|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  23  / 3 / 2022                                 تحسين المنذري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

جريمة مروعة تهز المجتمع السويدي !!

تحسين المنذري
(موقع الناس)

في عصر يوم الاثنين 21/ أذار أقدم شاب في الثامنة عشر من عمره على قتل معلمتين في نفس الثانوية التي يدرس فيها وداخل بناية المدرسة وبإستخدام أسلحة (الفأس والمطرقة والسكين). الغريب في الامر إن الجاني هو نفسه من أبلغ الشرطة السويدية عن الحادث وأعطاهم مكان تواجده في أي طابق في المدرسة، وبعد عشرة دقائق كانت الشرطة قد ألقت القبض عليه دون أية مقاومة بل هو من سلم نفسه وعرفهم عن هويته، في مثل هذه الحالات إعتادت الجهات الرسمية السويدية على عدم الاعلان عن هوية الجاني أو المجني عليهم ولا عن الخلفيات الاجتماعية أو الفكرية لأي من شخوص الحدث حفاظا على سرية وسلامة التحقيقات وإحتراما لخصوصيات الافراد، إلا إن مارشح وقتها إن الجاني وهو يسلم نفسه قال ( أنا أكرههم )، لكن للصحافة السويدية كان رأي آخر سآتي عليه لاحقا، وعلى الفور بدأت ردود الافعال:

* كنيسة (باولي) وهي كنيسة كبيرة وتقع بالقرب من مكان الحادث فتحت أبوابها لساعة متأخرة من ليلة الحادث وإستقبلت العديد من أهالي الطلبة وآخرين إهتموا بالامر وأجرت الكنيسة معهم حوارا جديا عن أسباب ماحدث وماهي الحلول

* في اليوم التالي صرحت رئيسة الوزراء إنها صُدمت بالخبر وهي تتابع تطوراته وطالبت بمعاقبة الجاني ومن يقف وراءه

* بلدية مالمو وهي المدينة التي حدثت فيها الجريمة نظمت وقفة حداد في كل مدارس المدينة ودوائر البلدية تضامنا مع أهالي الضحايا وإستنكارا لما حدث

* في نفس الليلة واليوم التالي إمتلأت المنطقة المحيطة بالمدرسة بالناس من أهالي الطلاب وغيرهم وإفترشت أرض المدرسة وسُلَّمها بباقات الورد وقام طلبة المدرسة بإشعال الشموع في كل أرجائها، بالتأكيد كان ذاك مع توقف الدراسة في المدرسة لذلك اليوم

* الصحافة السويدية بقيت تتابع الامر بدقائقه وتوصلت الى إسم الجاني وأصوله حيث هو سويدي مائة بالمائة، وظهرت عليه بوادر الانعزال عن زملائه الطلاب منذ بداية العام الدراسي الحالي، وبالوصول الى صفحاته وتعليقاته بمواقع التواصل الاجتماعي ظهر إنه يعتنق الفكر اليميني المتطرف الذي يدعو الى ( تطهير ) السويد من كافة الاجانب حفاظا على العرق السويدي، حيث قام بنشر مواد وتوزيع اخرى بنفس هذه المضامين، بالاضافة الى تعليقاته على بعض المنشورات العنصرية واليمينية المتطرفة.

هل كانت هذه الحادثة أو الجريمة هي الاولى ؟ الجواب لا، بل إن الخطورة تكمن بتكرار جرائم القتل أو الشروع بالقتل داخل المدارس السويدية ومنذ مايقارب لاكثر من ست سنوات، وفي كل مرة تظهر للجاني أفكار ونوازع عنصرية وتأثر بافكار اليمين المتطرف السويدي.

وهنا لابد من وقفة:
لم يكن لليمين السويدي من تأثير مهم في الحياة السياسية أو المجتمع السويدي لحد عام 2014، وما بعد أحداث الانقلاب اليميني الذي حدث في أوكرانيا والذي ساهمت فيه قوى اليمين الاوربي ومنها السويدي وبقوة وبجوانب مختلفة، إعلاميا وماديا وبشريا أيضا، تنفس اليمين الاوربي بقوة وظهر على الساحة بتأثير أكبر من ذي قبل ومنها الحزب اليميني المتطرف في السويد والذي يطلق على نفسه إسم (ديمقراطيو السويد)، حيث كانت مقاعده في البرلمان السويدي قبل هذا التاريخ (صفر) مقعد إلا إنه حصل في الانتخابات البرلمانية التي جرت في نفس العام على (19) مقعدا برلمانيا وتضاعف العدد في إنتخابات عام 2018 وأكثر قليلا.بالتأكيد إن ماحدث في أوكرانيا وقتها لم يكن كل الاسباب فهناك أخرى مهمة أيضا لكن لحدث أوكرانيا كان التأثير المباشر الابرز.

إن ماحدث قبل يومين وقبل ذلك بتعدد مظاهر بروز النزعة العدوانية وكراهية الاخر والتمييز العنصري والتعبير عن كل ذلك بالعنف، يضع المجتمع السويدي، وليس سلطاته فقط، على مفترق طرق فإما العيش بسلام وأمان كما هو تأريخيا، أو الذهاب نحو المجهول حيث التمييز يمسي على أشده والعنف تجري مواجهته بالعنف المضاد وتلك دوامة لن تنتهي بسهولة ولن تغيب أثارها لعقود، لذلك فإن الجاليات الاجنبية ومنظماتها الاجتماعية مدعوة لكي تلعب دورا هاما وكبيرا في توعية الناس عموما بأهمية التعايش وإحترام الاخر بغض النظر عن النوع والجنس والاصل، على الاقل حتى نضمن لابنائنا من الأجيال الثاني والثالث وما بعدهم حياة كريمة آمنة .
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter