|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  9  / 8 / 2016                                 تحسين المنذري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

طرق على شبابيك المؤتمرالعاشر
للحزب الشيوعي العراقي
(2)
 

تحسين المنذري
(موقع الناس)

برنامج الحزب

منذ البداية لم يحدد البرنامج هوية الحزب الطبقية بشكل واضح ففي وقت يشير الى (إنه حزب الطبقة العاملة والفلاحين والمثقفين وسائر بنات وأبناء شعبنا من شغيلة اليد والفكر) ورغم هذه العمومية في الطرح فالبرنامج لم يحدد لمن أولوية الانحياز او بالادق لمن تكون القيادة فإنه يقفز بعد ذلك مشيرا (فهو حزب يضع مصلحة الشعب والوطن فوق كل اعتبار) وبهذا فقد الغى كل طبيعة طبقية للحزب، فالشعب والوطن تعابير ممكن ان تستخدمها أحزاب البرجوازية بكل شرائحها وتنظيمات ميليشيوية وحركات إحتجاجية وكل من هب ودب بدون تحديد لتوجهاته او طبيعته الطبقية ، فالشعب يحتوي كل الشرائح الطبقية والوطن حاضنة لكل سكانه، وتوكيدا لغياب الصفة الطبقية عن الحزب برزت ممارسات شتى سأمر عليها في الجزء الخاص بسياسة الحزب ، إلا إني أود هنا الاشارة الى إن هناك ظاهرة برزت تساهم في تغييب الصفة الطبقية للحزب الا وهي الشعارات والرسومات والبوسترات التي تم تبنيها في فترة ما بعد السقوط فغاب تقريبا شعار المنجل والمطرقة الشهير لحساب شعارات أخرى مثل حمامة سلام من الاحرف الاولى للحزب أو وردة جميلة أو مجموعة شجيرات مزهرة ، صحيح هي رسومات جميلة ومعبرة عن مكنونات تبناها الشيوعيون تاريخيا، إلا إنها لا تعكس الصفة الطبقية للحزب مثلما يعكسه شعار المنجل والمطرقة.

كما إن البرنامج لم يحدد طبيعة المرحلة التي يعيشها البلد ففي حين يشير الى أن الحزب (يكافح لتحقيق استقلال البلاد وسيادتها الوطنية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية) لم يضع الحزب برنامجا للتحرر الوطني من الاستعمار بل إن البرنامج في فقراته اللاحقة وكأنه برنامج لحزب يتربع على عرش السلطة ، وأيضا لم يقل البرنامج بأننا نعيش في ظل سلطة ثيوقراطية كي يضع بناء الدولة المدنية الديمقراطية كأحد أهدافه وبالتالي يكون الحزب وبرنامجه معارضا للسلطة بكل ماتحمل وبكل تلاوينها وكتلها السياسية بدل الانتقاء في المواقف وعدم الوضوح أحيانا ، فبلد مثل العراق مازال يعاني من وضع أمني متردي جدا لايأمن إبن البلد على حياته فيه، يضع البرنامج تصور الحزب لقطاع السياحة ويضع خطوات لذلك !!! ومثل هكذا تصورات يمتلئ بها البرنامج وبتفصيلات كثيرة ومملة أحيانا ، بل إن التكرار سيد الموقف مابين ماورد في مقدمة البرنامج ثم التصورات التفصيلية اللاحقة، بحيث لم يعد البرنامج رسالة عمل لآي جهة ولا حتى للتنظيم الحزبي الذي إختلطت عليه الجذور الفكرية مابين الاسترشاد بالماركسة والتراث الاسلامي!!(ستكون الحلقة القادمة عن هذه الفقرة تحديدا) .

إن برنامج أي حزب خارج السلطة لابد وأن يكون أولا ناقدا للسلطة وتوجهاتها وأن يحمل تصورات الحزب فيما لو قدر له أن يستلم الحكم، وهذا يفرض أن يكون البرنامج مختصرا وواضح المعالم والتصورات بعبارات صريحة لا تقبل التأويل، كي يستطيع أعضاء الحزب ومؤيدوه الاستناد الى نصوصه الواضحة في التحشيد لسياسة الحزب وبرامجه الانتخابية ، وللاسف الشديد كان برنامج الحزب للفترة منذ المؤتمر الثامن برنامجا لم يؤثر في الوضع السياسي للبلد عموما ولم يخدم مشاركات الحزب الانتخابية بدليل النتائج الفقيرة والمؤذية حقا التي حصل عليها الحزب في كل إنتخابات إشترك فيها منذ التغيير والى الان، فحصول الحزب على مقعدين في البرلمان ومعقد هنا وآخر هناك في مجالس المحافظات ليست بالنتائج المؤملة ولاهي نتيجة طبيعية لحجم التضحيات الجسام التي قدمها الشيوعيون على مدى تأريخهم، بالتأكيد هناك عوامل أخرى مؤثرة في نتائج الانتخابات غير البرنامج، لكن للبرنامج الحصة الاكبر في التأثير حيث سياسة الحزب المرسومة على ضوءه تشارك هي الاخرى في تردي النتائج. والغريب إن قيادة الحزب وللمرة الثانية على التوالي تطرح برنامج الحزب المعمول به والمقر في مؤتمر سابق كوثيقة للمناقشة كبرنامج مقترح للمؤتمر القادم والفترة التي تليه، وكأن لاتغيير في أوضاع البلد تستدعي قيادة الحزب التوقف عندها أو أية تغييرات في فهم الحزب لما يجري او وجهات نظر مستجدة على ضوء الاحداث المتلاحقة، وأن تكون المناقشات في قواعد الحزب وعند كوادره كفيلة بإحداث تلك التغييرات فإن قيادة الحزب مطالبة قبل غيرها بطرح تصوراتها للبرنامج القادم قبل غيرها بحكم موقعها القيادي أولا والذي يملي عليها وجوب المبادرة والنظرة الابعد وايضا بحكم تجربتها للبرنامج في الفترة المنتهية مع إنعقاد مؤتمر جديد، لكن يبدو إن القيادة لا تكلف نفسها عناء التبديل أو إنها تريد توجيه وحصر المناقشات في ماموجود من برنامج وبالتالي تمنع مراجعة سياسة القيادة نفسها ومجمل تصرفاتها خلال الفترة ما بين مؤتمرين. من كل هذا فالتغيير بات مطلوبا وبإلحاح، أن ننتقل ببرنامج الحزب الى برنامج تحريضي شعاراتي يعبر عن مصالح الفئات الاكثر تضررا وتهميشا تلك هي شرائح الطبقات المسحوقة أصلا والاخرى التي إنسلخت من مواقعها الاعلى الى مواقع أدنى بحكم السياسات الاقتصادية الخاطئة ومارافقها من تضخم وبحكم الفساد الاداري والمالي وما نتج عنه من تناقص مستمر في الخدمات وتردي مريع في كل جزيئات الجسد الاقتصادي المنتج والخدمي للبلد، وعلى كل هذا وذاك فلابد أن يعود الحزب الى سابق عهده في القدرة على تشخيص الحاجات الضرورية للكادحين وصياغة المطاليب وطرق النضال لتحقيقها والذي لايتم كل ذلك الا ببرنامج آخريستند الى ماتقتضيه مصالح العمال والفلاحين وسائر الكادحين والمهمشين وبالارتكاز الى الماركسية كنظرية عمل وكما هي تحلل الواقع وتفسره مع إعطاء البديل أو رسم سياسة التغيير . وبرنامج أي حزب أو حركة معارضة يفترض به أن يكون برنامجا سلسا مختصراً لكن بعبارات واضحة ومؤثرة كي يستطيع عضو الحزب أو أية هيئة فيه مهما كان مستواها التنظيمي أن تتبناه عن دراية وربما حفظ بعض نصوصه لاجل إستخدام هذا البرنامج في التحشيد لسياسة الحزب والتحريض ضد السلطات التي لها برامج وتصورات أخرى تختلف عن برنامج الحزب ولا تخدم الطبقات الاجتماعية التي يناضل الحزب الشيوعي لاجلها.

وفي هذا الاطار أقترح أن يتكون برنامج الحزب من مقدمة مختصرة تشير الى شيئ من تأريخ الحزب وتعرف بهويته الطبقية والنظرية الماركسية التي يستند عليها في صياغة تحليلاته وتصوراته ، وثلاثة أبواب فقط على ان يتضمن كل باب نقاط محددة لاتزيد في أقصى الاحتمالات عن عشرة نقاط والابواب التي أقترحها هي :

1- الاهداف السياسية وتتضمن تأكيد على ضرورة تعزيز مرتكزات الديمقراطية ونبذ كل أشكال التمييز غير الانساني مثل التمييز الطائفي أو العرقي أو على أساس الجنس وغير ذلك مع إشارات واضحة عن توجهات الحزب لاقامة علاقات تحالفية مع قوى سياسية تشترك معه في التوجهات والتصورات على أن لا تكون من القوى التي تدور حولها شبهات الفساد والارتباطات الخارجية .

2- الاهداف الاقتصادية وتتضمن تصور الحزب بضرورة تعزيز دور القطاع العام في توفير الحاجيات الضرورية للشغيلة والطبقات المسحوقة ووضع خطط تنموية خمسية (مثلا) وجعل دور القطاع الخاص وفقا للخطط الاقتصادية مساعدا ومكملا لدور الدولة الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط كمورد أوحد في ميزانية الدولة .

3- الاهداف الاجتماعية والتي من الضروري أن تركز على أهمية التنمية البشرية وتعزيز دور العلم (مدارس ومعاهد متخصصة وجامعات) والاعتماد على مناهج حديثة علمية ومتطورة ورصد الظواهر التي لا تنسجم مع التطور المنشود وتحديد صيغة العلاقة مع منظمات المجتمع المدني والنقابات وتعزيز روح العمل الجماعي .

بالتأكيد ما أشرت اليه ليس كل شيئ في البرنامج المقترح وليست الصياغات أعلاه نهائية ، فمن الضروري ان يتشارك متخصصون في وضع الصيغة التي يفترض أن يجري إشباعها مناقشة ومن ثم طرحها على المؤتمر ، ولابد في هذا المجال من عمل ورش متخصصة تسبق المؤتمر وتشمل منظمات الحزب كافة تكون مهمة الورش مزدوجة وهي التثقيف بمقترحات البرنامج الجديد مع سماع الملاحظات والمقترحات، القطاعية خاصة ، ولا أعتقد إن مثل هذه المقترحات غير قابلة للتنفيذ ولا أتصور إن عامل الوقت يلعب دورا في ضغط الجهود، فالتحضير لمؤتمر حتى وإن إقتضت الضرورة تاجيل موعده قليلا خير من أن يخرج مؤتمرا باهت المعالم وغير ذي جدوى ولا يهدف الا الى إتمام إلتزام تنظيمي لا غير !!





 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter