|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  16  / 9  / 2022                                 تحسين المنذري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الانتخابات البرلمانية السويدية
صعود اليمين : النازيون قادمون

تحسين المنذري
(موقع الناس)

صعود اليمين : النازيون قادمون
أُعلنت النتائج النهائية لإنتخابات البرلمان السويدي بتقدم ملموس لكتلة اليمين بدعم كبير من حزب (ديمقراطيو السويد) اليميني المتطرف ذو الجذور النازية، ذلك بتصدره كتلة أحزاب اليمين كأكبر عدد مقاعد برلمانية فيها حيث حصل على "73" مقعدا في صعود صاروخي غير مسبوق، فالحزب وصل للبرلمان لأول مرة في عام 2010 ومنذ تلك الانتخابات بدأ صعوده حتى وصل الى قمة اليمين الان.

نبذة تعريفية :
تعتمد السويد في إنتخاباتها البرلمانية نظام الدائرة الواحدة والطريقة النسبية في إحتساب الاصوات، على أن يحصل الحزب على نسبة 4% من أصوات الناخبين فما فوق لكي يدخل مرشحوه البرلمان. يتكون البرلمان من (349) مقعدا تتنافس عليها أحزاب قديمة وحديثة، إلا إنها إنشطرت الى كتلتين، الزرقاء أو البرجوازية وهي كتلة اليمين، والحمرا ـ الخضراء وهي محسوبة على اليسار، يتبوأ منصب رئيس الوزراء رئيس الحزب الحائز حزبه على أعلى الاصوات ضمن الكتلة الفائزة أو من تتفق عليه أحزاب الكتلة الفائزة وهذا ما سيحصل في الانتخابات الاخيرة حيث سيكلف رئيس حزب المحافظين بمهام رئيس الوزراء رغم إن الحزب العنصري من حصل على أعلى أصوات اليمين، أي إن أحتساب الاصوات يتم على أساس كل حزب ومن ثم تجمع أصوات كل كتلة على حدة.

عوامل صعود اليمين في الانتخبات الاخيرة:
هي ليست المرة الاولى التي يصعد فيها اليمين للحكم، فقد حدثت عدة مرات سابقا كانت أخرها في دورتين متتاليتين ( 2006 و2010) وفي عام 2014 خسر لمصلحة كتلة اليسار، إلا إن ما يميز هذه المرة هو بروز الحزب العنصري (ديمقراطيو السويد) كأكبر قوة برلمانية ضمن كتلة اليمين، وهذا الصعود خطير جدا لكن له عوامل عدة ممكن التركيز على ما يلي منها :

* لصعود اليمين أوربيا والمتطرف خاصة تأثير واضح على جماهير اليمين في السويد.. خاصة منذ أحداث أوكرانيا عام 2014 وما رافقها ولحقها من تطورات وأخيرا العمليات العسكرية الروسية الحالية في أوكرانيا، فقد أحدثت نشوة كبيرة لقوى اليمين الاوربي التي تتحجج بالخطر الروسي، ليبرز دور الناتو كحلف حامي لدوله الاعضاء، ومن كل هذا وذاك إستفاد اليمين السويدي لترويج حتى لبرامجه المحلية بربطها بنجاح اليمين أوربيا ولكسب أكبر جماهيرية تتضامن ضد روسيا مثلما تؤمن بتوجهات اليمين داخليا.

* خطأ كبير إرتكبته أحزاب الوسط واليسار السويدية بتبني شعارات، وأهداف، والقيام بخطوات يمينية تماشيا مع الجو العام الذي بات يتجه يمينا بوضوح كبير ، فقد رفعت شعارات التشدد في سياسة الهجرة، وتقديم طلب الانضمام للناتو، وتقديم معونات لأوكرانيا في مواجهة روسيا، وأيضا التفاوض مع تركيا لتسليم معارضين مطلوبين من قبلها وفي هذا خروج واضح عن قيم ومبادئ سويدية عريقة، بهذا التغيير في مسار قوى الوسط واليسار تشددت بالمقابل قوى اليمين في طرح شعاراتها وبرامجها مما ولد إستقطابا أكبر سمح لها بكسب المزيد من المؤيدين .

* المهاجرون وذوو الاصول الاجنبية في السويد: شكلت سياسة اللجوء والهجرة إحدى مواضيع الصراع والاستقطاب بين أحزاب السويد المتنافسة على البرلمان، ليس الان فقط، بل منذ ما يزيد عن العقدين عندما إزدادت الهجرة الى أوربا عامة .. وبعد عام 2015 وموجة الهجرة الاكبر وما رافقها من خروقات وأخطاء قام بها مهاجرون بشكل منفرد أو جماعي، مما ولَّد قبولا أكبر لفكرة التشدد بقبول مهاجرين جدد وهذا ما ركزت عليه قوى اليمين الاوربي عامة والسويدي خاصة .

* شيوع ظاهرة التهميش المجتمعي وفشل برامج الاندماج التي وضعتها الحكومات السويدية المتعاقبة بما فيها حكومتي اليمين بين أعوام ( 2006 الى 2014) وأيضا عدم تمكن الجاليات القادمة حديثا من التكيّف مع متطلبات المجتمعات الجديدة، كما إن وجود منظمات مجتمع مدني تخص الجاليات الاجنبية والتي لم تتمكن من المساعدة في إيجاد أرضية مشتركة للجاليات مع المجتمع السويدي، علما إن هذه المنظمات مدعومة من قبل السلطات السويدية، كلها عوامل أدت الى تركيز اليمين على الاخطاء المرتكبة في الاحياء السكانية التي يقطنها غالبية من أصول مهاجرة وباتت تطلق على هذه التجمعات بالمناطق الهشة أو المهمشة، سيما وقد إرتبطت الكثير من الجرائم بأبناء المهاجرين مما أعطى لقوى اليمين مادة خصبة للترويج لفكرة تقييد اللجوء أو رفضه بالكامل كما يطالب الحزب العنصري (ديمقراطيو السويد) بذلك.

* شكلت أخطاء الجاليات المسلمة مادة دسمة لقوى اليمين للترويج لفكرة التصدي لأسلمة المجتمع، فذهاب أعداد من مسلمي السويد الى مناطق الصراع كمتطوعين في المنظمات الارهابية الاسلامية أعتمدها اليمين كمادة تثقيفية لجماهيره، وأيضا فقد إرتكبت جمعيات إسلامية ـ شيعية أخطاء واضحة بالقيام بمسيرات عاشوراء والاربعين بملابس سوداء ويافطات سوداء ونساء ملفعات بالحجاب الاسود وكأن السويديين هم من قتل الحسين وآخرها كانت مسيرة الاربعينية في مدينة مالمو في يوم 10/ أيلول أي قبل يوم واحد من الانتخابات علما إن الاربعينية تصادف يوم 17/ أيلول ( لماذا؟)، كما كانت ردود الفعل الغاضبة على قيام المتطرف الدنماركي (بلودان) بحرق نسخا من القران في مدن تتجمع فيها جاليات مسلمة،خلال شهر نيسان المنصرم، ردودا غير محسوبة العواقب سيما الاعتداء فيها على رجال الشرطة السويديين، مما اعطى مادة أخرى لليمين والمتطرف خصوصا على إعتبار إن المسملمين لا يؤمنون بالديمقراطية ويريدون نسف قيم المجتمع السويدي بحرية التعبير والراي، ومن ثم طرح قوى اليمين لأنفسهم على إنهم حماة الديمقراطية وقيم المجتمع السويدي الاصيلة.

هذه بعض من عوامل صعود اليمين بالاضافة الى تركيزه على مواضيع مجتمعية أخرى مثل تخفيض الضرائب وزيادة معاشات المتقاعدين وغير ذلك من الوعود الانتخابية ، لكن هناك وعود إنتخابية أخرى إن طبقت فستكون نتائجها في منتهى الخطورة على المجتمع مثل عزل مناطق المهاجرين ووضع مفارز شرطة دائمة في مداخلها تقوم بتفتيش كل الداخلين إليها والخارجين منها، وايضا قيام السلطات بإختبارات لغة سويدية للاطفال من سن السنتنين ونصف فصاعدا وفي حالة عدم تمكن الطفل بالتحدث بالسويدية بطلاقة فيجري سحب الطفل من عائلته وإعطائه الى عائلة أخرى (سويدية الاصل) ، إن مثل هذه البرامج تؤدي حتما الى مزيد من الاستقطاب المجتمعي وإنتشار أكبر لخطاب الكراهية في المجتمع مما قد يؤدي الى زيادة أكبر في التمرد على القوانين النافذة واللجوء الى عصابات الجريمة المنظمة المنتشرة في السويد .

ما هي التوقعات اللاحقة :
حسب الاعراف والقوانين ستقوم كتلة اليمين بتشكيل الحكومة القادمة وأُعلن عن تكليف زعيم المحافظين بتشكيل الحكومة من قبل كتلة اليمين وليس زعيم الحزب العنصري رغم إن حزبه حاز على أعلى الاصوات في الكتلة، لكن هذا سيؤدي الى فرض برامج الحزب المتطرف على الحكومة المشكلة مما يعني ذهاب أكبر نحو الفرز والتمييز والتهميش العنصري في المجتمع ، لكن هناك بعض من المحللين ممن يرى فشل كتلة اليمين في تشكيل الحكومة حيث التناقض داخلها بين حزبي الليبراليين وديمقراطيي السويد فالاول وضع خطوطا حمراء على إشتراك العنصريين في الحكومة أو في أي منصب سيادي آخر وإلا فإن الليبراليين سينسحبون من التحالف مما يعني إسقاط حكومة اليمين ، مع ذلك فإن الامر مازال مبكرا للبت فيه، وأعتقد إن أول إختبار للحكومة سيكون مع تقديم الميزانية السنوية للعام القادم في موعد أقصاه منتصف شهر تشرين الثاني القادم وعندها سيظهر الاختلاف أو التوافق بين أحزاب الكتلة وبعدها سيتم فهم ما يجري .

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter