|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأربعاء 12/12/ 2012                                 طارق حربي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

كلمات (428)

برزاني على خطى صدام وكيمياوي!

طارق حربي

جاءت زيارة مسعود برزاني (رئيس اقليم كردستان) لتفقد قوات البيش مركه على مشارف كركوك أمس، وتهيئتها لشن حرب محتملة ضد بغداد، تصعيدا جديدا، رغم جهود التهدئة التي يقوم بها رئيس البرلمان إسامة النجيفي، زيارة وضعت النقاط على حروف العلاقة المتشنجة بين أربيل وبغداد، على خلفية عائدية كركوك لكردستان والمادة 140 من الدستور منتهية الصلاحية، والأراضي المتنازع عليها وسكانها عرب وأكراد وتركمان وغيرهم، إضافة إلى عقود النفط مع شركات عالمية اعتبرتها بغداد ومنذ سنوات غير شرعية، لكن التصعيد الاخير فجره تشكيل قوات دجلة والصدام مع البيش مركه في الطوز / محافظة صلاح الدين في (16 تشرين الثاني 2012).

في الواقع تراجعت جهود التهدئة بين بغداد وأربيل بعد فشل الاجتماع العسكري بين وفدي البيشمركه ومسؤولي وزارة الدفاع العراقية في نهاية شهر تشرين الثاني الماضي، وتصاعدت حدة التوتر وتبادل اتهامات الفشل بين الطرفين الشيعي والكردي، أعلى صوتين في المشهد السياسي المأزوم، ففيما يأخذ الاول على الثاني ابتزازه المستمر للحكومة ، وعقود النفط غير الشرعية، والمطالبة بضم كركوك، والتوسع في المناطق المتنازع عليها وغيرها، ينحى الثاني باللائمة على الاول بانعدام أي مسؤولية تأريخية له أمام الشعب العراقي، وملفات الفساد وتدهور الخدمات، وتأخر البلد في المجالات كافة، خاصة بالمقارنة مع الاستقرار والتطور في كردستان ، لكن الاحزاب الكردية تسعى إلى المزيد من المكاسب على حساب الحالة العراقية التي تعرف نقاط ضعفها بالأحزاب الدينية، ورغبة الشعب العراقي عنها وتقاطعه مع أجنداتها، وعلى رأسها حزب الدعوة الحاكم برئاسة رئيس الوزراء نوري المالكي!

برزاني الذي رافقته بعض قيادات شرطة كركوك، صحبة أحد أولاده مرتديا خوذة الحرب، وبجانبه وزير البيش مركه جعفر الشيخ مصطفى، ورجال حزبه وقادة عسكريون حاملا بيده (ناظور عسكري!) مذكرا بالمقبور علي كيمياوي في قرى كردستان خلال حملة الأنفال المشؤومة سنة 1988، برزاني ينظر في ناظوره العسكري لا إلى أنقرة التي أشبعت حكومته الذل والهوان بالقصف المتواصل ومنذ سنوات، لقرى كردستان الحدودية بذريعة تواجد عناصر لحزب العمال المحظور، بل إلى الجهة الثانية جهة العدو جهة العراق الجديد!، مامعنى ذلك : معنى ذلك أن برزاني يعيد إلى الاذهان صورة العراق في الثمانينيات من القرن الماضي وأجواء الحرب، ليأخذ دور بطل الحفرة القومي في زياراته الميدانية إلى جبهات الحرب ضد إيران مع نجله، وهاهو برزاني اليوم وبصلف الطغاة يدق طبول الحرب ضد الحكومة الاتحادية، مركزا على كردستانية كركوك طالبا وهو في أشد عزلاته بعد عشرين عاما من حكم الاستبداد هو وعائلته وعشيرته، أن يكون طاغية على أربع محافظات - بحسب مستشار المالكي - بعد ضم المدينة الغنية بالنفط إلى كردستان، زيارة تحشيد وتجييش ضد الشعب العراقي، الذي يقتطع برزاني من نفط بصرته 17% ، مطالبا بغداد بكل وقاحة حكام الشرق، بشراء صفقات أسلحة حديثة وتشريع رواتب ومخصصات للبيش مركه الذين سيقومون لاحقا - إذا مانشبت الحرب - بقتل الجنود العراقيين!

إن برزاني الذي لايحب أن يتعايش مع عراق قوي ورئيس وزراء مهاب، وحزبه الذي ورث من البعث آلياته الفاشية، لايريد أن يفهم أن العراق الجديد لم يعد يتعامل مع مواطنيه وجيرانه بعقلية صدام في الاعتداء والوحشية، ولعل هذا كان أحد الاسباب التي دفعت برزاني إلى التطاول وزيارة كركوك وتهيئة البيش مركة للحرب ضد الشعب العراقي، ويجب على الحكومة أن لاتقف مكتوفة الأيدي أمام هذا التهديد الخطير، وأن ترد على برزاني بحزم وترده إلى جحره في أربيل !

من جهة ثانية ورغم ان الفساد يأكل من جرف الحكومة في كل يوم وكل ساعة، إلا أني أرى ملامح قوة جديدة في شخصية المالكي المتستر على الفاسدين!، فقد أخذ في الآونة الاخيرة يصرح بنفسه لا المقربون إليه كما تعودنا سابقا، على قضايا خلافية وتهم مصلحة البلد، بينها تصريحه يوم أمس، (أنه لم تعد هناك أهمية للبيانات التي يصدرها زعيم التيار الصدري كونها متناقضة وسرعان ما يتم الانقلاب عليها)، وهذا تطور لافت في قوة المالكي وتحديه للصدر (أتباعه خرجوا بتظاهرة أمس ردا على بيان المالكي)، كذلك الوقوف بوجه الاحزاب الكردية وأطماعها وعدم الانصياع لمطالباتها المتكررة بحل قوات دجلة أو خروجها من المتنازع عليها، والمضي قدما بفرض هيبة الحكومة في المناطق الساخنة، وإيقاف برزاني عند حده بردود تكاد تكون شخصية خلال الفترة المنصرمة، بل وحتى الرد على طلباني بعد نهاية شهر العسل بين الاثنين في اشتداد الأزمة الاخيرة، ولم يكن المالكي هكذا لولا اقتراب موعد الانتخابات، إضافة إلى ضغط الشارع والنخب العراقية عليه، لتعديل ميزان الدولة العراقية كرديا، لكن ماتزال أوراق كثيرة بيده لإعادة برزاني إلى حجمه الطبيعي عبر إعادة النظر بنسبة ميزانية الإقليم، والمطالبة بإعادة ماغنمه البيش مركه من الاسلحة بما فيها الثقيلة من الجيش العراقي بعد 2003، والضغط السياسي والاعلامي على برزاني واتباعه من عنصريين ومافيات، لما أبدوه ويبدونه من تصعيد ضد الشعب العراقي بإعلانهم الحرب عليه!، إقليميا تمتين العلاقة مع أنقرة وكسب مواقفها لامعاداتها، ويبقى الشيء الأهم بنظري هو إعلان شجاع من بغداد بالإستقلال التام عن كردستان، البلد المختلف عن العراق لغة وثقافة وتأريخا وجغرافية وعادات وتقاليد وغيرها كثير.



11/12/2012
 

 


 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter