|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الخميس 3/1/ 2013                                 د. تارا إبراهيم                                   كتابات أخرى للكاتبة على موقع الناس

 
 

 

فرنسا وقرارات عام 2013

د. تارا إبراهيم 

قبيل نهاية كل عام وبداية عام جديد، غالبا ما يتخذ الفرنسيون قرارات جديدة من شأنها أن تكون إيجابية سواء كان ذلك على المستوى العائلي  ام الإجتماعي  ام المهني، و يمكن أن يقطع  الشخص على نفسه عهدا بممارسة الرياضة يوميا أو القيام بجولة حول العالم أو البحث عن شريك او شريكة الحياة عبر الإنترنت ..الخ من القرارات التي قد تنفذ أو لا إعتمادا على قوة وإرادة الشخص.

أما الحكومة الحالية فلها أيضا قرارت أتخذتها نهاية عام 2012 ولكنها تنتظر من البرلمان الموافقة عليها في العام الجديد وبالتالي تشريعها كقوانين لتنفيذها فيما إذا تمت المصادقة عليها ، يمكن أن تقلب المجتمع الفرنسي رأسا على عقب وبالتالي تثير استياء المعارضة اليمينية وتفرح المنظمات اليسارية والمؤيدين للحزب الإشتراكي.

القانون الأول الذي بات ولا يزال مصدر جدل وخلاف في المجتمع الفرنسي هو قانون "الزواج للجميع" الذي كان  أحد وعود فرانسوا هولاند خلال حملته الإنتخابية الرئاسية، حيث يود الرئيس الحالي الوفاء بوعوده بتشريع قانون يتيح للمثليين الزواج رسميا أي (الذكر مع الذكر والأنثى مع الأنثى) الأمر الذي يثير غضب المتدينين المسيحيين والكنيسة وبعض الفرنسيين المحافظين الذين يؤمنون بالزواج  المتعارف عليه اي زواج المرأة بالرجل .

 الا ان الذي يزيد الطين بلة هو إتاحة فرانسوا هولاند للمثليين  تبني الأطفال الأمر الذي قد يدمر الأساس العائلي الذي يتكون من أب (ذكر) وأم (أنثى) وأطفال من وجهة نظر الحزب الديمقراطي المسيحي، مما يتطلب أيضا تغيير القانون المدني والكثير من المفاهيم  الإجتماعية والنفسية التي قد تؤدي الى ضياع تقاليد الأسرة  المعروفة  .

فمن المعلوم أن زواج المثليين ممنوع الاحتفال به في فرنسا حاليا، لذلك يذهب الكثير منهم الى بلاد أوربية أخرى تسمح  بزواجهم وفي مقدمتها والأقرب جغرافيا  هي بلجيكا، التي تستقبل المئات من المثليين الفرنسيين سنويا لعقد قرانهم رسميا. فعلى الرغم من أن هذا الزواج غير معترف به في الدوائر الرسمية لفرنسا ولكنه بالنسبة للمثليين يمثل نصرا رمزيا ، أما بالنسبة لإنجاب الأطفال فقد يتفق المثليين من الرجال بالعثور على إمرأة تقبل أن تحمل من أحدهما بأساليب طبية (غالبا ما يتم ذلك في بلجيكا وإسبانيا) أوالتلقيح الصناعي والأمر ذاته بالنسبة للمثليين النساء حيث يتطلب الحصول على نطفة رجل وبالأسلوب الطبي ذاته، فعادة هذا النوع من الأساليب الطبية للحمل ممنوع في البلاد ويحبذ الحمل الطبيعي من خلال ( الزوجين الطبيعيين ) او بارادة رجل وامرأة خارج الرابطة الزوجية.

  ففي الوقت الحالي إزدادت المناقشات والندوات والحوارات التلفزيونية وخصوصا حول النتائج السلبية على الأطفال فيما إذا تم إقرار هذا النوع من الزواج  داخل أروقة  البرلمان، فهذا الموضوع الساخن أصبح دافعا للمظاهرات العارمة التي سادت وتسود    الشوارع الفرنسية والتي تؤيد الزواج المثلي أو ترفضه و تدينه.  و يبدو أن الحكومة ماضية قدما  في طرحه على البرلمانيين الذين    سيحددون مصير المثليين.

أما القرار الثاني الذي تنوي الحكومة الحالية طرحه أيضا هو "الإنتحار المُسَاعد" ، والذي يقتضي بأن يقرر المريض المصاب بمرض لا أمل بالشفاء منه بنفسه متى يود الموت، وليس كما هو عليه الحال بأن يترك أمره للوقت الذي يقرر ذلك. وهذا يعني أن يساعد الطبيب المريض على الانتحار بكل هدوء وسلام. يذكر أن الإنتحار المُسَاعد  يمارس  منذ زمن ليس بالبعيد في سويسرا حيث يطلب ذلك ما يقارب ال (300) مريض سنويا، يتم من خلاله وضع مادة سامة في كيس السيلان (السيرول) للمريض، وتثبيت الانبوب البلاستيكي  القادم من الكيس  في يده بقفل  يقرر المريض فتحه في الوقت الذي يريد  ليسري السم في جسمه ويموت بإرادته.  يبدو أن الحكومة الفرنسية تريد أن تحذو حذو جارتها في هذا الشأن ولكن  الاختلاف في  هذا الامر انه تشرف عليه المنظمات الإنسانية فيما تود الحكومة الفرنسية الإشراف عليه بنفسها. اذ إن مساعدة المريض على انهاء حياته هو بنظرها  شأن إنساني صرف من خلاله يموت بكل كرامة وبدون إذلال أو إهانة من مقربيه الذين يودون موت المريض المصاب بمرض ميؤوس علاجه  وبسرعة .

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter