| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأحد 24 / 12 / 2023 تحسين المنذري كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
رسالة الى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي
تحسين المنذري
(موقع الناس)وبعد أيتها السيدات أيها السادة، لعلي لا أجيد طرح الفكرة بكلام منمق ولا أتبع طريقة "إياكِ أعني وأسمعي يا جارة" فأنا مباشر في قول ما أريد ولا بأس من ذلك ما دمت أبتغي مصلحة الحزب، هذا الكيان الذي ترعرعنا في صفوفه ووفاءً لكل ما تعلمته منه ومن عملت معهم، شهداءً وأحياء، فإني سأبدأ معكم من الاخر ...
وآخر ما حدث هي الانتكاسة المخجلة في إنتخابات مجالس المحافظات، فرغم إن مشاركتكم لم تكن مرحبا بها من قبل أغلب جماهيركم وأنا منهم، لكن لا بأس في تقييم سريع لدوركم وبدءاً بإختيار المرشحين، وهذه من مشكلاتكم المزمنة ، حيث إنكم تعتمدون معايير تقييم الرفيق حزبيا وليس معايير عمله وأدواره مع الجماهير والامثلة كثيرة، وعذرا للسيدة بشرى أبو العيس أن أسوق تجربتها مثلا، فهي ليست وجها جماهيريا معروفا لكثير من الناس، هي فقط موظفة في وزارة الثقافة وبحكم موقعها هذا فهي معروفة لنخبة قليلة من رواد المسارح أو المهتمين بالشأن الثقافي، لكنكم وقع إختياركم عليها فقط لأنها عضوة في اللجنة المركزية، وكأن عضويتها تلك كارت مرور جماهيري، وهذه النقطة تحتاج الى مراجعة معمقة، ولأكتفي بهذا القدر دون الذهاب بعيدا .... أما الحملات الانتخابية فللأسف الشديد بدأت في قاعات فخمة، كما تسنى لي الاطلاع على صور لبعضها مثل بغداد والناصرية والعمارة ، وبالتأكيد مثل هذه القاعات لا يرتادها المهمشين والعمال والكسبة والفلاحين وغيرهم من أصحاب المصلحة الحقيقية للتغيير، في حين إن المطلوب من الشيوعيين، تاريخيا وبحكم تمثيلهم الطبقي، أن تبدأ الحملات في أماكن مكشوفة وأحياء فقيرة مثل شارع الشيخ عمر في بغداد أو مدينتي الشعلة أو الثورة أو في ساحة الحبوبي في الناصرية أو في محلة الجمهورية في البصرة، أو بأي فسحة في الاحياء الفقيرة في المحافظات .
التحالف الإنتخابي الاخير ... دأب الحزب على الدخول في تحالفات إنتخابية قدر الامكان في كل إنتخابات جرت تقريبا منذ 2003 ، لكن كل تلك التحالفات كانت بائسة ومشاركة الحزب فيها لم تكن ناجحة ولنا في "سائرون" مثال صارخ ، أما التحالف الاخير، فرغم كل الحملة الاعلامية التي رافقت خطوات تشكيله وتصريحات أعضاء ل . م ، إلا إنه جاء مع تنظيمات غير جماهيرية وليس لها إمتدادات تاريخية أو إنها تفتقر لعمق نضالي يشار اليه بالعمل بين الناس أو بتحقيق مطلبا ولو بسيطا، والانكى من ذلك إن أحد مرشحي إحدى هذه التنظيمات يطلق تصريحا في حملته الانتخابية يمتدح فيه "الحشد الشعبي" يفتقر التصريح الى أدنى مستلزمات الخلق والاداب الاجتماعية العامة! فهل هذا المرشح يعتبر بمقاييسكم (مدنيا) ؟ أو إنكم كنتم تعولون عليه في الحصول على مزيدٍ من الاصوات؟ أنتظر الاجابة وأنا واثق إنها لن تأتي.
لكني أعتقد إن إصراركم على الذهاب الى تحالفات مهما كان شكلها، إن هو إلا محاولة للتغطية على عواهن عمل حزبية، تنظيمية وجماهيرية، يعاني منها الحزب منذ 2003 والى الان، وللأسف إنها بإزدياد وبدون معالجة. ولعل في مقدمة العواهن تلك هو برنامج الحزب، فبالاضافة الى إعتماده مصادر فكرية متعددة، متناقضة فيما بينها، أضاعت بوصلة التحليل ورسم التكتيكات الآنية، فإنه برنامج طويل، تفصيلي، ممل قراءةً، ومثل هكذا برنامج لا يصلح بالتأكيد للتحشيد الجماهيري حوله وتجربة العشرين سنة التي مضت خير دليل، فلم يستطع الحزب تحشيد الجماهير حوله وتوالت الانتكاسات بأحد أسبابها الهامة وهو البرنامج، ويبدو إنكم مصرين على طرحه للمناقشة قبل كل مؤتمر، ولا تطرأ عليه سوى تعديلات شكلية لا تمس جوهره، ونتيجة لهذا البرنامج يجيئ خطابكم السياسي أو الاعلامي المحيّر! فهل أنتم حزب سلطة؟ أم إنكم حزب معارض؟ فعدم الوضوح هذا من مثالب العمل بين الجماهير، بحيث لا يثق الناس بموقف معارض يطرحه الحزب، لأنهم يخشون أن يأتي بعده موقف مساند لإجراء ما للسلطة الحكومية، كما حدث بعد مقاطعة إنتخابات 2021 ، فقد كتب السيد سكرتير اللجنة المركزية في صفحته بالفيسبوك في نفس ساعة إنتهاء التصويت وقبل فرز الاصوات مثنيا على دور مفوضية الانتخابات والاجهزة الامنية في تأمين إنتخابات نزيهة!!! مما جعل الكثيرين يتساءلون لماذا قاطعتم إذاً؟ إن الحزب بحاجة الى برنامج تحريضي، قصير يمكن قراءته في أي محفل عام، وعباراته ومطاليبه تصلح أن تكون شعارات تجذب الجماهير حولها وسأكتفي بهذا الان رغم ما في الروح من الالم والورم، لكني سأختم بتساؤلات مقلقة: فما هو مشروعكم السياسي؟ وماذا تريدون أن تصلوا بالحزب بعد كل هذا التدهور في جماهيريته؟ وهل ستراجعون سياستكم ومواقفكم؟ أم إنكم ستكتفون بتقييمات تضع اللوم على عاتق العوامل الموضوعية من محاصصة ومفوضية وإستخدام للمال العام في الحملات الانتخابية وغير ذلك مما إعتدنا سماعه بعد كل إنتكاسة إنتخابية؟
متأكد تماما إن هذه الرسالة ستصلكم مثلما إنا واثق تماما إنكم سوف لن تجيبوا عليها حالها حال المئات من المناشدات والاسئلة والرسائل التي سبقتها من عديد من الناس أعضاءَ في الحزب أو من جماهيره، وذلك من عوامل العزلة.