بل ذهبوا الى أكثر من ذلك حيث إنخرطوا للعمل كعملاء ووكلاء لأجهزة الأمن والمخابرات الصدامية ، ليقدموا تقارير دورية ضد تحركات بني قومهم. وهناك الكثير منهم باقٍ على قيد الحياة ومن شكى لربه قبل مماته لأن يغفر له خاطاياه . وكان هناك بعض الشخصيات المثيرة للجدل التي كانت وبحكم درجاتهم الدينية في الكنسية يتجولون بين العوائل لتكسب ود وولاء البسطاء من الناس ممن إنطلت عليهم أساليب البعث الخبيثة بغرض الأيقاع بهم في شراك الحزب الحاكم والنظام الديكتاتوري المقيت والمنبوذ من الشعب لكثرة جرائمه البشعة ..
  
ونتيجة الحملة التي شنها البعث ضد المناضلين الشوعيين في عام 1978 وكنت حينها مختفيا في بغداد. علمت من اقربائي ان ألشماس الفلاني يلاحقني ويبحث عن مكان إختفائي ويستفسر منهم عني ويهدد من لا يدلي بمعلومات عن مكاني بأنه سوف يكون حساب الأجهزة الأمنية معه حساباً عسيراً . وبعد عدة سنوات سمعت أن هذا الشماس أصيب بمرض غريب ومات على أثره ، ونقل لي بأنه كان يهذي ويردد لأهله أن هذا المرض عقاب من الرب نتيجة أعمالي حسناً فعل بإعترافه هذا لعل الله يجازيه في الآخره بما لم يجازيه البعث به .. !!! ويوم وفاته ورحيله من هذه الدنيا لم يكن وراء جنازته لتشييعه وتوديعه من غير رجعة سوى أفراد عائلته ولكن مهما كان سيئاً وسيئآته كثيرة نقول فاليرحمه الله .. !!

ومن خلال وجود اصدقاء ورفاق من الحزب الشيوعي ومشاركتهم في عملية التعداد السكاني كعدادين علمنا بانه سوف يثبت في حقل القوميات فقط العرب والأكراد ، وقبل التعداد ب24 ساعة بُذلت جهود مضنية من قبل رفاقنا الشيوعيين من أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري بتوعية ابناء امتنا وكانت حملة مكثفة من خلال زيارة العوائل كل حسب منطقته لتوجيه الناس بأن يسجيل كل واحدٍ إسم قوميته بلا خوف ..  وقبل يوم التعداد بعد عودتي من العمل قالت لي والدتي اليوم اتوا الجلاب (كلاب) تقصد افراد الأمن واخذوا إستمارة التعداد ولا أعلم ماذا فعلوا، وعندما نظرت في الأستمارة وجدت أنهم قد مسحوا من حقل القومية كلمة (ألأثورية) وكتبوا محلها كلمة (العربية) ، وهنا بدأ النقاش مع الوالدة ، نقاش حاد وعتاب ....والخ ..قالت لي لم اعلم ماذا كتبوا وإنما قالوا نحن من جهاز الأمن وهذا هو مسؤول القاطع هو يقرر ماذا تكتبون ، وقالت ( غدا شوف امك شتسوي ) .. وفعلا يوم التعداد فرض منع التجول وأنا نائم واسمع صوت الوالدة تصيح ( أحنا مو عرب ) بره ولا تقبل أن تفتح الباب لهم ، ولما نهضت من النوم على أثر صياح الوالدة علمت من يكون الطارق غير المرحب به لبرودة دمه وقلة حيائه ، ففتحتُ الباب فإذا بإثنان من افراد أمن المنطقة ومسؤؤل الحزب والآخرعداد ، وقدمتُ لهم استمارة التعداد وعندما رأها المسؤول استغرب وقال ماذا انتم فاعلين وكانت حقل القومية من الأستمارة ممزقة ، بسبب المسح المتكرر ولثلاث مرات ، فأحتدم بيننا النقاش وجلبت لهم الكراس الخاص بالحقوق الثقافية للناطقين بالسريانية الصادر من مجلس قيادة الثورة في عام 1972 عندها لم يتمكن ان ينطق بشئ وكل ما قاله أخي هاي توجيهات القيادة وما علينا إلا التنفيذ وانتم أحرار اكتبوا ما تشاؤون وما يحلوا لكم ولكن نحن سوف نغيرها الى العربية فيما بعد حسب التوجيهات ، وهنا اقول لمن يبكي اليوم على أيام صدام ، وعلى المتابع للوضع السياسي في تلك الفترة أن يعلم إن إقرار الحقوق الثقافية للناطقين بالسريانية بعد إقرار الحكم الذاتي للكورد بموجب إتفاقية 11 آذار 1970 كانت عملية  خلط الأوراق الغاية منها إحتواء بعض المدارس والمؤسسات والأندية الثقافية والأجتماعية والرياضية الأهلية لأبناء شعبنا بغرض ربطها بأجهزة الدولة ووضعها تحت سيطرة وسلطة البعث في إطار سياسة التبعيث والتعريب التي كان ينتهجا البعث الفاشي ..

نعود الى دور شبابنا في التعداد السكاني عام 1977 حيث كان لدور رفاقنا الشيوعيين من أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري تاثير كبير وفعال في عدم تحقيق التعداد السكاني لأهدافه المخطط لها من قبل البعث بفضح سياسية التبعيث والتعريب في إطار الشعار المركزي لحزب البعث ( امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ) ..

والدور المميز الذي قام به شبابنا في عرفة (كركوك الجديدة) حيث وصلت الحالة الى الضرب بالأيدي مع مرافقي العدادين من افراد الأمن وكان ذلك موقفأ شجاعاً ومشرفاً للاقلية الاشورية كما يحلوا للبعض تسميتهم ، وللاخرين أن يعرفوا دورالشيوعيين النضالي وفي مقدمتهم المؤسسين من الرواد الأوائل من أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري في المسيرة النضالية التاريخية للحركة الوطنية العراقية حيث سقوا شجرة الحريه بدمائهم الزكية وضحوا بارواحهم الطاهرة من أجل .. وطن حر وشعب سعيد ..

فهل سنرى مهزلة اخرى مماثلة في عراقنا الفيدرالي الديمقراطي في قادم الأيام .. ؟  

 
 

 
 
 
 
 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter