|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  19  / 11 / 2017                                 شاكر فريد حسن                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

بغداد ترقص فرحاً وزهواً بانتصار الموصل ..!

شاكر فريد حسن *
(موقع الناس)

بغداد عاصمة الرشيد ، والف ليلة وليلة ، وبغداد السياب والبياتي والجواهري والكاظمي والركابي ولميعة عباس عمارة ، التي انجبت الثقافة والحضارة ، وانجبت اسماء ومنارات أدبية مضيئة ، واشتهرت بمكتبتها العظيمة التي دمرها واحرقها هولاكو التتري ، وهي من اشهر المدائن الثقافية والاجتماعية والسياسية ، ومن اسمائها مدينة السلام .
وبغداد هي فينيسيا الشعر المنكوبة التي تلملم وتضمد وتلعق جراحها .

بغداد اليوم من حقها أن تفرح وتزغرد وهي تتقدم بجيوشها الى النصر المؤزر والحاسم على جحافل وقطعان داعش السائبة ، بعد انتصار عاصمة الشمال الموصل بالكامل على الدواعش ، الذين احتلوها قبل ثلاث سنوات ونيف ، فزلزلت عظام العراق كله ، خصوصاً بغداد ، وها هي تعلن الانتصار على هؤلاء الاشرار الاوغاد ، وهو نصر بنكهة الجنوب والفرات ، فيا اهلاً بالنصر .

انتصار الموصل هو مكسب تاريخي لاهلها ولشعب العراق وللانسانية جمعاء ، ذلك ان هذا التنظيم الظلامي حين أسس " دولة الخلافة " واختار الموصل عاصمة له ، اراد أن يتوج سيادة الطائفية في ابشع صورها ، وهو التطرف الارهابي واهانة العراقيين ووضعهم تحت احتلال جديد ، واحتراب طويل الامد بين مكونات الشعب العراقي .

لقد وضع أهل الموصل تحت اغلال هذا التنظيم الوحشي المتطرف الذي ارتكب افظع الجرائم ضد مواقع المدينة الدينية والتاريخية ونسائها ، ودمر مكتبتها التاريخية واحرقها سيراً على خطى المغول ، الذين عبروا نهر دجلة على جسر من الكتب على خطى النازي في المانيا ، واكلت الكتب نيران الجهل القاتل والتعصب الاعمى والحقد الدفين .

ويندرج حرق الكتب في خط الهجوم على المعرفة والثقافة والذاكرة ، وتمثل خطوة في التطهير الثقافي والتدمير المنهجي للتراث واضطهاد الاقليات سعياً للقضاء على التنوع الثقافي والسياسي الذي هو روح الشعب العراقي .

ان اهم ما في انتصار الموصل على علوج الدواعش هو انحسار الغلواء الطائفية والمذهبية ، وهو انتصار كتب بدماء جميع العراقيين دون استثناء ، وبهذا النصر يستعيد العراقيون هويتهم التي لم يتمكن سيف الارهاب من شطبها والغائها .

اما التهنئة فهي مؤجلة لحين يكتمل النصر الكبير في كل المدن العراقية ، وتنطوي صفحة سوداء في تاريخ الارهاب الداعشي في العراق ، ويعود هذا القطر العربي الذي نعتز بتاريخه العريق سالماً موحداً بكل طوائفه ومكوناته وشرائحه وقواه ونخبه السياسية والفكرية ، نحو بناء عراق مدني ديمقراطي تعددي .
 


* كاتب وناقد فلسطيني

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter