| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

Tarikharbi2@gmail.com
www.summereon.net

 

 

 

                                                                                  السبت 21/1/ 2012



كلمات -405-

لماذا تطاول سليماني على العراق!؟

طارق حربي

"إن العراق وجنوب لبنان يخضعان لإرادة طهران وأفكارها" و "أن بلاده يمكن أن تنظم أي حركة تهدف إلى تشكيل حكومات إسلامية في البلدين"
هذا ما
صرح به يوم أمس في طهران قائد فيلق القدس الإيراني العميد قاسم سليماني، خلال ندوة أقيمت هناك تحت عنوان "الشباب والوعي الإسلامي" بحضور عدد من الشباب من البلدان العربية التي شهدت ثورات ضد أنظمة الحكم فيها!

اثار التصريح ردود افعال متباينة في الساحة العراقية، ففيما لم يصدر أي تصريح رسمي أو رد من الحكومة، وصمتت القا ئمة العراقية صمت القبور، هي المشهود لها بالتصريحات النارية ضد ايران، جاء أول رد فعل من التيار الصدري الذي اعتبر أن تصريحات سليماني " بشأن خضوع العراق لإرادة إيران وإمكانية تشكيل حكومة إسلامية فيه "غير المقبولة"، مؤكداً أنه لن يسمح بأي ذريعة للتدخل بشؤون البلاد الداخلية"، ثم جاء رد فعل دولة القانون بمطالبة سليماني بتفسير التصريحات التي أدلى بها بشأن خضوع العراق لإرادة إيران، وإمكانية تشكيل حكومة إسلامية فيه، ووصفها بـ"التطاول غير المقبول""

في الواقع فإنه باستثناء القلاقل التي تثيرها إيران في البحرين بين وقت وآخر، لاسيما في المناسبات الدينية وسعيها الدائم إلى اقلاق الخليج العربي باغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة الدولية، لاسيما في أعقاب تشديد الحصار الدولي على طهران على خلفية ملفها النووي وتهديدها السلم والامن الاقليمي والدولي، فإنها عمليا تؤثر في المشهد السياسي في كلا البلدين لبنان والعراق، طهران تستطيع ومن خلال حزب الله أن تملي إرادتها في المشهد السياسي اللبناني، لما يتمتع به الحزب من مقاعد برلمانية ووزراء ممثلين في الحكومة وزخم شارع واستخدام ورقة التهديدات الاسرائيلية وغيرها، امتدادا لنفوذ ايران داخل سوريا حليفها الاقوى في الشرق الاوسط، وقد تدفع بالحكومة العراقية بين وقت وآخر وعلى لسان رئيس الوزراء نوري المالكي نفسه، إلى الادلاء بتصريحات واتخاذ مواقف مشينة مرفوضة من قبل الشعب العراقي، ضد ثورة الشعب السوري في ماأطلق عليه بالربيع العربي.

ويمتد خط النفوذ والهيمنة الايرانية اتصالا بالحالة العراقية المنقسمة على نفسها وهشاشة الحكم، وعمليا فإن إيران تدخلت في صياغة الحكومات المتعاقبة على حكم العراق منذ قيام مجلس الحكم - وكانت أول من باركه - حتى اليوم، حتى أنها فرضت رؤاها وأفكارها ونفوذها في تشكيل الوزارات وتعيين وزراء ونواب رئيس، أما تدخلها السافر فقد أصبح واضحا ولعبها على المكشوف داخل الكتل السياسية، هذا على الصعيد الزمني، أما الروحي فإن امتداد نفوذها وتاثيرها في الحوزات الدينية وصل إلى حد بعيد جدا، أي إلى حد زج اسم آية الله الشاهرودي * مؤخرا، وتقديمه مرجعا روحيا لحزب الدعوة بغرض السيطرة الكاملة على العراق حاضرا ومستقبلا، ومعلوم أن أحد أهم صفحات التدخل الايراني في العراق، الذي يتمتع بخزين معنوي واستراتيجي معروف لاتتمتع به إيران، هو العمل على تهميش المرجعية الدينية (ولاية الامة)، لصالح مرجعية (ولاية الفقيه) الذي تتبناه أحزاب وشخصيات في العراق ممثلة في السلطتين التشريعية والتنفيذية.

إن سليماني ومن وراءه طهران لاينطق عن الهوى بل ينطلق من أرضية علاقة تأريخية شائكة بين العراق وإيران، خلافات على عائدية شط العرب والغاء اتفاقيات مبرمة بين البلدين خلال حكم الشاه، لاسيما اتفاقية الجزار سنة 1975 وموقف العراق من الثورة الايرانية سنة 1979 ، وماأعقبها من حرب ضروس بين البلدين من سنة 1980 حتى 1988 ، سقط فيها مئات الآلاف من الجانبين، واحتضان طهران للمعارضة العراقية الاسلامية، وهنالك ثأر إيراني واضح من الشعب العراقي من نخبه السياسية والثقافية وعلمائه وأكاديمييه وضباطه ورغبة في الهيمنة السياسية والاقتصادية وتوسيع النفوذ .

ولاشك إن الذي جعل سليماني يطلق تصريحاته ويتطاول على العراق وكأنه محمية ايرانية!، هو ضعف الحكومة وهوانها وتفرق كلمة السياسيين وصراعاتهم غير المحدودة على السلطة والمال والنفوذ، وليس جديدا على سليماني تدخله السافر في الشأن العراقي، في اعقاب الفراغ في الساحة العراقية الذي تركه الانسحاب الامريكي، ماأعطى دفعا جديدا لمفهوم تعزيز النصر العسكري، الذي تشاركت به طهران وأحزابها العاملة في الساحة العراقية شعوريا وعمليا وحتى لوجستيا، ذلك لآن طهران سلحت المتشددين السنة والشيعة على حد سواء ضد الاحتلال الامريكي للعراق، لامن أجل سواد عيون العراقيين لكن لتخلو لها الساحة، وهاهي تحصد ثمار مازرعت منذ 2003 وهو ماأعطاها دفعة قوية لتأكيد هيمنتها - هي لاواشنطن - باعتبارها الراعي للعملية السياسية لاغيرها.

ومما يؤسف له أن الخطاب الموجه إلى الدول التي تتدخل في الشأن العراقي كان مختلفا، ففي الوقت الذي سمعنا فيه رد فعل حازم على تدخل تركيا في الشأن العراقي، وتحذيرها من قبل أحد زعماء دولة القانون "بعدم دس أنفها" في الشأن العراقي، بل وصل تعنيفها إلى حد قصف سفارة تركيا في بغداد (هل تقصف سفارة ايران لاحقا!؟)، كانت ردود الافعال على تصريحات سليماني أقل حدة والاكتفاء برفضها وعدم مقبوليتها!، ومهما يكن من أمر فإننا نشجع الكتل السياسية والنخب السياسية والثقافية والمنظمات والكتاب وكل وطني وغيور على مصالح العراق وأمنه القومي، والحكومة ممثلة برئيسها إلى الرد على سليماني وسواه بمثلما أبدى أسفه على التدخل التركي ورفضه تدخله، نطالب بمواقف أشد حزما من البرلمان والحكومة والكتل فعلى الاقل أنهم يثبتون للشارع العراقي وحدتهم واتفاقهم على رفض التدخل الخارجي سواء كان إقليميا أو دوليا.
 


* يرجى مراجعة مقالنا السابق حول هذا الموضوع
شهرودي لاأهلا ولامرحبا بك في العراق!
http://al-nnas.com/ARTICLE/THarbi/29h03.htm


 

free web counter