| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأربعاء 14 / 8 / 2024 تحسين المنذري كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
أية ديمقراطية وما جدوى الانتخابات؟
تحسين المنذري
(موقع الناس)منذ سيطرة نظام المحاصصة على الشأن العراقي تنازع العراقيون ما بين من يعتقد بضرورة العملية السياسية والضغط ديمقراطيا لتغيير الاحوال، وبين من لا يعيرون إهتماما لما يقال وما تعنيه الحراكات المجتمعية ، ما دامت لهم اليد الطولى في تسيير دفة الانتخابات والاحتماء خلف نتائجها لفرض ما يشاؤون من رغبات على شكل قوانين وسلطة تنفيذية تلبي متطلبات ديمومة نظام المحاصصة المقيت، لكن منذ أن تسلطت الاقلية على البرلمان المتمثلة بما عرف بالاطار الشيعي والتردي السياسي قائم على كل الاصعدة فلا قيمة لبرلمانيين حتى وإن كانوا من الاطار نفسه، ففي السابق كان رئيس الكتلة هو من يقرر على ماذا يصوت برلمانيو كتلته بالرفض أو القبول، وكل المحللين والباحثين في السياسة كانوا يعيبون على هيكل الديمقراطية تلك الممارسة، أما الان فلم يعد لا للبرلماني ولا لرئيس الكتلة بل ولا لكل البرلمان برئاسته ولجانه أية قيمة مادام القرار يتخذه أخرون ليسوا أعضاءً فيه، وهم من يسمون أنفسهم قادة الاطار، فإجتماعاتهم هي التي تقرر ما يجب حدوثه وما يفترض منع حصوله، ورغم معرفة الجميع بهذه الحقيقة إلا إن التجاذبات التي ترافق محاولات تغيير القانون 188 كشفت بشكل علني لا يقبل الجدل إن هؤلاء يغتنمون الفرصة لتحطيم كل أمل في تطور مجتمعي أو تغيير نحو الافضل. فالاطار قرر طرح مشروع التغيير ورفضته الاكثرية البرلمانية، إلا إن المدعو نوري المالكي قرر في العلن إن على البرلمان طرح مشروع التغيير للقراءة الاولى وهذا ما حدث، وها هم الان يحيكون خيوط تآمر لطرح مشروع القانون في قراءة ثانية بسلة واحدة مع مشاريع قوانين تريدها كتل أخرى كي يجري تمرير قرار التخلف والرجعية بتغيير القانون 188، كما عادت ظاهرة اخرى للبروز وهي دور المعممين في فرض مشيئة المرجعية الدينية والتي هي بالاساس وراء كل الوضع المزري منذ 2003 والى اليوم بالمشاركة مع محتل أمريكي قذر. فقد كان الدور العلني للمعممين بارزا في السنوات السابقة كدورهم في الترويج لدستور مشلول وضرورة إنتخاب كتلة الشيعة وغيرها من الادوار المشينة، ولم يتوقف أبدا إلا إنهم يختارون أساليبا أخرى أحيانا في تمشية مشيئتهم كالحث من خلف ستار، لكنهم يعودون اليوم ليس فقط للترويج لمشروعهم المتخلف بل صاروا يشتمون ويتهمون بتهم حقيرة كل من يعارض مشروع التخلف هذا.
فهل هذه هي ديمقراطية أميركا التي سلمتها بيد قوى متخلفة؟ فيا لبؤسها من ديمقراطية، وهل هذا هو برلمان يمثل الشعب؟ فليخرس كل من يعتقد نفسه أهلا لتمثيل الشعب وهو عضوا في برلمان مسلوب الارادة.
إن هذه المنازلة أراها حاسمة وعلى القوى الرافضة لكل هذه المهازل أن تختار طريقا آخر للعمل يبدأ برفض العملية السياسية بكل مخرجاتها وإختيار المواجهة العلنية مع قوى التخلف واللجوء الى الشارع الرافض وتحشيد كل من تهمه مصلحة البلد في إحتجاجات عارمة وليست محدودة كما يحصل الان، وبكل وسيلة تساعد على إسقاط نظام المحاصصة ورموزه ومؤيديه وقادة الكتل الذين وجدوا أنفسهم في خانة أكبر من حجومهم وقدرات مرجعايتهم، تلك هي خانة الوطن وليس الطائفة، فمن المستحيل إختزال الوطن بطائفة، أية طائفة وليس واحدة بعينها، ولتخرس أبواق الطائفية بدءاً من طاولتهم المستديرة ووصولا لأصغر ذيل مرورا بكل معمم يريد للمجتمع التخلف وتحطيم بناه الانسانية.