|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  17  / 10  / 2023                                 تحسين المنذري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

هوامش فلسطينية
(2)

تحسين المنذري
(موقع الناس)

إيران ... ليست هي فرس الرهان
تردد كثيرا إسم إيران مع عملية " طوفان الاقصى" وما تبعها من أحداث ، سواء على الصعيد الاعلامي أو على ألسنة ساسة إسرائيل والغرب عموما، وكأن إيران هي صاحبة القضية وهي من لها مصلحة وطنية في إنتصار قضية الشعب الفلسطيني. في حين إن إيران لم تمتلك عمقا تاريخيا في معاداة إسرائيل حتى مع قدوم الخميني الى السلطة وإلغائه العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ، فإن خيوط الود بقيت قائمة تجلت بشكل كبير في ما يعرف بـفضيحة (إيران غيت) حينما تشاركت حكومة الاسلاميين مع إميركا وإسرائيل في توريد الاسلحة والاعتدة الاسرائيلية الى إيران أثناء حرب الخليج الاولى.

لقد تصادف حدثان هامان جدا مع إنتهاء حرب الخليج الاولى هما : الاول إنهيار تجربة الاتحاد السوفيتي ودول المنظومة الاشتراكية، مما خلق إهتزازا فكريا عميقا حتى لدى الاحزاب والتنظيمات التي كانت تتشارك عقائديا مع تلك الدول مما ولّد نكوصا وتراجعا وفراغا كبيرا في عموم المنطقة بل والعالم، الحدث الثاني: هو قيام المقبور صدام بإحتلال الكويت مما أجهز على بقايا الفكر القومي العربي . هذان الحدثان إستفاد منهما تنظيمات الاسلام السياسي بمختلف تلاوينه وكانت إيران في المقدمة من ذلك، ساعدها ما روجت له دوائر الغرب الرأسمالي عن صراع الحضارات كمحاولة للتغطية على الاصل الطبقي للصراعات سواءا على المستوى الدولي أو المحلي ، فحدثت عملية تخادم بين إيران ودوائر الغرب الرأسمالي ، حتى وإن لم يكن بإتفاق مسبق، لكن في الاخير إستفاد منه الطرفان، إيران بظهورها كقوة إقليمية بارزة، والغرب بتأكيده إن الصراع بات فقط حضاريا!!! في نفس تلك الفترة تبدلت نظرية تصدير الثورة أو تأجلت عند إسلاميي إيران الى خلق صراعات وحروب بعيدا عن إراضيها، فعملت على إنشاء وتقوية منظمات تعتمد فكر الاسلام السياسي كمنهج عمل ، وكانت لمنظمتي الجهاد وحماس حصة كبيرة جدا من المساعدات الايرانية جعلتهما أقوى وأكثر تأثيرا في الساحة الفلسطينية، أدى بالاخر الى إقتطاعهما قطاع غزة من السلطة الفلسطينية المعترف بها، وجعل القطاع مقرا ودويلة تنطلق منها كل عملياتهما اللاحقة .

لم يكن هذا الحدث هو شق لوحدة العمل الفلسطيني فحسب بل هو عملية تقزيم لمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني معترف بها دوليا ومحليا، فلم تكن تلك المنظمتين منضويتين تحت لواء منظمة التحرير، وهكذا ساعدت إيران على إضعاف قضية الشعب الفلسطيني حيث ما تبع ذلك من أحداث جعلت إسرائيل والدوائر الغربية تركز فيه على حماس وأدوارها الانشقاقية وإيران كداعم رئيسي لها، وتراجعت أهداف وشعارات كبيرة مثل إقامة الدولة الوطنية الفلسطينية المستقلة، وعودة النازحين، وإيقاف الاستيطان وإنسحاب إسرائيل الى حدود ماقبل الخامس من حزيران / 1967 ، بل إن دولة الاحتلال إستفادت من كل ذاك بقضم أراضي فلسطينية جديدة وإنشاء مستوطنات مع ما يرافق ذلك من حمايات عسكرية وإضطهاد وفصل عنصري ، وأيضا القيام بإستباحة المخيمات والبلدات الفلسطينية والقيام بعمليات قتل وقمع وتخريب وإعتقال عشوائي بحجة وجود مطلوب أو أكثر وفق قوانين الاحتلال !! وغير ذلك الكثير من الممارسات التي صارت تتكرر كثيرا. وبات العداء بين إيران وإسرائيل هو المادة الادسم عند إسرائيل وساسة الغرب وأجهزة أعلامهم وكأن لا مشكلة فلسطينية ولا شعب مهضوم الحقوق.

في ذات الوقت، وللأسف الشديد، بدت السلطة الفلسطينية الشرعية في رام الله أكثر وهناً ولم تستطع فعل شيئ ملموس ومؤثر إزاء ممارسات دولة الاحتلال مما أثر كثيرا على قوة الشارع الفلسطيني في مقارعة الاحتلال، وهذا يستدعي الوقوف بحزم ومراجعة ما حدث وإعادة تنشيط منظمة التحرير وبث الحيوية في عموم المنظمات المنضوية تحت لوائها سواءا بتغييرات تنظيمية حتى لو تؤدي الى تبديل قيادات ما عادت قادرة على مواكبة الاحداث أو بإستنباط أساليب عمل جديدة تعيد الحياة لقضية الشعب الفلسطسني على إنها القضية الاهم والاكبر وليس خلافات إيران وإسرائيل .
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter