|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأربعاء 14/11/ 2012                                 طارق حربي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

كلمات (427)

لو كان المالكي مخلصا ونزيها ؟!

طارق حربي

بعد حوالي عشر سنوات من سقوط صدام ونظامه الاجرامي!، هاهو العراق يخرج عن سياقات الفساد المعروفة في العالم إلى أبعد منها كثيرا، ضاربا مثلا عجيبا في نهب وسرقة ميزانيات دولة بكاملها، حتى أننا لم نعد نلحق بخطاه المتسارعة نحو الهاوية!، أما في مجال الارهاب ومهما ادعت الحكومة والاحزاب بإستتباب الأمن والأمان، فإن المبادأة ماتزال بيد الارهاب وامتداداته اقليميا ودوليا، أصبح الارهاب والفساد ومنذ التغيير حتى اليوم بمثابة الحصانين الذين يجران عربة العراق إلى الهاوية!

خلافات سياسية حادة وإرهاب ممنهج وفساد متواصل وتراجع في الميادين كافة، ومازاد في الطنبور نغمة حملة منظمة لإبعاد النزيهين من مراكز القرار وكان آخر ضحيتين مدير مفوضية النزاهة العامة ومدير البنك المركزي، ناهيك بتخبط مثيل له في اتخاذ القرارات كما في الغاء البطاقة التموينية الذي صوت عليه مجلس الوزراء مؤخرا، وأثار سجالا وامتعاضا شعبيا واسعا، ورئيس وزراء يحسن فن المناورة في ظل تحالفات سياسية مستمرة، وكان أفلت قبل أشهر مما عزم عليه معارضوه من سحب الثقة من حكومته التي شكلها قبل حوالي سنتين، في هذه الاجواء لاتنتظروا أحداثا أو وقائع كبرى تجري في البلاد، تعدل مسارات العملية السياسية الهشة، أو مبادرات بتقديم تنازلات واستقالات فردية أو جماعية، كما جرى ويجري في تجارب الشعوب المختلفة، ففي منعطفات السياسة وأخطائها الجسيمة في العراق الجديد ثمة انفرادات لاتنبع من شعور وطني بل ديني أو طائفي!، فربما يقدم بعض الوزراء استقالاتهم نزولا عند رغبات مراجعهم الدينية والحزبية!، لا من أجل مصلحة الشعب والوطن أو مطالبات العراقيين بمحاسبة الفاسدين، كما حدث مع وزير الصناعة مؤخرا حيث قدم استقالته إلى زعيم التيار الصدري بدلا من رئيس الوزراء، بعد موافقته و(ندمه) فيما بعد على قرار إيقاف الحصة التموينية الفاشل في جلسة مجلس الوزراء!

ليس خافيا على أحد بأن العراق ومنذ سنوات شهد ومايزال تدفق ثروات هائلة من مبيعات النفط سالت لها لعاب الاحزاب الدينية!، تذكر بما اصطلح عليه بـ (الطفرة النفطية) في فترة السبعينيات من القرن الماضي وأدى إلى ازدهار الاقتصادات في العراق والخليج، تربت على الثروات وبرعاية المالكي والاسلام السياسي والاحزاب الكردية الانفصالية مافيات في ظل سكوت شنيع من قبل رئيس الوزراء لإرضاء تلك الاحزاب والفوز بولاية ثالثة!، وبإقرار التموينية مؤخرا الذي وافق عليه المالكي نفسه، كان بمثابة المسمار الاخير في نعش الحكومة وطلاقها البائن مع الشعب!، في إطار تبادل الاتهامات حول من كان سببا في موت حكومة الشراكة الوطنية!، وكان من بين (بركاتها) اليوم استشهاد وجرح 200 مواطنا بريئا في بغداد وبابل وكركوك وديالى وغيرها!، وكان حريا بالمالكي وحكومته وضع استقالة جماعية بين أيدي الشعب العراقي مثل كل السياسيين والزعماء الذين يحترمون إرادة شعوبهم ومصلحة أوطانهم!

إن ما يزيد الاوضاع في البلاد سوءا وهي على كف عفريت أن لا شعور وطنيا لدى أي من الساسة الجدد والرجال الاقوياء في الحكم، للوقوف أمام النفس وحسابها وتقديم تنازلات للخروج من النفق الطويل المظلم!

لكن لا تنتظروا تغييرا ربما حتى موعد الانتخابات سنة 2014 !
فيوما بعد يوم تؤكد أحداث العراق الساخنة، أن المالكي الذي لايحتاج خصومه في البرلمان إلّا إلى غالبية بسيطة لاطاحته دستوريا وعدم تمكينه من ولاية ثالثة، لايقبل وحكومته الفاشلة بأقل من استمرار نهج سياستها وتوافقاتها مع استراتيجيات السياسة الايرانية، سواء في تصاعد مؤشرات الهيمنة الاقتصادية حيث وصل إلى أكثر من 25 مليار دولار سنويا!، بما انضم إليها من شركات إيرانية وهمية أو متلكئة أو مرتبطة ببازار المحسوبين على شيعة العراق!، أو فيما يتعلق بتوحيد المواقف أزاء قضايا إقليمية ودولية ملحة مثل الثورة السورية وتطوراتها الميدانية، أو حزب الله والسجين في العراق (دقدوق) الذي ضاق به صدر الحكومة حتى تحدت به عرابها الامريكي!، متوسلة ثغرات في القانون العراقي لإطلاق سراحه وهو المتهم من قبل واشنطن نفسها بعمليات إرهابية!

ففيما ترمي الكتل السياسية بعضها البعض بتهم الفساد، تشهد الثروات نهبا منظما ومتواصلا، أما المالكي الذي لاهم له (إلا الفوز بولاية ثالثة) فيناور مطيحا بكل الآمال بإجتراح معجزة تقديم استقالته كآخر مطاف لعجزه التام عن إدراة دفة الحكم في العراق، بدستور ملىء بالالغام وكان هو أحد كتبته!

إن صفقة الاسلحة الروسية الفاسدة الاخيرة كشفت عورة المالكي بالقائمة التي سلمها له بأسماء الفاسدين الرئيس الروسي بوتين خلال زيارة الاول إلى موسكو قبل فترة قصيرة، وفيها أن موسكو قامت بدفع عمولات بلغت 195 مليون دولار لمقربين من المالكي!! من أصل 4،2 مليار ثمن الصفقة!!، صفقة ربما تحتاج إلى تظاهرة شطرية كتلك التي مرغت أنف حكومة المالكي بالاوحال قبل ثلاثة أيام، بعد قرار التموينية سيء الصيت ثم تراجع الحكومة عنها يوم أمس الاول، وكم نحن بحاجة إلى مثل هذه التظاهرات وتعزيزها والاطاحة برموز القهر الفساد، في مقدمتهم المالكي راعي الفساد الاول الفاشل في حكم العراق، ولو كان نزيها ومخلصا للعراق وأهله لقدم استقالته بعد كل مذبحة وفساد وتدهور خدمات وغيرها، مثل كل الزعماء الذين يقدمون مصالحهم الشخصية ومصالح أحزابهم فداء لمصلحة الشعب والوطن!

لكنه لم يفعل ولن يفعل!



14/11/2012
 

 


 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter