|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  26 / 12 / 2019                                 صبيح الزهيري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

نظام الدوائر المتعددة يضعف الحس الوطني

صبيح الزهيري
(موقع الناس)

عانى العراق بعد 2003 من تراجع الحس الوطني كثيرا نتيجة تشريع و جمهرة مصطلح المكونات و الذي صار اداة ومعولا لهدم الوطنية العراقية ورفع شان الامنتماءات الفرعية ( الطائفية – المناطقية- الاثنية – العشائرية ) . و نتيجة لهذا السلوك سادت حالة التمزق الوطني و اصبح العراق يشبه الجزر المتقطعة و التي تلاطمها امواج البحر من جميع الجهات .وكان هذا احد اسباب التردي الحاصل في الدولة و المجتمع و الذي فسح المجال لتدخل القوى الاجنبية في الشان العراقي مما اضعف الدولة الى ابعدالحدود و نشر الفساد المالي و الاداري الى ابعد الحدود واصبحت القوى و الاحزاب السياسية العراقية رهينة عند رغبات و اجندات الدول الاخرى و اخيرا ساد منطق الاحتراب الاجتماعي وتوالي الازمات السياسية و الاجتماعية .

كل هذا حدث نتيجة فلسفة المكونات و الطوائف و المناطق.
و بعدما شخصنا المرض علينا ان نعالجه من جذورة و بجرأة و شجاعة .
ولعل ثوار الانتفاضة كانوا قد سبقوا اغلب الاحزاب السياسية في التشخيص عندما رفعوا شعار (نريد وطنا) اي وطنا ودولة موحدة جغرافيا واجتماعيا و اقتصاديا و سلوكيا و ثقافيا .

ولكن القوى المتستفيدة من النظام اللاوطني الحالي ترفض هذا التوجه جملة وتفصيلا و تلجأ الى اقذر الاساليب خبثا في تسويق افكارها بعدما عجزت عن اطفاء نار الانتفاضة فقد لجأت الى بث افكارا شعبوية بين المنتفضين وفي الشارع العراقي ولعل ابرزها (كلا كلا للاحزاب) اي الغاء دور الحياة الحزبية و التي هي احد اهم اركان بناء نظام ديمقراطي في التاريخ الحديث للشعوب .

ثم روجت وما زات تروج لنظام تعدد الدوائر الانتخابية وهو فخ يراد منه اضاعة نضال المنتفضين وكل اماني الشعب العراقي اي الاتيان ببرلمان هدفه ان يكون معولا لهدم ما تبقى من اللحمة الوطنية و الاجتماعية و اداة لنشر التخاصم و التدافع و الاستعداء بين ابناء الشعب الواحد . ويفسح المجال لعودة الفاسدين و اللاوطنين و العملاء الى دست السلطة مرة اخرى .

احبتي ان هذا النظام هو نظام شعبوي لا يصلح و لا يعالج ماسي و امراض الشعب العراقي المتعب المنهك من الطائفية و الفساد لانه يفسح المجال للاقطاعيين و رجال الدين و اصحاب المال و الانتهازيين وضعفاء الوعي الذين قد يبيعون ضمائرهم لقاء الرشى او التهديد او القيم العشارية . وسيحرم المثقفين و اصحاب الكفاءات و الشباب و النساء و الاقليات الاثنية من الوصول للبرلمان ,كما انه يحرم العراقيين المغتربين من المياهمة في الانتخابات و الذين يبلغ عددهم اكثر من اربعة ملايين بسبب مغادرتهم العراق منذ زمن بعيد و لا يعرفون اسماء و مؤهلات و توحهات و سكن من يريد ان يكون نائبا .

نعم قد يصلح هذا النظام لدولة مستقرة و شعب استوعب لعبة النظام الديمقراطي , دولة فيها صناعة ثقيلة و زراعة نشطة و طبقات اجتماعية واضحة المعالم .
و لذلك اقترح ان يؤجل السير في هذا الطريق الانتحابي الى زمن اخر تكون فيه الدولة و المجتمع قد معافيا .

ان اتباع نظام -العراق دائرة انتخابية واحدة - هو الطريق الاسلم الذي يسحقق اهداف الانتفاضة الوطنية و الشبابية القائمة ذلك انه سينجز برلمانا كل نائب فيه هو نائب لكل العراق و ليس لمنطقة محددة وهذا ما ينعش القضية الوطنية و الوحدة الوطنية . كذلك يحجم اصحاب المال الفاسد و الرشى الاجتماعية و يحاصر و يحجم الاقطاعيين و العشائريين و ادعياء التدين و الطائفية و الاثنية و يقلل من وصولهم للبرلمان و يفسح المجال للمتخصصين و الاساتذة و الشباب و اصحاب الكفاءات من الاقليات و النساء من الوصول الى دفة البرلمان بسهولة .

اما الرد على الادعاء القائل بان النائب المنتسب لتلك القرية او القضاء سيهتم بمنطقته اكثر فهذا ادعاء خيالي لا يمت الى الواقع بصلة لسببين :-الاول ان هذا النائب غير المؤهل وطنيا و لا كفاءة و اخلاصا سوف لا يهتم بمن انتخبوه و لعل البرلمانيين الحاليين و السابقين منذ 2003 خير دليل على ما ذكرت.

و السبب الثاني هو :- ان البرلمان مؤسسة وطنية و ليس دائرة بلدية فهو يعمل بموجب منهاج مدروس يشخص احتياجات البلد ووفق قاعدة -الاهم قبل المهم .- كما ان اعضاء البرلمان المعومين مناطقيا سيتمتعون بقدر اكبر من الاستقلالية في اتخاذ القرار الصحيح لكونهم بعيدن عن الضغوطات المحلية .

نعم ان نظام تعدد الدوائر الانتخابية يصلح فقط للانتخابات المحلية و مجالس المحافظات و ليس للبرلمان الوطني

 

 24/12/2019
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter