| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تقي الوزان

Wz_1950@yahoo.com

 

 

 

 

الخميس 13 /7/ 2006

 

 

بين الخديعتين

 

تقي الوزان

الأنحدار الى الجحيم , وبهذه السرعة الجنونية , يدفع للأعتقاد بأن كل الأطراف المشتركة في جريمة تمزيق العراق في عجلة من أمرها . وكأنهم على موعد محدد ونهائي يريدون الوصول اليه .
سلطات الأحتلال وعلى مر التاريخ تبغي احكام سيطرتها من خلال خلق التناقضات وتعميقها بين مكونات المجتمع . وفي بداية الأحتلال تركت الباب مفتوحاً لتشكيل , وتقوية المليشيات . وحفزت هذه المليشيات للسباق فيما بينها لزيادة مساحة نفوذها , وتوسيع رقعة سيطرتها على أرض الواقع, بغض النظر عن عدم شرعيتها, وما حققته أحزابها من أصوات في البرلمان . ولو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر سلطة " جيش المهدي " فهي أضعاف مضاعفة على حجم أصوات التيار الصدري في البرلمان ومجالس البلديات . هذه الحالة كانت سبب رئيس في خلق العداوات والتناحر , وكلنا نذكر الصراع الدموي الذي سقط فيه الكثير من الأبرياء بين التيار الصدري والمجلس الأعلى للثورة الأسلامية , وكلهم ابناء مذهب واحد , وقائمة أنتخابية واحدة .
سلطات الأحتلال أرادت من خلال العملية الديمقراطية وأجراء الأنتخابات,الحصول على حكومة تحقق لها المحافظة على العراق , وعدم أنزلاقه الى الحضن الايراني . وتحقيق شروط الأحتلال بشكل قانوني , وجعل الحكومة مصد للرفض الذي سيرافق أستغلال النفط بشكل غير منصف , ودمج الأقتصاد العراقي الضعيف بسوق الرأسمال الأمريكي العملاق عبر سلسلة من من القوانين يصدرها البرلمان المنتخب . أضافة للطلب ببقاء القوات الأمريكية في قواعد ثابتة تمكنها من فرض سيطرتها على كل المنطقة .
ايران من جانبها أستغلت رغبة سلطات الأحتلال القاضية [بغض النظر] عن توسيع سلطات المليشيات, وبشرط ان تبقى في حدود السيطرة , ودفعت بكل امكانياتها في تغذية أغلب مليشيات الأحزاب الشيعية الموالية لها . وجعلتها تمارس سلطات أكبر من [ حدود السيطرة ] وباتت تشكل خطراً حقيقياً على سلطات الأحتلال ذاتها . وبدل الدخول في مواجهات ساخنة مع هذه المليشيات , التي أخذت تعبر بوضوح عن رغبة النظام الإيراني في افشال المشروع الأمريكي في العراق.
توجهت سلطات الأحتلال الأمريكي لمد يدها لأحتياطيها الذي لن يتأخر , وأبن خطيئتها الأولى في العراق عام 1963 حزب البعث وتشكيلاته الدموية . وبهذا ترجع التوازن الأشد لضبط خيوط لعبتها السياسية , وتحصيل حقوق ديونها من العراقيين حيث أنقذتهم من حكم الطاغية صدام . وكذلك أفشال محاولة جعل العراق تابع لثاني دول محور الشر ايران . أضافة لتفكيك وحدة التحالف الذي نشأ بين منظمة القاعدة والسنة التكفيريين من جهة , والبعثيين المتضررين من فقدان السلطة من جهة أخرى . وسيكون البعثيين أدات الأمريكان ليس لمحاربة مجرمي القاعدة والسنة التكفيريين فقط , بل ومحاربة ايران مرتاً أخرى اذا طلب منهم ذلك .
التحالف القديم الجديد لهذه القوى , سلطات الأحتلال الأمريكي والقتلة من البعثيين سيحتاج الى وقت أكبر , ودماء أكثر للأعلان عنه . دماء عراقية بريئة خدعت مرتين . الأولى عندما أنتخبت من أدعى تمثيل مصالحها , وصدقت الشعارات الطائفية والقومية , وهي التي خرجت لتوها من عقود التجهيل والأستلاب . والثانية أنطلاء أدعاءات سلطات الأحتلال بتطبيق الديمقراطية , وتحقيق الرفاه والتقدم الأجتماعي . والى أن يجد هذا الأتفاق أو التحالف الجديد موضع القبول لدى العراقيين عن طريق هذا القتل والأحتراب الطائفي . كفر العراقيون بالأنتخابات , وبمن أنتخبوا . ولو كانت الظروف تسمح لخرجت الجماهير بمظاهرات تطلب من الأمريكان والأمم المتحدة حكومة أنقاذ وطني تلغي نتائج الأنتخابات , وتعيد لهم الأمن , وتكون لهم جسراً يعبرون عليه للضفة التي تعيد لهم أنسانيتهم , وتدمجهم مرتاً أخرى بحركة الشعوب .
سلامة العراق ليست مسؤولية سلطات الأحتلال الأمريكي , وعصابات القتلة من البعثيين والسنة التكفيريين , والطائفيين من الشيعة , ودول الجوار . أنها مسؤولية أبناء الحركة الوطنية العراقية, وورثة المقابر الجماعية , والأنفال , وعذاب ودماء الخمسة والثلاثين عاماً تحت ظل الحكم الفاشي .