|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  14 / 10 / 2020                                 صبيح الزهيري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

قانون (الدوائر المتعددة) او الاختيار الاسوأ

صبيح الزهيري
(موقع الناس)

بعد مخاض عسير وبعد عملية قيصرية قاسية توصل برلمان فرسان المحاصصة الى صيغة قانون الانتخابات المزمع اجراؤها في حزيران 2021.

فما هو هذا القانون وما هي افرازاته و تداعياته المستقبلية على الدولة العراقية و على اللحمة الوطنية العراقية ؟

كان المفروض من غرض تشريع قانون للانتخابات هو لاصلاح العملية الانتخابية السابقة العرجاء بشكل يخدم تطوير العملية السياسية الديمقراطية و تقوية اللحمة الوطنية للشعب العراقي بكافة اطيافه القومية و الدينية و تقوية و استعادة هيبة الدولة المفقودة منذ 2003 ونقل الدولة من حالة الموت السريري الى حالة الانعاش. ونقل الشعب من حالة الاحباط و التشظي و التمزق الى حالة النقاهة الصحية ، ولكن النتيجة جاءت كما يقال بالمثل (تمخض الجبل فولد فأرأ).

فبدلا من ان يلملم القانون المقترح جراح الفرقة الاجتماعية فإنه سيزيد من تعميق جروحها . وبدلاً من ان يعزز هيبة الدولة سيضعف هيبتها, و بدلا من ان يطور اقتصادها سيسرع من عملية تدميره .

فالنائب المنتخب على اساس القوائم المتعددة سيصبح اداة فرقة لا اداة توحيد. و اداة فساد لا اداة امانة, و اداة بيد الفاسدين من اصحاب المال الفاسد, . واداة طيعة بيد الطائفيين وبيد رجال العشائر و بيد الوصوليين . و بيد ضعفاء النفوس من الطامعين بالشهرة والثراء.

وهذا القانون سيصبح اداة معرقلة لوصول - اصحاب الكفاءات العلمية و المناضلين الحقيقيين من اجل رفعة الوطن و سعادة الشعب و رفع شأن العدالة الاجتماعية - الى قاعة البرلمان .

كما سيفرز امراضا و ازمات عديدة تضاف الى ما موجود من امراض و ازمات مثل :
التناحر العائلي و العشائري و التناحر القومي و الاثني و التناحر الديني و الطائفي و التناحر الجغرافي .

كل هذا سيحدث في زمن افتقار العراق الى جملة معطيات ضرورية يجب ان تسبق اجراء الانتخابات مثل :
ضرورة وجود تعداد سكاني قبل اجراء الانتخابات و الذي لم يجر منذ اكثر من ثلاثين سنة عانى خلالها العراق من سلسلة حروب وكوارث اجتماعية و حصار و تشوه سكاني و تهجير شوفيني و حكم طائفي و تغيير ديموغرافي وارهاب داعشي و ميليشياوي.

مما ادى الى هجرة جماعية للكثير من ابنائه و خاصة من بقايا سكانه الاصليين (المسيحيين – المندلئيين - الشبك - الايزيديين) وغيرهم.

اضافة لما خلقه داعش من عملية نزوح جماعي لمئات الالاف من السكان من مناطق سكناهم . اضافة لالاف المغيبين من الشباب لاسباب طائفية بعد فتنة 2004 الطائفية .

وكذلك هجرة الكثير من الكفاءات العلمية و الادبية و الفنية الى دول المهاجر والذين هم ثروة البلاد التي لا تقدر بثمن .

هذا اضافة الى ما عاناه الشعب العراقي من اساليب التجهيل المنظم و المتمثل في نشر ثقافة الخرافة و الاسطورة و التناحر المذهبي و القومي .

و الى ما لاقته المرأة العراقية من اساليب القهر و الاستعباد وسلب الارادة و التجهيل عن طريق نشر الفتاوى الغريبة التي تحط من قيمتها كإنسانة مساوية للرجل و ام للحياة .

الام مدرسة اذا اعددتها      اعددت شعبا طيب الاعراق

كل هذه الامراض و التدعيات ستفعل و تبرز بقوة من جديد من خلال اعتماد قانون (الدوائر الانتخابية) المزمع اعتماده و الذي لا يصلح لمجالس البلديات و الذي يختص بمعالجة المشاكل المحلية فقط و ليس لمعالجة هموم ومشاكل شعب كامل .

وحسب ما جاء بالعلم السياسي المعتمد عالمياً - ان النائب البرلماني هو نائب لكل الشعب من اقصاه الى اقصاه ومن شماله الى جنوبة و من شرقه الى غربه ، و مؤشره الاساسي هو برنامجه الوطني العام الذي يعالج المشاكل الوطنية و يضع الخطط و البرامج لتطويرها, مما يفضي الى تقوية النسيج الوطني ورفع هيبة الدولة امام العالم. و يعمل على اجتثاث كل امراض الفرقة الدينية و الطائفية و العرقية من جسم المجتمع و يزرع فيه روح الامل و التفاؤل و الحماس الوطني و الغيرة الوطنية ، الامر الذي يفسح المجال للمبدعين من ابناء الوطن للمساهمة في عملية تطويره -

فالمفروض بالنائب المنتحب ان يكون انتماءه الوطن و بكافة ابناء الشعب بدون تمييز و ليس للدين او للطائفة او القومية التي ينتمي اليها.

و ان برنامجه الوطني هو هويته التي تعرفه للناخبين و الذي هو نتاج دراسة موضوعية لخطط التنمية التي تقترحها جهات علمية واكاديمية متخصصة تضع فيها الاهم قبل المهم وفقا لحاجات البلد ، ووفقا لامكانياته الاقتصادية المتوفرة وكذلك وفقا لاماكن توزيع مشاريع خطته الاقتصادية المنبثقة من دراسة علمية لظروف كل منطقة جغرافية فيه ،وليس حسب رغبة سكان هذه المنطفة او تلك .

فأرض العراق ملك لجميع العراقيين على مختلف صنوفهم و لغاتهم و انتماءاتهم وليس لفئة او طائفة او قومية معينة . وخيراته ملك مشاع لكل افراد شعبه و ليس لمنطفة دون اخرى .

وهذه هي الطريقة الوحيدة التي تعرّف النائب بناخبيه وليس اشياء اخرى .

وهذه هي الطريقة الوحيدة التي تحصّنه من كل التاثيرات و الضغوط التي قد يواجهها ، وبذلك سيتمتع بالاحترام من الجميع بدون استثناء .

وبهذه الطريقة سيُفسح المجال لاصحاب الكفاءات و الوطنيين الحقيقيين للفوز بالمقاعد البرلمانية في حين سيهزم الضعفاء و الانتهازيين و الطائفيين و الفاسدين من الوصول الى قبة البرلمان ، وهذا سيؤدي الى انحلال و ذوبان احزاب الفساد و الفرقة و الجريمة المنظمة و المرتبطين بالاجندات الاجنبية ، مما سيفضي الى رفع هيبة الدولة امام العالم و يمنح الناخب الثقة بنفسه وبالمستقبل.

وسيكون عمل هذا النائب اشبة (بماكنة لحيم للاجزاء الوطنية المتكسرة). و فلاح لزرع حقول الثقة و الحب بين ابناء الشعب الواحد المتعدد الاطياف و المشارب .

ان هذه الخصائص الايجابية لن تتوفر الا بأعتماد قانون (اعتبار العراق دائرة انتخابية واحدة) وخاصة في هذا الظرف الذي يمر به البلد و الذي تميز بكثرة مآسيه و اخفاقاته .

ان الابقاء على قانون (الدوائر المتعددة) سيصبح المعول الذي سيدمر ما تبقى من كيان اسمه العراق اذا ما تم اعتماده .

فهو وسيلة لعودة الفاسدين و السراق و الدجالين والمتخلفين,. وسيحرم اصحاب الكفاءات و المناضلين الحقيقيين من اخذ ادوارهم في خدمة وطنهم .
 

 12/10 /2020
 

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter