|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الخميس 20/12/ 2012                                 د. تارا إبراهيم                                   كتابات أخرى للكاتبة على موقع الناس

 
 

 

الاستثمارات القطرية والقلق الفرنسي    !!

د. تارا إبراهيم                                  

"أخف هذه الأموال يا سيدي..فإنني لا أراها"، عبارة هي لسان حال الحكومة الفرنسية فبعد الصين والامارات العربية المتحدة، أصبحت قطر المستثمر الثالث في فرنسا، فبكل حرج وعدم التستر،أعلنت الحكومة الفرنسية عن المبالغ الطائلة التي تود قطر إستثمارها في فرنسا وخصوصا في الضواحي الفقيرة والمناطق الريفية.. إذا فلا داعي للذعر أو التشكيك .

قطر دولة صغيرة تقبع فوق بحر من النفط والغاز في الخليج وهي غنية بل وغنية جدا، والتي يبلغ تعداد  سكانها  حوالي  8 ,1      مليون نسمة، 200,000 ألف منهم فقط من المواطنين القطريين، تم تصنيفها الثانيه عالميا من حيث الدخل المحلي الإجمالي لكل مواطن في 2011 وثالث أكبر منتج للغاز الطبيعي السائل، متميزة بسيولة مالية ضخمة، بدأت بسياسة استثمارات منذ عدة سنوات  في الدول الغربية وفي كل الاتجاهات، وفرنسا هي واحدة من الاتجاهات المفضلة وخصوصا من خلال صندوق الثروة السيادية.

من الطبيعي أن تستثمر الدول الأجنبية في فرنسا وخصوصا في عالم الموضة والعطور والنبيذ الفرنسي ..الخ ولكن الاستثمار القطري بدأ يأخذ منحى آخر بات يثير الخوف بل ويثير ريبة الفرنسيين الذين لا ينفكون عن طرح الأسئلة حول هذه الاستثمارات المشكوك في أمرها.

فالتحرك المتستر لقطر كما يشار أصبح الموضوع الساخن الذي تتناقله وسائل الأعلام باسهاب من خلال استثماراتها في فرنسا حيث اكتشفت الصحف فجأة ان هذه الدولة الصغيرة الغنية ذات التوجه الاسلامي وحتى السلفي تستثمر الملايين لدعم مشاريع غامضة  وانشاء شركات من أجل القضاء على البطالة في ضواحي باريس، هذه التوجهات أصبحت تهديدا يجب عدم الاستهانة بها حسب قولهم.                 

الأمر المثير الذي لاحظته احدى الصحف اليسارية أن قطر تمول مشاريع في (سين سان دوني) احدى ضواحي باريس ذات الغالبية العظمى من المسلمين لذ ا  فقد أنتشرت كتابات مناوئة ضدها في الصحف منذ أيلول الماضي ولكنه في نفس الوقت المثير للاستغراب ان قطر تستثمر أموالها وبكرم حاتمي  في شركات فرنسية معروفة ولا أحد ينبس ببنت شفة  ولكن ما أن تعلق الأمر بهذه الضواحي، حتى ازداد الاستغراب وعلامات التعجب, ما يدل على الازدواجية والنفاق .

ان مساعدة الشباب على تأسيس شركات في الضواحي تحت انظار الدولة الفرنسية يبدو أكثر خطرا وثقلا من استثماراتها في شركات فرنسية مثل ( توتال ) شركة النفط المعروفة و(فريق باريس سان جيرمان لكرة القدم ) ..الخ ، فمؤخرا نشرت  مقالات عديدة بعناوين مثل "قطر تشتري فرنسا" أو "شهر العسل بين فرنسا وقطر" أو "مطر البتروليين القطريين على فرنسا جافة"..الخ من مقالات ذات مضمون يدل على أن قطر لديها ستراتيجية دبلوماسية واعلامية تعطيها ثقلا جغرافيا وسياسيا أكثر مما تسمح لها به مساحتها الصغيرة وتعدادها البشريه .

ان مجلة "البريد العالمي" تقول ساخرة في إحدى مقالاتها التي نشرتها في وقت سابق (.. قطر لديها المال وقناة الجزيرة كقوة اعلامية ضاربة وليست لها مشاكل مع أي من الدول الغربية ولا تبحث عن غزو فرنسا من خلال حفنة المال التي تستثمرها 50) مليون يورو) لا غير في الضواحي المنبوذة والمهملة من قبل الحكومة الفرنسية.. يمكن الإستنتاج أن قطر هي ضحية الشكوك التي تحيط بالضواحي الباريسية والتي تقطنها الغالبية العظمى من السود والعرب الأمر الذي فهمه أمير قطر وحكومته سريعا . فمن الأولى شراء بناية جريدة (الفيكارو) والاستثمار في العطور الفرنسية بدلا من توجيه نظرها الى ضواحي باريس المشكوك فيها..).

فهل ستدفع فرنسا الثمن غاليا من خلال هذه الإسثمارات المقلقة ؟ هل ستجني على نفسها في ظل هذه الأزمة الإقتصادية التي تمر بها البلاد وذلك بقبولها أي إستثمار أجنبي من أجل إعادة الحركة الى الاسواق المحلية والتي بدأت بالركود بشكل واضح  ولافت ؟ الأيام كفيلة بإظهار الحقيقة وعسى أن لا تردد فرنسا المثل الذي يقول "جنت على نفسها براقش" ، حينها سيكون الوقت قد فات ولا مجال للتراجع عن الإستثمارات بعد ان تصبح حقيقة لا فكاك منها او قد تكون مجرد أوهام تثير الدهشه.

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter