|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  5  / 10 / 2016                                 تحسين المنذري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي : أقترح ُالتأجيل

تحسين المنذري
(موقع الناس)

يعتبر عقد المؤتمر الدوري لأي حزب محطة نضالية إستثنائية في تأريخه،وليس مجرد إستحقاق تنظيمي يجب إنجازه وكفى، وذلك للجهود الاستثنائية الكبيرة الذي تُبذل من قبل الحزب، منظمات وأفراد، وعلى مختلف الاصعدة والمستويات، فهو مجموعة جهود فكرية وسياسية وتنظيمية وإعلامية ولوجستية ومالية بل وحتى جهود عضلية، لذلك فمسألة نجاحه يفترض أن تكون من أولى حسابات الحزب.

ومن أهم مستلزمات نجاح المؤتمر ـ أي مؤتمرـ هو مدى قدرته على فهم الواقع الموضوعي والامكانات الذاتية ورسم البرامج والخطط والسياسات التي تنسجم مع الواقع وتستنبط الاهداف والشعارات المرحلية المتسقة حتما مع الاهداف الستراتيجية للحزب ، وأيضا إعتماد التكتيك النضالي الملائم وإختيار الكادر القادر على التصدي للعمل في مرحلة ما بعد المؤتمر بمواصفات تؤهله لقيادة النضال وفق البرامج والسياسات التي يرسمها المؤتمر.

ولعل من أهم العوامل الموضوعية التي تملي رسم سياسة معينة هو وضوح الواقع بكل تداخلاته وإستثناءاته كي يستطيع المحلل السياسي وواضع ستراتيجة العمل الحزبي من إستشراف المستقبل المنظور وفق مرتكزاته الفكرية الاساسية .

وهنا بيت القصيد من مقترح التأجيل، فالواقع الحالي الذي يتزامن مع عقد المؤتمر العاشر للحزب مازال غير واضح المعالم كأقل تقدير، فعمليات إندحار الارهاب تتواصل وبالاخص قرب تحرير الموصل والذي يُعد تحريرها ليس فقط ضربة قاصمة للارهاب في العراق بل هو نقلة تغييرية كبيرة في واقع حال العراق ككل، وحيث من الان بدأت بوادر إرهاصات ربما تكون جذرية تظهر على الواقع، فالحديث صار أكثر علانية عن إنفصال إقليم كردستان عن العراق بعد تحرير الموصل وذلك بعد ضم أراضي كانت تسمى متنازع عليها، واصوات موصلية تريد جعل محافظة نينوى إقليماً لوحدها، وبعضها من يريد تقسيمها الى عدة محافظات، وآخرين يدعون لقيام إقليم سني يضم الموصل والمحافظات الغربية، هذا على صعيد التنازع على الارض والحقوق التي هدرت بعضها بسبب سياسة الاقصاء التي إتبعتها حكومات المحاصصة المقيتة.

أما على صعيد وضع القوات الامنية بعد التحرير فماهو مصير العدد الهائل من أفراد الجيش النظامي ؟ وما الذي ستؤول اليه مصائر ميليشات الحشد الشعبي كتنظيمات أو كأفراد ؟ وما هي حقوق قوى التدخل الاجنبي سواءا كانت ضمن قوات التحالف الدولي أو من غيرها مثل التدخل الايراني أو التدخل التركي؟ وعدا هذا فإن التغيير سوف يصبح ضرورة في سياسات الدولة، سواءا بقي حال الدولة كما هو عليه الان أم تغير وفقا لإرادات الاخرين في الانفصال أو في تكوين الاقاليم المشار اليها أعلاه، فما هي أولويات السياسة الاقتصادية؟ وما هي خطط التنمية التي ستعتمد؟ واي قطاع إقتصادي ستكون له الريادة؟ ومن هم الشريحة التي يجب أن تستهدفها خطط التنمية البشرية؟ وكيف سيتم التصرف مع أعداد النازحين الهائلة ؟ وكيف ستعاد لهم حقوقهم وممتلكاتهم أو تعويضهم عنها؟ أي إن أولوية محاربة الارهاب يفترض بها أن تتراجع لما بعد أولويات التنمية، وكذا الحال على الصعيد السياسي والتشريعي : فما هي الاسس التي ستعتمد في ترسيخ الديمقراطية ؟ وماهي التشريعات التي ستكون لها الاولوية في الظهور؟ وايضا والاهم ما هي خطط محاربة الفساد الضارب في مفاصل الدولة والمجتمع وكيفية إصلاح أو تغيير ما تبقّى من عوامل وقوى ضبط وتسيير عجلة الحياة في المجتمع ؟ أعتقد كل هذه الامور المثارة على شكل أسئلة يفترض أن تدخل في حسابات الحزب عبر مؤتمره العاشر على شكل برامج وسياسات وتكتيكات عمل يومي، فهل يمتلك أحد اليوم تصورا عما ستؤول اليه الامور بعد تحرير الموصل؟ وهل بإمكان حزب سياسي ما أن يقرأ دواخل قادة العملية السياسية حتى مع معرفة مسبقة بتوجهاتهم الفكرية وبروافعهم المجتمعية، لكن من يستطيع أن يقدر الضغوطات الخارجية التي سيتعرضون لها ومن يعرف حجم الالتزامات التي أعطوها (للغير) على أنفسهم وبالتالي على العراق ووضعه؟

من كل ما تقدم أرى إن المشهد ما زال معتما أو في الاقل غير واضح المعالم ، وهذا يعني إن المؤتمر العاشر وفق الوثائق المطروحة كأساس لمناقشاته وبالتالي لسيره ولتكتيك الحزب لما بعده غير مجدية على الاقل في الوقت الحاضر إن لم تحتج الى تغيير جذري وفق المتغيرات المستجدة، فما الذي يدفع للاستعجال بعقد المؤتمر العاشر؟ إن المؤتمر العاشر كأستحقاق تنظيمي لابد من تنفيذه لكن في نفس الوقت فإن النظام الداخلي في المادة (16) الفقرة (5) أعطى الحق للجنة المركزية للحزب لتأجيل المؤتمر لمدة عام في حالة تعذر إنعقاده في موعده مع تبيان الاسباب الموجبة للتأجيل، واتصور إن الظرف الذي يمر به العراق الان وإحتمالات المستقبل غير الواضحة، أسبابا كافية للتأجيل، كي يستطيع المؤتمر أن يخرج بتصور واضح وسياسة دقيقة وبرنامج صحيح فلابد من أن تكون رؤية الواقع واضحة المعالم وبالتالي حسابات المستقبل تكون أكثر عقلانية وأقرب الى شبه المنظور في أقل تقدير، وأرى من الضروري أن يكون الجهد الكبير المبذول الى الان والذي سيبذل لاحقا من قبل الحزب أن يكون مجديا ويؤدي الى نقل الحزب الى الامام بشكل نوعي وكي يكون في مقدمة القوى السياسية التي تستطيع إستيعاب متغيرات الواقع وإستشراف المستقبل سيما وإن حزبنا يمتلك الماركسية تلك النظرية العلمية التي ليس فقط تحلل الواقع بل وترسم ملامح تغييره .

وأخيرا فإن هذا المقترح لا يلغي بل ينسجم مع جملة الامور التي ناقشتها عبر سلسلة "طرق على شبابيك المؤتمر العاشر للحزب" والتي مازلت أعتقد بضرورة إجراء تغييرات عميقة في وضع الحزب لاجل النهوض بواقعه الحالي بما يستلزمه النضال من أجل الطبقة العاملة العراقية وبقية شرائح الشغيلة والتي هي المستهدفة أساسا في مطاليب التغيير التي ينشدها الشيوعيون العراقيون على مدى تأريخهم النضالي البطولي المجيد.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter