|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  1 / 4 / 2020                                 صبيح الزهيري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

شكراً كورونا لقد كشفت الغطاء , مزقت الوهم

صبيح الزهيري
(موقع الناس)

قرأت في ايام الصبا و الشباب كتابا لمواتسي تونك اسمة (الامبريالية و كل الرجعيين نمور من ورق) وبقيت متشككا بصحة المقولة لزمن غير قليل نظرا لما كنت اسمعه عن التقدم الهائل في الدول الراسمالية في الاقتصاد و العلم و الثروة و التعليم و الطب و صناعة الاسلحة و غيرها ولكني واصلت البحث عن الدليل المقنع معتمدا على المقولة الفلسفية القائلة (الجوهر لابد ان يظهر) ثم تابعت تواتر الاحداث العالمية . فقد انتصرت الثورة الصينية وظهرت اول جمهورية شعبية في العالم ثم قرأت عن الهزائم النكراء التي واجهها الفرنسيون و الامريكان في الهند الصينية على شبيبة الفيت كونك و الفيت منه وكذلك عن عبقرية الجنرال جياب في معركتي (ديان جيان فو) و معركة (خي سا نة) حيث فر على اثرهما الغزاة كالجرذان من الفيتنام . ثم الحقته بانتصار الثورة الكوبية على يد حفنة من الشباب الثوريين بقيادة كاسترو و جبفارا ثم انتصار ثورة المليون شهيد في الجزائر اضافة العديد من حركات التحرر في افريقيا و اسيا.

لكن الشكوك بمقولة ماو ما زالت و القناعة لم تكتمل تماما عندي بعد بما قاله ماوتسي تونك . ولقد بررت عدم قناعاتي انذاك بان هذا ربما جاء نتيجة نضال هذه الشعوب ودور الاتحاد السوفيتي الفاعل وقلت لنفسي :
 
الدول الرأسمالية كما نسمع تتطور بسرعة و تغزو الفضاء و تبني صرح الرفاهية و الديمقراطية في بلدانها وتمتلك من ادوات تحسين الحياة الكثير وتحصن بناها التحتية لمواجهة الازمات و المفاجأت .

ولم يخطر ببالي ان فايروس لا يُرى بالعين المجردة يهدم كل هذا الصرح و يمزق تلك الصورة الزاهية لذلك النمر الرأسمالي الجبار.

ومن هنا بدأت قصة قناعتي التامة بمقولة ماوتسي تونك .

قبل يومين شاهدت فيديو على الفيسبوك عن مأساة الشعب الايطالي. فقد خرج الناس من بيوتهم و تجمعوا في قاعات كبيرة يؤدع بعضهم البعض بعيون مغرقة بدموع الوداع بعدما يأسوا من البقاء على قيد الحياة نتيجة وباء كورونا وخذلان الدول الاوربية والولايات المتحدة لهم . فالموت صار بالالاف و المصابين بمئات الالاف وهي تتزايد في كل ساعة .

ايطاليا كما هو معروف للجميع دولة رأسمالية متطورة و مهد نشأة الرأسمال الكلاسيكي في القرن الخامس عشر والمنظرة للفكر الفاشي و حليفة هتلر النازي في الحرب العالمية الثانية و عدوة لدودة للشيوعية و الماركسية وعضوة في حلف الاطلسي و عضوة في الاتحاد الاوربي ,

لكننا فجأة نرى و نسمع كتل بشرية تتجمع في قاعات و اسعة تودع بعضها البعض بدموع مدرارة ,انهم يودعون الحياة و الاحبة .
اليست هذه من المفارقات العجيبة ؟

اذن اين ذهب ذلك الضجيج الايديولوجيي و العنجهية العسكرية و السياسية واين الصراخ الرأسمالي المدوي الذي يبشر بالرفاهية للانسان ؟
ثم وماذا سيقول صاحب نظرية نهاية التاريخ (يوكوهاما) و الذي بشر بصواب و خلود الرأسمالية ؟

فاين هذا الخلود و اين هذه الافضلية اذا كان مجرد فايروس تافه كشف كل عوراتكم و جعلكم اضحوكة لشعوب العالم يا سادة ؟
هل تعتقدون ان تبذيركم لثروات شعوبكم بالحروب وصنع الاسلحة الفتاكة ونهب خيرات الشعوب الاخرى و تجويعها هو مقياس العظمة و التفوق؟

لقد سخرتم من ماركس عندما قال (ان الانسان اثمن رأسمال قي هذا الكون) اي ان الانسان اهم من المال و ان الحضارة هي تكافل اجتماعي و عدالة اجتماعية وسلوك انساني نقي بعيد كل البعد عن اوساخ الطمع و الجشع و الاستعباد. وان العمل من اجل رفاهية الانسان و اسعاده هو وحده الوثيقة الوحيدة التي تخلد النظام السياسي ودعاته ؟ ثم اين هو التضامن الاممي فيما بينكم يا لصوص العالم ؟ اهو فقط عندما تخططون لغزو الشعوب كما حدث في العراق ؟ فتسرقوا الثروات و تلوثوا الطبيعة بالسموم النووية و تسرقون المتاحف و الاثار وتجوعوا كادحيهم و تنصبوا عليهن اذنابكم و ذيولكم .

لقد بح صوت الحكومة الايطالية من كثرة طلبات النجدة منكم بدون جدوى مما دفعها الى ان تفتح ذراعيها بكل خشوع و مذلة لاخيار العالم . فكانت الصين الشيوعية اول الراكضين لنجدتها رغم الكارثة التي تواجها ,فما كان منهم الا ان يقيموا جسرا جويا لامدادها بالمساعدات الطبية و الفنية المتنوعة رغم حاجتهم الماسة لها كما مدت في الوقت نفسه جسورا اخرى لعدد من الدول التي تواجه هذا الفايروس و منها اسبانيا و ايران و العراق و دول في افريقيا . ثم بادرت كوبا الشيوعية والفقيرة و المحاصرة منذ 60 عاما من قبل الامبريالية الامريكية بارسال قوافل من الاطباء و المعالجين و الادوية و المعدات و الاجهزة الى تلك الدول .

و لكن الكارثة ما زالت باتساع و المأساة في تصاعد و الدموع في تكاثر . ولكن العم سام لا يرى و لا يسمع و البورصة لا ترى و لا تسمع و المانيا و فرنسا لايران و لا يسمعان ، فلدى هؤلاء جميعا هدف واحد وهمُ واحد هو مراقبة اسواق البورصة و تخفيض اسعار النفط و التي وصلت الى الحضيض .

لثد كشفت كورنا - مشكورة - كل عفن و هزالة ووحشية النظام الرأسمالي . فاخر الاخبار تشير الى ان عدد الوفيات في اوربا تجاوز 30 الفا وثلثهم في ايطاليا و اسبانيا و الحبل ما زال على الجرار ؟

الا يحق لنا ان نسألأ اين الترليونات من الدولارات التي سرقتوها من فائض قيمة العمل المأجور وسرقة ثروات شعوب العالم الثالث ؟عندما تصرخون بوجة شعوبكم (لا توجد كمامات ولا اجهزة تنفس و لا ادوية ولا علاجات و لا كادر طبي كاف و مؤهل و لا حتى اسرة للمرضى) وكل ما تنادون به هو الجلوس في البيوت , فاين بحوثكم العلمية و مختبراتكم الجبارة المجهزة باحدث التقنيات . اذن كلها لصنع اسلحة الدمار الشامل و التجسس و التخريب الاقتصادي و الاجتماعي؟

عزيزي القارئ : أ بعد هذه المحنة الانسانية و الفضيحىة التاريخية شك من النظام الرأسمالي بدأ يحفر قبره بيده. و ان العد التنازلي لزواله قد بدأ فعلا ؟ كما يعتقد العديد من الباحثين و المفكرين و الفلاسفة - في الوقت الحاضر

شكراً لك كورونا ، لقد كشفت غطاء الدجل و الجشع و النفاق الرأسمالي و اعلنت للعالم ان ماركس كان على حق عندما تنبأ بكل هذه المصائب و الكوارث التي ستحل بالبشرية جراء هذا النظام .

وبهذه المناسبة الاليمة اتشرف بوضع الف باقة ورد فواحة على قبر الرفيق ماوتسي تونك على هذا الاستنتاج العظيم
 


01/04/2020

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter