|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  3  / 3 / 2017                                 تحسين المنذري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الصنم : ساحة التحرير

تحسين المنذري
(موقع الناس)

الزخم الكبير الذي بدأت به الحركة الاحتجاجية في بغداد في الـ 31/تموز/2015 لم تتمكن لجنة تنسيق المظاهرات والقوى الداعمة لها من أن تستثمره بطريقة صحيحة وتطويره وتغيير شعارات الاصلاح المهادنة الى شعار مركزي واضح رافض للقوى الحاكمة ولكل ممارساتها بلا إستثناء والدفع بإتجاه حركة شعبية عارمة رافضة تفرض إرادتها على أجهزة الحكم وإسقاط رموزها الفاسدة . لكن كما ظهر من سير الاحداث إن القائمين على تنسيق الاحتجاجات لم يكونوا مستعدين لهذا التطور أو إن لديهم قصور في تصور التغيير وآلياته مما إضطرهم لقبول وجود قوى أقل توصيف لها إنها متهمة برموزها وسياستها بتردي الحال في العراق بل هي مساهم رئيسي في كل التهم الملصقة بسلطات المحاصصة المقيتة . لكن لجنة التنسيق بقت مصرة على الاستمرار رغم الضمور الذي رافق تلك الاستمرارية العرجاء، وإن كانت رغبة الاستمرار من الايجابيات التي تُحسب لها، لكن كان الاجدر بلجنة التنسيق التفكير بأساليب أخرى وساحات عمل أوسع تؤدي ليس فقط الى ديمومة الاحتجاج وإنما لتحقيق مكاسب شعبية على حساب قوى المحاصصة المتنفذة في الحكم بدل الاطالة والخروج عن مدنية المظاهرات وتحول التنسيق مع قوى بعينها الى تبعية علنية واضحة لمشيئة الطارئين المنادين بالاصلاح والداخلين على الحركة الاحتجاجية من باب تصفية الحسابات مع آخرين!!

لقد سعت لجنة التنسيق الى مواصلة التواجد في ساحة التحرير من خلال الطلب أحيانا من المحافظات القريبة لارسال ممثلين عنها أو إنتهاز فرص إنعقاد مؤتمرات فئوية كالنساء والطلبة لقدومهم الى الساحة لاجل زيادة أعداد المحتجين ليس إلا، لكن الاكثر غرابة هو تنويع الشعارات من جمعة الى أخرى فما بين طلب الاصلاح الشامل الى تأييد القوات الامنية وفي جمعة لاحقة إدانة القوات الامنية لموقفها من المتظاهرين وصولا الى المطالبة بتغيير مفوضية الانتخابات أو قانون الانتخابات في حيرة ايهما أسبق وجوبا في التغيير ويرافق كل ذلك تأكيد طلب الحضور والتركيز إعلاميا لاغير على دور الاحتجاجات وأهميتها في الاصلاح الذي لم يتحقق ولا أظنه سيتحقق منه شيئ في ظل وضع الحركة الاحتجاجية الحالي وإذا ما أستمر بنفس النهج والوتيرة، لكن بين هذا وذاك صار التواجد في ساحة التحرير واجبا عند البعض في رغبة للتنفيس أحيانا ووفاءا لمبدأ أو ساحة للقاء الاصدقاء ومراجعة ذكريات أيام زمان!! وقد تكون عند بعض المستمرين في التواجد أسباب أخرى، إلا إن المهم هو الحضور لساحة التحرير بغض النظر عما حققه هذا التواجد أو ما قد يحققه حتى باتت الساحة وكأنها صنما خلقوه ثم عبدوه!!

إن تغيير أساليب الاحتجاج بات أمرا ضروريا إذا ما أراد المحتجون إزعاج السلطات وهز مضاجعها، فهي (السلطات) مرتاحة للوضع الحالي وتوحي للمحتجين بأهميتهم الاحتجاجية من خلال تكثيف التواجد الامني حول ساحة التحرير والبدء بقطع الطرقات ليس فقط المؤدية الى الساحة بل حتى في شوارع بعيدة عنها جدا مما يحمل مدلولا آخر يؤدي الى تذمر الناس من تلك الاجراءات وصب اللوم على المحتجين الذين لم يحققوا شيئا الى الان.

إن الوعي الذي بثته الحركة الاحتجاجية كما يتبجح البعض بذلك يبدو لي ليس ذو جدوى تذكر فلو كان كذلك لازداد معدل الحضور وتنوع وبلغ مديات أخرى ، فواجب الحركة الاحتجاجية الاساسي ليس بث الوعي بل تحويل الوعي والاحساس بالغبن والتراجع الى فعل ثوري مؤثر وإن حصل بعض الانتباه لاهمية الاحتجاجات فقد كان ذلك في البدء الذي لم يستثمر واعتقده قد إنتهى بحينه وبقي الناس في إنتظار (غودو) يخرج من رحم مجهول قد ينقل الوضع من حال الى حال.

إن التغيير المطلوب الان هو في طبيعة الحركة الاحتجاجية وفي شعاراتها وأساليب التحرك وقوة المطاليب ومدى مساسها بحياة المواطن وتطوير ذلك الى رفض للسلطات فكرا وأساليبا ومنهاجا وحتى وجوها ، ولا بأس من مراجعة الذات وتطورات الحركة الاحتجاجية بعين ناقدة لغرض التطوير فذلك من سمات كل عمل ثوري .
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter