|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء 22/3/ 2006                               وردا البيلاتي                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

دور المثقف الأشوري في أزمة كنيسة المشرق ألأشورية

وردا البيلاتي

تقف كنيسة المشرق الاشورية على مفرق طرق من ازمة تحيق بها، وهذه الازمة،ان صح التعبير ليس صدفة بل هي امتداد لأزمات سابقه ومتكررة عانت منها الكنيسة عبر قرون.

ان المتتبع لما آلت اليه الامور اليوم يفرض عليه تساؤل حول منهج ادارة الازمة والسبيل الى حلها وقبل ذلك وفق اي مبدأ يمكن ان نتجاوز ما يحصل الان.

وهل ننطلق من مبدأ اعتبارها أزمة" أللاهوت" في فهم محتوى الكتاب المقدس للكادر الذي يحصل على درجة كهنوتيه اوالمراتب الأخرى في كنيسة المشرق ألأشورية، أم يجب النظر اليها من مبدأ صراع الاخوة الاعداء حول المصالح الذاتيه وتبوء كراسي القيادة.

أن الأنشقاق الحاصل في الوقت الراهن ليس إلا وجه اخر لأزمات سابقه، كما ذكرنا، لم تعالج وتوضع لها الحلول العملية منذ نصف قرن تقريبا، ان ما يحصل اليوم يوحي بأننا امام معركة بين ابناء الأمة الواحدة او ،هكذا يصور، بينما الصراع الحقيقي يتمحور حول احقية اي جهة من الجهات المتخاصمة في فرض ارادتها على الرعية التي لم تكن يوما طرفا في الصراع وهي الى اليوم لا تتحمل اي مسؤلية في هذا الصراع , أن المسؤليه تقع على عاتق ممن أتخذوا القاب قدسية لهم، خاصة اولئك الذين يعتقدون ان بأمكانهم التأثير نتيجة غياب الحد الادنى من الوعي اللاهوتي وعدم التعمق في نصوص الأنجيل المقدس على الغالبية من الرعية.

أن كنيسة المشرق الأشورية مازالت تراوح في مكانها رغم تغير الزمان والمكان أرتباطاَ بتغير الكرسي البطريركي من موطن الأجداد بيت نهرين الى الولأيات المتحدة الأمريكية.
فقد ظلت تعيش في كلاسيكيات الماضي دون أي تغير، ولم يجر النظر في ألية تطورها وبقيت تعيش سباتا طويل، ولا نعلم من يتحمل المسؤلية.

هل هو غياب الوعي لدى الرعية , أم لدى من تقلدوا القاب قدسية ؟ بتقديري الكل يتحمل جزء من المسؤلية، ولكن المسؤلية الكبرى تقع على القادة اللذين تحملوا مسؤلية توجيه وتنويرالرعية بغض النظر عن الزمان والمكان، فالقائد أن كان رئيس قبيلة او عشيرة أو رئيس كنيسة فهو بالضروره تقع عليه المسؤلية في تطبيق لاهوتية الكتاب المقدس، وهذا يشمل جميع من تقلد درجه كهنوتية وصولاَ الى البطريرك.

ان التطرق الى أنشقاقات في كنيسة المشرق خلال قرون مضت امر قد يلقي الضوء على ما يجري الان من مشاكل، ورغم ان لكل انشقاق ظروفه الخاصة لكن اذا تعمقنا في جوهر تلك الانشقاقات نستنتج ان كل ما جرى كان لاسباب ذاتية غير ذات صلة بالمسيحية ولا بالسيد المسيح لان الكتاب المقدس وهو ارقى كتاب نملكه، وهو مرجعنا في كل زمان ومكان، ومرشدنا في التقدم وبناء العائله الكبرى في كنيسة يسوع المسيح يدعو الى التسامح والمحبة.

وهنا لا بد من التطرق الى الانشقاق الذي حدث في كنيسة المشرق التي كانت تسمى (الكنيسة النسطورية الشرقية الأثورية في العراق ) في ستينيات القرن الماضي، فهذا الحدث الذي عاشه الجميع من ابناء قومي مازال يذكرنا بحجم وهول المأساة التي تعرضنا لها، ولا أحبذ هنا أن اذكر أسماء الأشخاص اللذين ساهموا في شق الكنيسة، رحمهم اللة وهم يواجهون ربهم، وكيف حولوا ذلك الخلاف الى ساحة صراع بين ابناء الامة الواحدة دون الالتفات الى الهدف الاسمى للكنيسة في جمع الامة وتحقيق وحدتها بروح مسؤولة وبعيدا عن دعم هذا الطرف او ذاك معنويا او ماديا.

ان مراجعة ما حدث يوكد ان الجميع يتحمل المسوولية الاخلاقية لنتائج ذلك الانشقاق. أنها مأسات حقيقية عندما يتذكر المرء تلك الأيام العصيبة والصراع بين ابناء ألأمة الواحدة وكيف انشقت العائلة الواحدة وصولاَ لانشقاق العشيرة والقبيلة وهكذا أنقسمت الرعية بين مؤيدة ومعارضة لأفراد وليس للكتاب المقدس .

كما أستغل النظام البعثي الحاكم آنذاك هذا الحدث لتكريس سلطته مشجعا ومؤيدا مرة لهذا الطرف ومرة للطرف الثاني، حتى وصلت الامور للمحاكم، وزج البعض منهم في السجون. واتذكر كيف كانت تبدأ الأحتفالات بنشوة الأنتصار حين تصدر المحاكم احكامها بأخذ الكنيسة من طرف وتسليمها للطرف الثاني متناسين ان الجميع هم من بني قوم واحد.

وما ان ينتهي الاحتفال حتى يبدأ الطرف الثاني بتقديم الرشاوي وتبدأ الولائم لبعض المسؤلين من حثالة البعث وافراد من شرطة الأمن الساقط ليصدر حكما جديدا بأعادة الكنيسة الى الطرف الاخر لتبدأ الاحتفالات... وهكذا.

وتتكرر ألماساة في زمان ومكان اخر في قارة استراليا في عام 1989 وينشب خلاف بين الأمة الواحدة حول ملكية الكنيسة والتي هي بالأساس ملكية جميع أبناء الأمة ألأشورية المتواجدين في استراليا، واذا ما قارنا الأنشقاق الذي حصل في عام 1963 في كنيسة المشرق ( التقويم الشرقي والتقويم الغربي ) بانشقاق استراليا نرى ان الناس عاشوا في محبه وتعاون فيما بينهم في الانشقاق الاول.

فما الذي أدى الى تفجير الوضع في استراليا مرة اخرى ( مازلت اجهل سبب هذه الكارثة ) فقد ادى الغضب بين اطراف الجالية الاشورية بعد قرار المحكمة الأسترالية حول ملكية الكنيسة الى اعمال عنف في الشوارع بين الأشورين ,استخدمت فيه العصي والهراوات وكان وقتها التلفزيون ينقل احداث المعركة من الشارع , أن هذه الصورة غير الحضارية هي الاخرى ما كان لها ان تكون لو كان هناك قدر من العقلانية والحكمة في معالجة الموقف والأشكاليات بين الاطراف المتنازعة , خاصة لدينا كنز ثمين وهو الكتاب المقدس والمرجع الأساسي في حل كل الأشكاليات فيما بيننا ، كذلك اين هو موقعنا من المسيحية كرجال دين وافراد؟

وهل تعلم الرعية كم صرف ودفع للمحاكم من اموال الرعية لهذه المحاكم..
والى متى نستمر على هذا الوضع ؟

أما الأنشقاق الاخير وعسى أن يكون الأخير، والذي بدأ بولاية كاليفورينيا الامريكية فهو لا يقل اهمية عن مآسي الماضي الاليمة، انه حقاَ مأساة حقيقه يعيشها احفاد سركون وشميرام.

لكن وكما يبدو ان هذا الانشقاق اصبح حضاريا ومواكبا لتطورات المرحلة حيث تحول النزاع الى المحاكم للبت في امورنا الدينية وبطرق سلمية، انه خطوة الى الامام، سيما وان اطراف الانشقاق من داخل عائلة كنيسة المشرق الاشورية.

وهذا الانشقاق، كما في الانشقاقات السابقة، لا يستثني الرعية من ابناء كنيسة المشرق الاشورية من شرف المساهمة فيه ودعمه ماديا ومعنويا، وان كان الجانب المادي هو حجر الاساس في المعركة القادمة،حيث يتوجب على الرعية دعم الجهات المتنازعة من خلال دفع اجور مرافعات المحاكم التي تصل الى مئات الالاف من الدولارات.
انني اشعر بقلق وحزن عميقين على اولئك الذين كانوا حتى الامس القريب يجتمعون على مائدة واحدة وهدف واحد هو كلمة الله وسيدنا المسيح.

ان المرء يحزن ويقلق وهو يتخيل صورة المحكمة والجالسين في قاعتها من مدنيين ورجال دين بملابسهم الفضفاضة وصلبانهم الذهبية من عيار 21 وهي تتدلى على صدورهم وهم يستجوبون من قبل الادعاء العام واحدا تلو الآخر حتى يأتي دور القاضي للنطق بقرار الحكم.

اقول لجميع من يحضر تلك المحكمة انكم جميعا ووحدكم الخاسرون، اما هذه الرعية الصامته التي تطالبونها بدفع تكاليف مرافعاتكم فهي تدفع الفدية وليس لها ذنب سوى ارتباطها بالكنيسة وهذا المذهب عبر قرون اكراما للاجداد.
ولكن الى متى ايها الاخوة الافاضل يستمر الوضع هكذا، اسألكم مجرد سوآل، هل قمتم بأحصاء عدد افراد رعيتكم خلال هذه السنوات، وما هو الخط البياني لهذا الاحصاء... اقول لكم لقد توزع ابناء رعيتكم على مذاهب اخرى من الانجيليين والبروتستانت وشهود يهوه والكنيسة الحرة ..... الخ. وانتم منشغلون بالمحاكم مرة اخرى .. والى متى.

وكما علمنا موخراً أن جميع الكنائس التابعة لكنيسة المشرق الأشورية مطالبة بتقديم دعم مالي كبير لتغطية نفقات المحاكم في كاليفورنيا، مرة اخرى اطرح تسائلي وهو ما ذنب جميع الرعية بتحمل مسؤلية أخطاء الأخرين في دولة اخرى، أن الجالية التابعة لكنيسة المشرق الأشورية المتواجدة منذ عام 1984 في الدنمارك لا تملك كنيسة لحد كتابة هذه المقالة.

ولماذا لم تبادر بطريركية كنيسة المشرق الأشورية خلال هذه السنوات ببناء كنيسة لهذه الرعية المؤمنة . انني شخصياَ سوف لا أوافق بتقديم الدعم لاية جهة واعتبره عمل غيرانساني عندما يصل الامر الى المحاكم وارى ان كل من يساهم في هذا المجال فهو شريك بتفتيت هذه الأمة.

وفي الختام أيها الأخوة :
أصبحت امتنا اليوم مزارعين يلا أرض وقادة بلا جيوش , وفرسان بلا خيول ، والأخرين يملكون كل مفاصل الحياة اما نحن فلا نملك غير الصراع الداخلي بين ابناء أمتنا . وارى خلال هذه الفتره كان الأجدر صدور بيان من المثقفين الأشورين ينبذ فكرة الأنشقاق داخل مؤسستنا الكنسيية , لان المثقف هو الأدرى بأمور شعبه قبل الأخرين.

وكم كنت اتطلع لموقف من مثقفينا يتبلور بشكل مذكرة تقدم لقداسة البطريرك مار دنخا الرابع لكن ما فوجئنا به ان بعض العلامين يؤججون الصراع من اجل كسب بعض البسطاء , وهناك قسم اخر من هواة السياسة يسير على نفس النهج ولا يعون الحقيقة بل انهم غير معنين بالسياسة ويستخدمون كلمات لاذعة غير حضارية وغير أخلاقية لبعض الرموز التي لها مكانتها في المجتمع الأشوري .



الدانمارك/ 21 . 03 . 2006

 

 
 
 
 
 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter