|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  13 / 2 / 2020                                 صبيح الزهيري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

عشتار تطل علينا من جديد

صبيح الزهيري
(موقع الناس)

عشتار حمامة السلام البيضاء و فراشة الحقول الغناء شاهدتها ترقرف اليوم فوق بيادر احفاد تموز .
انها تريد استقبال حبيبها تموز بعد فراق طويل , لذلك مزقت اكفانها و كسرت اصفادها و زغردت في سوح النضال: (اريد وطنا فيه عبق و ضياء . فيه زرقة و سناء . فيه عصافير تراقص موجات دجلة في الفجر و في المساء)

منذ أقدم الازمنة حاولت جحافل الظلام حجب صوتها و طلعتها البهية , فقد حاول الجهلة ان ينكروا امومتها للحياة و الجمال و الجنان و الحب و السلام  ، ونسوا نزولها من عليائها في السماء لزرع البهجة في كوننا الذي كان خربة قبل نزولها. و الذي بنزولها تحول الخراب الى جنان في ارض (ادون) اي جنوب العراق , وهكذا ازدهرت الحياة الى ان جاء نظام العبودية الى العالم فكان اول ما فكروا به هو استعباد المرأة فلفقوا لها تهما شتى , تهمة (الحية) التي سرقت غصن الخلود من (اوتونا بشتم) ثم زعموا انها خلقت من ضلع ادم الاعوج وبفعل رعونتها اخرجت ادم من الجنة. واخير حكموا عليها بالنقصان و النجاسة وانها لا تساوي الا نصف رجل. لقد جاء بالحديث الديني الاسلامي ما نصه (ثلاث يبطلن الصلاة : (المرأة و الكلب و الريح التي تخرج من الدبر).

هكذا استباح ملاك العبيد ووعاظ السلاطين المعممون بعمائم الجهل و الغباء و الخسة كرامة ام الحياة . ام الانبياء .ام الفلاسفة, و العظماء . فهي تُقتل و تٌسبى و تباع باسواق النخاسة بابخس الاثمان . لقد ارتبط مصير هذه الالهة المظلومة بمصير المستغلين و المستعبدين - بفتح السين - طيلة العصور الطبقية ولن تستطيع التحرر من عبوديتها الكاملة الا بعد زوال هذه الانظمة . انهم ينكرون عليها كل موهبة او ابداع انساني .

فمثلا اذا سألت ذلك المعمم الغبي عن زينب اخت الحسين و عن مريم ام المسيح وعن خولة بنت الازور و عن زنوبيا ملكة تدمر وعن ماما تريزا و عن فاطمة ابراهيم و جميلة بوحيرد و عن انجيلا ديفز و عن روزا لكسمبورك و عن انديرا غاندي و عن تلك السيدة الفراتية في ثورة العشرين عندما علمت باستشهاد ابنها هزجت (ربيت ولوليت لهذا) واعقبتها بهلهولة عراقية وكذلك لو سألته عن فتاة الجسر في وثبة كانون 1948حينما اقتحمت جحافل العسكر و عبرت الجسر و استشهدت .

و لو سألته عن ام خشن (فاطمة) الي قادت انتفاضة الفلاحين في ميسان 1952 و اعادوها الى عائلتها شهيدة. وكذلك لو سألته عن رائدات تجديد الشعر العربي الحديث نازك الملائكة و لميعة عباس عمارة وعالمة الاثار لمياء الكيلاني و عالمة المعمار زها حديد. وكذلك لو سألته عن النصيرات اللواتي امتشقن السلاح بوجة النظام الصدامي في جبال كردستان كعميدة عذبي الخميسي وعن عائدة ياسين وغيرهن من الشهيدات الكثار و القائمة تطول وتطول فانت لا تسمع منه الا جوابا واحدا فقط :
(المرأة كلها عورة وهي نصف رجل ووجودها هو فقط لخدمة الرجل حتى ولو كان اميا غبيا معتوها و حتى لو كانت عالمة او شاعرة او طبيبة او محامية او مفكرة او فليسوفة فهي (ناقصة عقل ودين والله خلقها متعة للرجل فقط وهي متهمة مسبقا حتى ولو كانت حبيسة دارها المقفل الابواب فهي كلها عورة حتى صوتها)

لقد تحملت المرأة المسلمة وخاصة العراقية ما لا يوصف من العسف والاستعباد و المهانة حتى طفح الكيل بحلول الاول من اكتوبر عام 2019 فلبست درع الكفاح وشقت جحافل المنتفضين الى ساحة التحرير ، قائلة لاصحاب العمائم : اهربي ايتها الجرذان الى الجحور و ايتها الخفافيش الى دياجير الظلام فاذار العظيم على الابواب .




12/02/ 2020








 



 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter