| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ثامر توسا

 

 

 

                                                                                  الأربعاء 3/8/ 2011




المغرورون يتغنون بالجنة والشيوعيون يطفئون نار جهنم بأجسادهم
(1)

ثامــــر توسا

حلقات هذا المقال,هي إستكمال ملحق بموضوعة غرور الانسان وثقته بنفسه التي سبق وأفردنا لها مقالا قلنا في متنه :
((إن ثقة الانسان بنفسه تعد أحدى عوامل تميزه في محيطه, شريطة أن لا تتجاوز حدود الشعره التي تفصلها عن آفة الغرور, وإلا إنقلبت هذه الثقه الى وبال يؤدي بصاحبها الى الانكسار)). إنتهى.

نظرة مركزة في تاريخ العراق السياسي المعاصر, تكشف للمتابع مدى تناغم المصالح الاقليميه والدوليه مع رغبات الساسه الذين يتنفسون برئة ترسيخ تباينات مكوناته العرقيه والمذهبية وتنافراتها التي يتم إستغلالها في توليف أبجدية سياسته اللاوطنيه وبناء دولته المهزوزة , وعلى هذا الأساس تُرسم خارطته السياسيه وتقسم الأدوار في مرحلة ما بعد تشويه جغرافيته.

يتم ذلك كله خارج إرادة الوطنيين وفي مقدمتهم الشيوعيين العراقيين المشهودة لهم مواقفهم والتي كان بسببها يقصى الحزب ويزج بمناضليه في السجون,حيث لم يسبق ان تحققت أية فرصه عمليه سانحه لمشاركة هذا الحزب برسم سياسة البلد , والقول بأن السبب يعزى الى خلل في فكره ونظريته هو قول مبتور وغير منصف, لان أسباب عديده ومترابطه تقف وراء ذلك بدء ً بتأرجح ذهنية الشعب في إدارة الصراعات القوميه والدينيه ودور الأنظمه الأقليميه المستفيده من تأجيجها لصالحها وصالح الدول العظمى في المنطقه وإنتهاء بالآثار السلبيه التي تركتها إجتهادات بعض الكوادر ومقتضيات مصالح البعض الأخر.

الذي حفزني على كتابة هذه الحلقات هو رغبه متواضعه لمخاطبة من لم يحالفه الحظ في وضع عربته على السكه الصحيحه كي يرتقي الى الاسلوب المنطقي والمتزن في نقد فكر الحزب الشيوعي او ممارسات بعض منتسبيه ,إذ غالبا ما تقود المواقف المسبقه وتخبطات مطلقيها الى فضح زيف إلإدعاء بأنها تنقد الفكر
من اجل الحقيقة ,لكن الأمر هو ليس كذلك بقدر ماهو محاولة لتشويهه وتسقيطه من خلال تناول نماذج لشخوص طارئه أو لحالات سلبيه ممكنه كأمثلة لها في محاولتها , مما يضع القارئ في حيرة من أمره .

لهذا السبب نقول ,عندما يـَشعُر الكاتب أو يـُشعَر بعجزه عن الإتيان بما يحترم عقول قارئيه , يفترض به إما الكف عن الخوض فيما لا يجيده أو تحاشي منحى الأستخفاف بعقول الناس من خلال التمشدق بتوافه ظاهر الأمور وسطحيتها بتلك السذاجه التي كنا نتبعها أيام صبانا.

أنا أستغرب كيف يتسنى لإنسان دارك أن يلغي إحتمالية إنخراط عناصر دون المستوى في صفوف اي حزب أو دين , وأستغرب أكثر عندما يتخذ من هذه الحاله السلبيه المألوفه قشة لقصم ظهر الفكر او قطع رقاب مؤيديه ,وهنا يحق التساؤل:
هل سنعتبرالمسيحية كفكر وايمان هي الأرقى والأفضل لمجرد انتشارها في جغرافيه وزمن معينين؟ أم سيجوز لنا أن نصفها بالفاشله حين تراجعت في أماكن معينه لتحل محلها أديان ومعتقدات مغايره لها؟ أتمنى أن يؤتى لنا بإسم حزب او دين سلمت هياكله من المتطفلين وعديمي الكفاءة كي تـُرفع الرايه البيضاء للمتشدقين؟

لو عدنا الى سجل المناضلين من شيوعيي العراق وما أجمله من سجل زاخر بالتألق والمفخره, سنجد بأن السبق كان لهم دائما في التحدي و التسلح الثقافي والتضحيات التي صبغوا كامل جغرافية وطنهم بدمائها, ولأنهم كانوا شيوعيون بالفكر وليس بعوامل الترغيب الروحي ولا بالتوريث التقليدي , من الطبيعي ان يواجهوا الهجمات والانتكاسات أثناء عملهم في محيط ديني غارق بالروحانيات و في مجتمع طبقي وقبلي غير مستقر, وهذا كان حافزا واضحا حث الواعين العراقيين على مساندته وانتقاده البناء في نفس الوقت, في حين عاداه آخرون بدوافع شتى وسعوا في القضاء عليه بشتى آليات التسقيط لانه وبكل بساطه سخرقدرا من طاقاته لازاحة الأقنعه عن الوجوه الغير الوطنيه و فضح تخمة الأجساد المجببه و محاربة طغيان العروش والمستحوذين على قوت الشعب .

اذن ظاهرة الإنتكاس والتصدع والإنشقاق امام الهجمات المزدوجه ومتناقضات المجتمع هي نتائج متوقعه في مجتمع تسوده النزعات القبليه والدينيه, لكنه وبإصرار مناضليه سرعان ما كان يضمد جراحه ويستعيد قواه لمواصلة العمل , أمور كهذه تعد طبيعيه في عمل اي حزب , فكيف بحزب معروف بمادية فكره وتفاعله مع واقع متغيرات الزمن وتطلعات الناس ,أما الكلام عن مدى تأثير تسلل المنتفعين والأنتهازييين في صفوفه , فأنهم بلا شك بمثابة الماكنه التي كانت تدفع بالحزب الى الوراء و هم ما زالوا يشكلون عاملا مساعدا لدور الذين يستهدفوه فكريا وثقافيا .

نعم إن الفكر الشيوعي (الماركسي) لم يعتمد أساطير حكايات وتفاسير أعاجيب الرسل وعصمتهم الألهيه التي أغوت بسلطانها الروحي ذوي العقول المتوسطه وأغرتهم بقوتها ,كما أنه لم يدَّع ِ إقتفاء آثار إيحاءات الأنبياء وإلهاماتهم الروحيه كي يحشوها في عقول البسطاء تحت تأثير مخافة وعيد النار و ونشوة الفوز بالجنه الموعوده ليتمكن من تجيـير طاقاتهم لصالح مسيرته النضاليه, والأكثر من ذلك, هو القصص الواقعيه الكثيره التي تحكي لنا كيف ان المواطن الذي كان ينوي الانتماء لصفوف الحزب كان عليه ان يتهيأ للملاحقه والسجن والتعذيب ,وليس للمكافأه والترفيه والترقيه الوظيفيه .

يتبع
 

 


 

 

free web counter