|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  14  / 10  / 2023                                 تحسين المنذري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

زمن العولمة الرأسمالية ... زمن العهر السياسي

تحسين المنذري
(موقع الناس)

منذ أن إنفردت الولايات المتحدة كقطب أوحد في العالم وتغيرات جمة حصلت على مختلف الصُعد، حيث تسود مرحلة نكوص القيم والمثل السامية، مرحلة الانحدار نحو هاوية الفساد والافساد في أغلب نواحي الحياة. ولعل من أبرز تلك المظاهر هي التغييرات التي حصلت ومازالت على معايير ومواقف ساسة البلدان الرأسمالية الغربية خصوصا وبعض من قادة الدول الاخرى. وفي هذه الايام حيث مازالت ردود الافعال على عملية " طوفان الاقصى " تتجلى من خلالها بشكل كبير أخلاقيات اللاشرف عند قادة العالم الحر إنسجاما مع المصالح الطبقية التي ينتمي لها هؤلاء الساسة ودفاعا عن نظمهم السياسية قبل أي إعتبار أخلاقي ولا حتى لقيم حقوق الانسان التي يتمشدقون دائما بالدفاع عنها. لقد برزت تلك المواقف عند القادة الابرز في تلك البلدان حيث:

* الولايات المتحدة الاميركية: منذ الساعات الاولى أعطى الرئيس الخرف المرتعش بايدن الضوء لقائد زمرة القتل في إسرائيل نتنياهو بالتصرف كما يشاء بتأييدٍ مضمون من أميركا، كما أمر بإرسال حاملة طائرات وبوارج حربية الى شرق المتوسط بالقرب من سواحل إسرائيل دعما لمجهودها الاجرامي وتحذيرا لدول ربما تساند الفلسطينين، بل ذهب هذا الخرف الى الكذب بإدعائه مشاهدة صورأطفال قطعت رؤوسهم حماس!!! في حين إن إسرائيل نفسها لم تدّع وجود صور بل شهادات من بعض المتطرفين. أما وزير خارجيته فقد إنبرى عشية وصوله الى تل أبيب للدفاع عن جرائم إسرائيل حيث قال (نعلم إن إسرائيل لا تريد الضرر بالمدنيين، لكنها يجب أن تدافع عن نفسها) وكرر هذا المعنى في أكثر من محطة بزيارته لدول في المنطقة، وكأنه يريد أن يقول لا بأس بقتل من تشاء اسرائيل مادام ذلك في معيارها دفاعا عن النفس، وهنا يتساءل المرء أين خطورة أكثر من ستمائة طفل قتلوا لحد الان في غزة نتيجة القصف الاسرائيلي؟ ولابد من إستعادة تصريحات المقبورة أولبرايت حينما كانت وزيرة خارجية أميركا أيام حصار الشعب العراقي حيث قالت (موت نصف مليون طفل عراقي ثمن مناسب!!!) الجريمة واحدة والمجرم نفسه. أما وزير دفاع الرئيس المرتعش فإنه يشترك مع العسكريين الاسرائليين بغرفة العمليات في وضع الخطط للعمليات الاجرامية بدليلٍ واضح على إشتراك أميركا بكل جرائم إسرائيل الحالية في غزة.

* بريطانيا الداعم الاول لإسرائيل وصاحبة وعد بلفور: فقد بدأت موقفها بتصريح رئيس وزرائها ريشي سوناك في المجمع اليهودي البريطاني (لا يوجد هناك بعدان في هذه الاحداث ولا يعود الحديث عن توازن ومساواة، أنا الى جانب إسرائيل) وأصدرت وزيرة الداخلية أمرا للبوليس بإتخاذ مواقف صارمة ضد المحتجين على عمليات إسرائيل داخل بريطانيا ومنع أي مظهر إحتفالي بعمليات " طوفان الاقصى" معترة إن ذاك "فوضى في المجتمع" وعليه يجب منعه .

* فرنسا: في تصريح لربيب الماسونية ماكرون قبل أربع سنوات قال فيه (معاداة الصهيونية شكل من أشكال معاداة السامية) وفق هذا الاساس والمنظور تتخذ فرنسا مواقفها تجاه إسرائيل في كل صغيرة وكبيرة، لذلك فليس مستغربا أن يؤيد ماكرون ما تقوم به إسرائيل من جرائم فقال ( الرد الوحيد على الارهاب هو دائما رد قوي وعادل ومنصفا ولإسرائيل الحق بالدفاع عن نفسها) ووزارة الداخلية تحظر كل المظاهرات والتجمعات المناهضة لجرائم إسرائيل!!

* ألمانيا : التي مازالت تعيش عقدة (الهولكوست) أعربت منذ اليوم الاول لـ " طوفان الاقصى" إستنكارها لما حدث وتعلن تضامنها الكامل مع إسرائيل، حيث جاء ذلك على لسان مستشارها، أما وزيرة الخارجية فقد صرحت (أدين بشدة الهجمات الارهابية من غزة ضد إسرائيل بأشد عبارات الادانة، لإسرائيل تضامننا الكامل ولها الحق بموجب القانون الدولي في الدفاع عن نفسها) لست أدري أين هو القانون الدولي من حصار وقتل وترويع لم يستثنِ طفلا أو شيخا .

* السويد: الى الامس القريب كان بلد الحياد الايجابي ويساري الهوى، لكن مع رياح اليمين في عموم أوربا تحكمه الان كتلة يمينية أكبر أحزابها يُعد من اليمين المتطرف الاقرب الى النازية الجديدة، يطالب رئيس هذا الحزب بطرد كل من يتظاهر ضد إسرائيل على الاراضي السويدية، أما الحكومة فقد إتخذت موقفا مخزيا بقيامها بإجلاء السويديين العالقين في إسرائيل ما عدا من يمكث في غزة ويقدر عددهم بـ (400 إنسانا) وعلى لسان وزير خارجيتها يقول إن الحكومة سبق وأصدرت قبل عشر سنوات تحذيرا من السفر الى غزة وإن هؤلاء لم يستجيبوا لهذا التحذير !!!السؤال إن لم يستجيبوا لتحذير عمره عشر سنوات فهل يحكم عليهم بالاعدام ؟

تلك هي نماذج من مواقف ساسة العهر الرأسمالي الغربي، وهؤلاء جميعا حكومات وأفراد لم يرف لهم جفن وإسرائيل تقتل وتستبيح وتعتقل عشوائيا ومنذ عقود ، لم يستنكر أحد منهم قيام إسرائيل بإقتحام مخيمات اللجوء لأجل إعتقال مشتبه به وفق قوانينها العنصرية لكنها في نفس الوقت تقتل من يعترضها وتعتقل من تشاء وتخرب الطرقات ومن ثم تهدم دار من تعتقل، أين الانسانية في مواقف هؤلاء الساسة ؟ لم ينبس احدهم ببنت شفه حينما أعلنت إسرائيل حصارا فريدا من نوعه على مليوني أنسان بمنع وصول الغذاء والدواء والماء والكهرباء، وأخيرا منعت الانترنيت لكي لا تنفضح جرائمها في غزة، ألم يسمعوا ويشاهدوا ما حدث؟ لكنها مصالح الرأسمال تفرض عليهم صمتا غبيا ، وهنا لابد من التذكير إن العالم حينما كان به قطب إسمه الاتحاد السوفيتي يناهض أقطاب الرأسمالية الدولية وعلى رأسها أميركا عدوة الشعوب، أصدرت الامم المتحدة قرارا برقم (3379) في عام 1975 يقضي بإعتبار الصهيونية شكل من أشكال العنصرية، هذا القرار تم إلغاؤه بقرار آخر للأمم المتحدة حينما إنفردت الولايات المتحدة بالعالم كقطب أوحد في عام 1991 قدمته كواحدة من الهدايا الى إسرائيل .

لكن الصهيونية تبقى عنصرية رغم إلغاء القرار.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter